حجم النص
بقلم:علي حسين
الحمد لله أن انتهت الأزمة الدبلوماسية العنيفة بين جمهورية حيدر الملا، ومملكة كاظم الصيادي سريعا، ووقى الناس شر حرب بين دولتين جارتين في مرحلة عصيبة نواجه فيها إرهاب المفسدين والانتهازيين وإرهاب السذاجة السياسية في وقت واحد. ذلك أن حالة التوتر المكتوم بين الدولتين، منذ أن أعلن السيد إبراهيم الجعفري أن النعيق عكس الصراخ، وعليه يجب أن يعقد رؤساء الكتل جلسة طارئة لمناقشة هذا التحول اللغوي.
وكان آخر تجليات الصراع حين شكلت لجنة، أرجو من جنابك الكريم ان لاتتوهم أن اللجنة شكلت لمناقشة الحوادث الإرهابية التي يروح ضحيتها العشرات كل يوم.. ولا لفتح ملفات الفساد، ولا لنصرة أهالي الأحياء الفقيرة في البصرة وميسان ونينوى وصلاح الدين وبابل والنجف.. فاللجنة الموقرة ايها السيد المواطن شكلت من اجل شن صولة ضد كل من يتجرأ ويتحدث عن تدخل دول الجوار في الشأن العراقي.. لتنطلق الهلاهل فرحا في أرجاء البرلمان.. الأمر الذي دفع البعض لإصدار قرار فوري رفض بموجبه استقبال الملا على التراب الوطني لدولة كربلاء وامارة البصرة، مطلقين صيحاتهم المدوية بأنهم لن يسمحوا لأي اجنبي بتدنيس حدودهم البرية.
إلا أن الجميع تنفسوا الصعداء مع البيان العسكري الصادر عن مقر جامعة الدول العراقية الذي فتح بابا صغيرا لإمكانية التسامي على الخلافات بين الأشقاء والاصطفاف في خندق واحد ضد العدو المشترك المتمثل بمجاميع من " البؤساء " أطلق عليهم سهوا اسم " العراقيين " الذين يسعون إلى تخريب العملية الديمقراطية من خلال مطالب أصبحت من المستحيلات، مثل الكهرباء والخدمات والتأمين الصحي، وينفذون أجندات خارجية تمولها الإمبريالية العالمية.. ففي خبر عاجل بثته وكالات الأنباء، ذكر مصدر برلماني ان مصالحة عشائرية تمت بين النائب في القائمة العراقية حيدر الملا والنائب كاظم الصيادي.
كنت أعتقد أن كارثة العراقيين ومأساتهم أكبر ـ أو هكذا يفترض ـ من أية مماحكات ومزايدات سياسية صغيرة بين السادة الزعماء، فليس من المعقول أن نعطل البرلمان لمجرد أن الزعيمة حنان الفتلاوي لا تحب الرئيس سلمان الجبوري، أو أن الأخير يعتبر نفسه إداريا أعلى من الزعيمة، أو أن أحدهما يستثقل دم الآخر.
يكتب أريك دورتشميد في كتابه الصادر عن المدى " دور الصدفة والغباء في تغيير مجرى التاريخ ": إن هناك ثلاث مراحل للسذاجة السياسية، أولها حين يطلقها شخص غبي، والثانية حين يصدقها إنسان ساذج،والثالثة حين ينقلها ارعن.. ويقول المؤلف إن الناس البسطاء غالبا ما تصدق سذاجة السياسيين.. فهي تميل إلى تجريب كل ما هو غريب.. مهما بدت هذه السذاجات غير معقولة، أو بعيدة عن التصديق.. ويضيف المؤلف: وقد شهدنا كيف بدأت الحروب بالسذاجات قبل المدافع.
من الواضح أن كلاً من رؤساء وأمراء وملوك البلدان العراقية، يتعاملون مع الحالة العراقية بدرجة عالية من السذاجة، وإلا ما معنى هذا السيل المتناقض من التصريحات التي تقال هنا وهناك، تجعل الحقيقة تضيع عن الناس مثلما ضاعت دماء الضحايا الأبرياء، فيما الإرهابيون يسخرون منا ومن قادتنا الأمنيين الذين ما يزالون عبيد نظرية "كل شيء تحت السيطرة"؟!
العجيب أن تنتقل أعراض هذه الحرب الساذجة إلى مقر جامعة الدول العراقية في البرلمان فبعد أن أصدر الجعفري قرارا بقبول الصلح العشائري وصدور بيان حكومي يبارك هذه الخطوة الجبارة، خرجت علينا النائبة حنان الفتلاوي لتسخر من الجميع مهددة بأنها ستستخدم حذاءها "النووي" ضد كل من لا يرغب بولاية ثالثة للسيد المالكي.
على السادة القائمين على البرلمان إن يجيبوا على سؤال يؤرقنا جميعا: من المسؤول عن اللعب بمقدرات الناس وحياتهم ومستقبل أبنائهم من خلال إشاعة كل هذه الحكايات السذاجة؟ ومن الذي يدفع باتجاه حرب طائفية؟
يا جماعة نريد الحقيقة..لأن السذاجة لاتبني أوطاناً.
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي