حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ كشفت الحملة التي تشنها القوات الامنية والمسلحة ضد الفصائل والتنظيمات الارهابية في صحراء الانبار ووادي حوران ومناطق اخرى عن جملة من الامور التي تحتاج الى تفسير وإيضاح للرأي العام العراقي والاقليمي فضلا عن العالمي، اولا على المستوى الوطني كشفت هذه المعارك عن أنها المعارك التي تحدث في الوقت والمكان المناسبين وإن جاءت متأخرة بعض الشيء، وانها تحظى بتأييد شعبي واسع ومن كافة ألوان الطيف المجتمعي العراقي ومفاصله المكوناتية اضافة الى التأييد الرسمي والسياسي الكبير بما يدل على الوعي والتلاحم والتكاتف الوطني كظهير قوي للقوات المسلحة والاجهزة الامنية. وعلى المستوى الوطني ايضا كشفت هذه المعارك بشكل جلي وواضح لا لبس فيه ولاتأويل المواقف التي تناوئ العملية السياسية وتكايد مسيرة الديمقراطية في العراق وتروم إرجاع العراق الى المربع الاول وخانة الديكتاتورية وتقف بالضد من تطلعات الشعب العراقي وخياراته في تأسيس دولة مدنية، فلم يعد هنالك قناع او ستار حاجب فقد بلغ السيل الزبى ووصلت الامور "للعظم" كما يقول المثل الدارج فقد انعزلت الاصوات وانفردت تلك التي تدعي بان توجه الفعاليات العسكرية هو ضد طائفة معينة ومكون معين وان تلك الفعاليات تسير بخطى مليشياوية وانتقائية لاسيما الاصوات التي تُسوِّق ما يحدث للرأي العام على انها معركة ضد اهل السنة وفي محافظة سنية (الانبار) وهذه المحافظ تقاتل دفاعا عن نفسها امام "مليشيات" حكومية ـ المالكي تحديداـ تأتي من مناطق اخرى ومن طائفة اخرى وهذه "النغمة" نجدها في وسائل الاعلام العربية الممالئة (وبعض المحلية) لهذه الاصوات النشاز، وانعزلت ايضا الرؤى غير الناضجة التي تفسر الفعاليات السياسية والعسكرية والأمنية على هواها ورؤيتها الحزبية او الطائفية او المناطقية أو تفسرها على أنها مجرد دعاية انتخابية تمهيدا لخوض الانتخابات بانجاز امني نوعي حسب رؤيتها القاصرة لواقع حال المشهد العراقي الذي تلتبس فيه الكثير من الأمور الشائكة والمعقدة، ومن الغريب ان بعض هذه الجهات تخشى من سطوة وفتك الإرهاب وهي من ضحاياه وأهدافه اليومية وتخشى في الوقت نفسه من ان يُحسب نجاح العمليات العسكرية في القضاء على الإرهاب وتجفيف منابعه وإطفاء حواضنه، يُحسب في صالح السيد المالكي الذي يقود هذه المعركة المصيرية، في معركة اخرى هي معركة الانتخابات!!!!. وثانيا على المستوى الإقليمي والمجال الحيوي للعراق كشفت تلك المعارك التي يخوضها العراق ان هذا البلد يكاد ان يكون وحده في الخندق المناوئ للإرهاب ويتحمل العبء الأكبر من المواجهة الشرسة ضد التنظيمات الإرهابية ويدفع الثمن الأبهظ من خلال هذه المواجهة والأعمال الإرهابية والتدميرية التي تقوم بها تلك التنظيمات،كما كشفت عن زيف ادعاءات بعض دول الجوار العراقي حول مكافحة الإرهاب والعكس هو الصحيح وهي دول ما فتئت تغذي الإرهاب بكل إمكاناتها كما تثبت الادلة والوثائق والوقائع واعترافات الارهابيين الذين تصطادهم القوات الامنية، بل ان هذه التنظيمات الارهابية هي اذرع تلك الدول في هذا المسعى التخريبي ضد العراق بكل مرتكزاته الحيوية والبشرية. وثالثا على المستوى العقائدي والمهني اثبت الجيش العراقي انه جيش عقائدي ووطني ومهني ولكل العراقيين ويتمتع بكفاءة ومهنية عالية وهدفه الاول المتوخى هو حماية العراقيين جميعهم وترسيخ أمنهم وصيانة سيادة العراق واستقلاله وأمنه القومي وسلامة أراضيه وحدوده، مصححا المسار الخاطئ الذي انتهجته مؤسسة الجيش في العقود السابقة حيث كان الجيش اداة قمعية من أدوات السلطات الشمولية/ الشوفينية/ البوليسية السابقة،او جسرا لوصول العسكر الى السلطة في انقلابات دموية تحرق الاخضر واليابس ليس للشعب العراقي فيها ناقة ولاجمل. ورابعا على المستوى السياسي اثبتت هذه المعارك المحتدمة صواب الرؤية العراقية(التي جوبهت بالنقد اللاذع من قبل اطراف محلية واقليمية لاسباب طائفية /سياسية كيدية) تجاه الأحداث السورية منذ باكورة اندلاع شرارتها قبل أكثر من سنتين وكان العراق متوجسا من انحراف بوصلة المعارضة السورية،التي بدأت كثورة وطنية ضد النظام السوري، الى اتجاهات بعيدة كل البعد عن هذا الهدف(الذي يبدو ظاهريا انه يسير باتجاه إسقاط النظام السوري) وفي مشروع سيا / طائفي اقليمي يشمل المنطقة كلها وليس سوريا وحدها، والعراق اهم مفصل في هذا المشروع التدميري، فقد حذر العراق مبكرا من هذا الانحراف وامتداده ليشمل دول الجوار السوري وانتشار خطر الجماعات والتنظيمات الإرهابية والتكفيرية والسلفية الى تخوم الدول المجاورة، بل وارتداده ـ كما هو متوقع ـ الى اعماق الدول التي تساند الارهاب وتموله وتتخذه وسيلة لضرب وتدمير العراق ـ وقد تحقق التحذير العراقي بوجود "داعش" التي تعمل بتكتيك وتخطيط عالي المستوى واستراتيجية كبيرة بعيدة المدى ما يعكس حجم ومستوى الدعم الإستراتيجي واللوجستي الاقليمي/ الجواري وقوة الحواضن وتمركز هذه التنظيمات في العمق العراقي. انها معركة اول الغيث الذي انتظره العراقيون طويلا فهل يعي الإرهابيون ومن يقف وراءهم الدرس؟ إعلامي وكاتب مستقل [email protected]
أقرأ ايضاً
- رمزية السنوار ودوره في المعركة
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى