- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
لولا السلاح (الفلاني) لما تحقق النصر على داعش في العراق
بقلم: نجاح بيعي
كثيرة هي الدول التي ساندت وساعدت العراق في محنته بحربه ضد تنظيمات عصابات داعش, سواء من الأشقاء أو من الأصدقاء في المحيطين الإقليمي والدولي, وهو أمر لا يمكن نكرانه قط وموجب للشكر والتقدير والثناء الجميل لجميع تلك الدول.
ولكن قد يذهب البعص ويعتقد بأن لولا تلك المساعدة الخارجية من هذه الدولة أو تلك, سواء أكانت تلك المساعدة عسكرية أو غيرها لما تحقق النصر على الإرهاب الداعشي!.
وقد يغلوا البعض الآخر ويقرن نفوذ فتوى الدفاع الكفائي للسيد السيستاني (دام ظله) ونجاح تطبيقها على أرض الواقع, بتلك المساعدة الأجنبية المسلحة, وهذا مما لا يقبله عقل عاقل. فكثيراً ما نسمع في الإعلام المتنوع وبالخصوص في مواقع التواصل الإجتماعي عبارات مثل: (لولا طيران التحالف الدولي ـ الأميركي لما تحقق النصر) و(لولا الدعم الإستخباري الروسي لم ينهزم داعش) و (ولولا السلاح الإيراني لم يُكتب النصر على داعش) ومن هذا الكلام الكثير والوفير مما لا يعد ولا يُحصى والى اليوم, ولا أظنه سيكتفي ويقف عند حد ما في المنظور القريب.
بغض النظر عن تلك المساعدات التي هي لم ولن تكن يوماً مجاناً قط في العرف الدولي ـ السياسي والعسكري, كما أكد ذلك مسؤولون عراقيون كرئيس مجلس الوزراء العراقي الأسبق مثلاً, حينما قال في حديث متلفز بتاريخ 1/6/2019م من أن: (إيران لم تعطينا قطعة سلاح مجاناً بل بأموالنا) وأردف قائلاً: (إيران باعت لنا السلاح بأعلى من سعره الطبيعي). أو كما في تصريح وزير الدفاع العراقي وفي حديث متلفز أيضاً بتاريخ 19/5/ 2023م حيث قال: أن (إيران وروسيا لم تمنح الأسلحة الى العراق مجاناً وهما تطالبان حالياً بأموال ثمنها وبفارق تصريف الدولار أيضاً. والأسلحة الإيرانية كانت بقيمة (16) مليار دولار).
وبغض النظر كذلك عن إقحام الفتوى المقدسة أو النصر على عصابات داعش, في جملة شرطية بحيث يتوقف تحققها بتحقق ما يسبقها من شرط بوجود حرف الشرط (لولا) يُعد انتقاصاً من الفتوى المقدسة, ونيلاً من طرف خفيّ من ذات المرجع الديني الأعلى, كون فتواه تلك اقترن تحققها على أرض الواقع بتحقق أمر آخر يسبقها وإلا فلم تعد فتوى...
ألا أن صاحب الفتوى المقدسة السيد السيستاني (دام ظله) كان قد التفت الى تلك الهنة, وكان له موقف ثابت, ورأي جلي واضح من تلك المقولات الشائهة ومن مطلقيها في الخفاء والعلن, موقف ورأي يرفع اللبس الحاصل, ويصحح الفهم الخاطئ. فلو سلمنا جدلاً وأخذنا بالمقولة القائلة: (لولا السلاح الفلاني لما تحقق الشيء العلاني) فمن وجهة نظر ورأي وموقف صاحب الفتوى المقدسة وخطابه الذي تضمنته خطبتي صلاة جمعة كربلاء الثانية في (19أيلول 2014م) وفي (11/12/2015م) تكون لها من التداعيات الخطيرة ما لم يكن في الحسبان ولا يخطر ببال أحد. فالقائل بتلك المقولات يذهب من حيث يدري أو لا يدري الى:
1ـ مس باستقلالية القرار السياسي والعسكري للقادة العراقيين
ـ والدليل قول المرجعية العليا:
ـ(يتعيّن على القيادات السياسية في البلد أن يكونوا على مستوى من اليقظة والحذر والوعي لئلّا تُجعل المساعدة الخارجية لمحاربة "داعش" مدخلاً للمساس باستقلالية القرار السياسي والعسكري للقادة العراقيين).
2ـ ذريعة لرهن القرار العراقي وجعله تبع للقرار الأجنبي وهيمنة الأخير عليه
ـ والدليل قول المرجعية العليا:
ـ(وأن لا يُتَّخَذَ التنسيق والتعاون مع الجهد الدولي في هذا المجال ذريعةً لهيمنة القرار الأجنبي على مجريات الأحداث في العراق خصوصاً المجريات العسكرية الميدانية).
3ـ مدعاة الى خرق القوانين والإتفاقات والمواثيق الدولية التي تنظم العلاقة بين العراق وباقي الدول التي تقدم المساعدة
4ـ وبذلك يتم التجاوز على أراضي العراق وخرق سيادته بإرسال جنود تلك الدول كمقاتلين بذريعة مساندة العراق في محاربة داعش
ـ الدليل الأول قول المرجعية العليا:
ـ(إنّ العراق وإن كان بحاجة الى مساعدة الأشقاء والأصدقاء في محاربة ما يواجهه من الإرهاب الأسود إلا أنّ الحفاظ على سيادته واستقلالية قراره يحظى بأهمية بالغة فلابدّ من رعاية ذلك في كلّ الأحوال).
ـ الدليل الثاني قول المرجعية العليا:
ـ(من المعروف أنّ هناك قوانين ومواثيق دوليّة تنظّم العلاقة بين الدول، واحترام سيادة كلّ دولة وعدم التجاوز على أراضيها هو من أوضح ما تنصّ عليه القوانين والمواثيق الدولية، وليس لأيّ دولةٍ إرسال جنودها الى أراضي دولةٍ أخرى بذريعة مساندتها في محاربة الإرهاب، ما لم يتمّ الاتّفاق على ذلك بين حكومتي البلدين بشكلٍ واضحٍ وصريح، ومن هنا فإنّ المطلوب من دول جوار العراق بل من جميع الدول أن تحترم سيادة العراق وتمتنع عن إرسال قوّاتها الى الأرض العراقية من دون موافقة الحكومة المركزية ووفقاً للقوانين النافذة في البلد، والحكومة العراقية مسؤولةٌ عن حماية سيادة العراق وعدم التسامح مع أيّ طرفٍ يتجاوز عليها مهما كانت الدواعي والمبرّرات، وعليها اتّباع الأساليب المناسبة في حلّ ما يحدث من مشاكل لهذا السبب وعلى الفعّاليات السياسية أن توحّد مواقفها في هذا الأمر المهم وتراعي في ذلك مصلحة العراق وحفظ استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه).
5ـ انتقاص من قدرة أبناء الشعب العراقي وقواته المسلحة على منازلة داعش
ـ الدليل قول المرجعية العليا:
ـ(إنّ الحاجة الى التعاون الدولي لمحاربة "داعش" لا يعني عدم قدرة أبناء الشعب العراقي وقوّاته المسلحة على المقابلة مع هذا التنظيم الإرهابي).
6ـ توهين للمواطن العراقي ولإستجابته الواسعة للفتوى المقدسة
7ـ محق قدرة المقاتلين وسلب جهدهم المبذول في ساحات المعارك ضد داعش ومصادرة نصرهم على الأرض الذي سجلوه ببطولاتهم منذ الساعات الأولى لانطلاق تقدمهم في ميادين القتال
ـ والدليل قول المرجعية العليا:
ـ(فقد أثبتت الشهور الماضية بعد صدور نداء المرجعية الدينية العليا بوجوب الدفاع عن العراق ومقدّساته، وما أعقبه من الاستجابة الواسعة للمواطنين وما حصل من تقدّمٍ ميداني على الأرض، أنه متى ما توفرت الإرادة الوطنية الخالصة وكانت مبادئ التضحية والدفاع عن الوطن هي الباعث والمحرّك للمقاتلين وقادتهم الميدانيين، فإنّ أبناء هذا البلد قادرون بعون الله تعالى على الوقوف بوجه هذا التنظيم ودحره وإن طالت المعركة بعض الوقت).
فواجبنا كما طلب منا السيد المرجع الأعلى السيد السيستاني (دام ظله) التأكيد على أن الجيش العراقي ومن التحق بهم هم الأساس في حماية البلد من شر الإرهاب والإرهابيين وليس هناك غيرهم, والتأكيد على أن أي جهد (آخر) لا يكون حقيقة إلا عاملاً مساعداً يعجل لهم النصر على عصابات داعش: (فلابدّ من تعزيز معنويات أعزائنا وأبنائنا في الجيش ومن التحق بهم من المتطوعين, والتأكيد على أنّهم هم الأساس في حماية البلد من شرّ الإرهابيين, وإنّ أي جهد آخر لا يكونُ إلّا عاملاً مساعداً لهم يعجّل في نصرهم إن شاء الله تعالى).
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري