- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البرلمان الجديد انقلاب على الديمقراطية ؟!
حجم النص
محمد حسن الساعدي البرلماني هو الشخص الذي يكون أكثر الناس حرصاً على المصالح العليا للبلد، ويحفظ حقوق شعبه بصورة عامة، وناخبيه خاصة، كما أنه يمثل المصد الحقيقي لأي تجاوز من قبل القوة التنفيذية على هذه المصالح، كما أنه يؤدي دوراً كبيراً ومهماً في مراقبة عمل السلطة التنفيذية ويصحح الأخطاء ويحاسب المقصرين والمتجاوزين على المال العام اياً كان. لا أريد الدخول في أحداث العراق قبل 2003، ولكني استشهد ببعض الشهادات للتاريخ لا أكثر، فنرى أن الحكم كان رئاسياً، وكان مجموعة من رجال الحكومة يقودهم رجل واحد بحزب واحد اسمه حزب البعث، على جميع مفاصل الدولة العراقية التي تعد من أقدم واهم الدول المؤثرة في المنطقة، وكان واضحاً في البطش والقتل والتشريد، وكانت نهايته من أسوء النهايات لحاكم ظالم قتل شعبه، ودمر الإنسانية في بلد الإنسانية. جاء التغيير، وتشكلت الحكومات، وكنا نأمل الخير بقدوم أناسا رفعوا شعار الظلم من الطاغوت، ليكون حافزاً لهم لمواساة جراح هذا الشعب المسكين الذي ذاق الويلات، وبالرغم من التقدم الكبير والسريع في أبجديات الديمقراطية في العراق ولكننا استغربنا أن الديكتاتور وثقافته ما زالت متأصلة في ثقافة الدولة العراقية، ويبدو أنها أصبحت أسيرة الشخص الواحد والحزب الواحد. لاشك أن الجلسة الأخيرة لمجلس النواب لم تكن بالمستوى المطلوب أطلاقاً ولم تعكس حالة الحرص العالي لدى سياسينا ونوابنا في عقد العزم على إنهاء المشاكل والأزمات وبناء الدولة على أسس صحيحة مع وجود الدماء الجديدة التي دخلت المعترك السياسي. ربما هي خطوة ايجابية نحو ترسيخ مبادئ العمل السياسي، إلا أنه قد شابها نقص كبير، ويتحمل هذا النقص النواب أنفسهم، فهناك من الإرادات من يريد أن يبقى الوضع على ما هو عليه، ويدخل البرلمانيين لأداء القسم، ومن ثم يصار إلى خلق جو غير الجو المراد من هذه الجلسة في انتخاب الرئاسات الثلاث ونوابهم، كما انه أطلق رسالة أن البرلمان الجديد فاشل، ولا يمكنه تقديم شيء جديد للعمل السياسي في البلاد، وان ما يراد به هو فقط الامتيازات والرواتب لا غير. من المقرر عقد جلسة ثانية لمجلس النواب يوم الثلاثاء القادم ربما تدفع عن الانتكاسة التي خلفها عدم عقد جلسة البرلمان الجديد الأولى، ويخفف وطأة الألم في وضع العراق في بوتقة الإطار الدستوري، وإدامة هذه الايجابية في الذهاب يوم الثلاثاء القادم. والسؤال المطروح هل توجد إرادة للتعطيل: نقول نعم هناك أرادة في تعطيل عقد جلسة يوم الثلاثاء، وهذا الشيء يدفعنا للحديث عن الجهات المستفيدة من هذا التعطيل، فمنها من يحرص الحفاظ على منصبه الحالي، لأنه لم يحصل على شيء في الوضع الانتخابي الجديد، والآخر وجد نفسه غير منساق مع حركة التغيير التي نادت بها المرجعية الدينية العليا واُلتف عليها مع الضخ الإعلامي الكبير لجر حديث المرجعية نحو غايات وأهداف البعض، وتوجيه الرأي العام نحو هذه الغايات أمام شعباً لا يرى إلا ما أمامه، ولا يقرأ ما بين السطور ليقف على حقيقة الوضع السياسي الذي أصبح مثار سخرية لبقية الشعوب وممتهني السياسة. أمام كل هذه المتغيرات، والأحداث الأمنية الأخيرة التي هزت كيان الدولة العراقية، وما زالت محافظات تعد خارجة ضوابط وقانيين الدولة العراقية، وأمام خرق واضح للاتفاقات والأطر الأخلاقية والدستورية من تصدير لخيرات البلاد والسيطرة على أراضً هي مثار جدل وخلاف لم يحسم لحد الآن، مع نفوذ في المركز ومحاولة فرض الأمر الواقع على المجتمع العراقي وفق مخطط مدروس بدقة من أجل تفتيت وتقسيم بلداً علّم الإنسانية اللغة والحديث، لا يمكن أن نتوقع أن يكون هناك تغييراً في الواقع السياسي، ولا يمكن أن نتأمل من أجيال من النواب ومعتنقي السياسية، وهي تربت على الخلاف والاحتراب منذ أيام المهجر والمعارضة،لان الوضع السياسي برمته يقاد من ثلاث أو أربع أشخاص أقل ما يقال أنهم غير مدركين للمواقع التي يشغلونها وأهميتها، كما أنهم غير قادرين على التعاطي مع الواقع السياسي والأمني الجديد، وهذا ليس قصوراً في السياسية،بل هو قصور في فهم السياسية، مع تهميش واضح للمخلصين والأوفياء للوطن والذين قدموا عشرات الشهداء من عوائهم ليكونوا غرباء في وطنهم. ما نحتاجه فعلاً أن نؤسس لعراق جديد، يكون محور العمل السياسي فيه هو الإخلاص للوطن دون سواه، وإذابة كل المسميات الحزبية والفئوية والطائفية والقومية في بوتقة واحدة أسمها الوطن، ومن يخرج عن هذا المحور يكون مصيره الطرد من العمل السياسي، مع ضرورة أبعاد جميع الوجوه التي عان منها بلدنا الويل بعد الويل، وندعو إلى نسيان الماضي مع محاسبة المقصر والسارق ونبدأ من جديد مرحلة نحو عراق جديد
أقرأ ايضاً
- ما هو الأثر الوضعي في أكل لقمة الحرام؟!
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري