أعرب ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 14 ربيع الثاني 1430هـ الموافق 10-4-2009م عن أسفه وعميق حزنه وألمه نتيجة العمليات الإجرامية التي حصدت العشرات من الشهداء والجرحى، وابتهل إلى الله تعالى بقوله: نسأله تعالى أن يتغمد الشهداء برحمته الواسعة ويمن على الجرحى بالشفاء العاجل وأضاف: إن المهم تشخيص الجهة التي قامت بهذا العمل الإرهابي لكن الأهم أن يكون في سياق تشخيص الأسباب والظروف التي أدت إلى حصول هذا الكم من العمليات الإجرامية وفي وقت واحد بعد التحسّن الأمني النسبي.
وأبدى الشيخ الكربلائي خشيته من التداعيات الكبيرة والنتائج الخطيرة التي ستتركها مثل هذه العمليات، فأفصح أنه وبعد التحسن الأمني النسبي أمكن زرع الثقة لدى المواطن بالأجهزة الأمنية وبالتالي زرع الثقة بعض الشيء بالحكومة الوطنية المنتخبة .. مؤكدا أن تعزيز العلاقة بين المواطن وهذه الأجهزة وكذلك زرع الثقة لدى الأجهزة الأمنية نفسها بقدرتها على ضبط الأمن وبالتالي فان ذلك يشجعّها على تقديم المزيد من الجهد والعطاء لخدمة المواطن ويولّد حالة من الإحباط وعدم الثقة بالنفس لدى الجهات الإرهابية، كما إن لها تأثير سلبي في تخفيض نسبة النازحين من المواطنين الذين يرغبون بالعودة للبلد وكذلك عزوف المستثمرين والشركات من الاستثمار في العراق.
ودعا سماحته الجهات الأمنية من تعزيز الثقة لدى المواطن تجاه القوى الأمنية من خلال تحسين الواقع الأمني أكثر وعدم السماح بحصول مثل هذه الثغرات.
مبينا إن هذه الأعمال الإرهابية تمثل جرس إنذار قوي للمكونات السياسية الحاكمة للبلد بان تطوي الخلافات فيما بينها وان استمرارها في ذلك سيؤدي إلى تضييع البلد وإضافة المزيد من المآسي والويلات والدمار والأرامل والأيتام والمعوقين ... وسيعطي الفرصة للإرهابيين للقيام بالمزيد من العمليات الإجرامية، وأوصى جميع الكتل السياسية بنكران الذات والتضحية وتقديم المصالح العليا للبلد والشعب العراقي على مصالحهم الذاتية.
وبمناسبة حلول الذكرى السادسة لسقوط النظام الصدامي البائد أكد سماحته إن الشعب العراقي تعرض لتجربة قاسية وصعبة وتعرض للكثير من الآلام والمحن والمصاعب بسبب تداعيات الغزو الأجنبي وآثاره السلبية وكذلك الدمار والتضحيات الكبيرة التي قدّمها بسبب العمليات الإرهابية، وصموده أمام تحدي وخطر الوقوع في الحرب الأهلية ومحافظته على وحدة البلد وكذلك ما حصل من تدخلات دولية وإقليمية أضرت به كثيرا، وطالب المكونات السياسية والشعب الذين مرّوا بهذه التجربة المؤلمة أن يتخذوا الدروس والعبر والتوجه من خلالها لنبذ الخلافات والتوجه لبناء عراق موحد قوي ومستقر وآمن يتعاون جميع مواطنيه للنهوض والخروج من هذه المآزق.
وعن ذكرى حلول استشهاد العالم الرباني والمفكر الإسلامي الكبير الشهيد السعيد محمد باقر الصدر ( قده) وذكرى استشهاد العلوية المؤمنة الصابرة المجاهدة بنت الهدى ..تغمدّهما الله تعالى برحمته الواسعة واسكنهما فسيح جناته مع جدتهما الزهراء (عليها السلام) وفي الوقت الذي استذكر ممثل المرجعية الدينية العليا تلك الفاجعة قال: علينا أن لا ننسى في الوقت الذي نحيي ذكرى هذين العلمين المؤمنين المجاهدّين – أن هذه الدماء الزكية الطاهرة التي روّت ارض الإسلام وارض العراق هي ثمن باهض وغال على أنفسنا دُفِعَ من اجل أن ينال هذا الشعب حريته ويستعيد كرامته وعزته.
وأعرب عن أمله أن نتخذ من سيرتهما العطرة مشاعل نور نهتدي بها في معترك الحياة الصعبة والتجربة القاسية التي نمر بها الآن، وكذلك نتعلّم منهما نكران الذات والعمل الجهادي المتواصل من اجل الأمة والعزوف عن هذه الدنيا وخدمة الناس وقضاء حوائجهم، ونتعلم من سيرتهما الشخصية كيف نقوّي ونعزز علاقتنا مع الله تعالى ومع الأمة خاصة الطبقات المستضعفة والمحرومة منها، وكيف نخلص في عملنا ولا نبتغي شيئا من حطام الدنيا من تحصيل المواقع والمناصب... وعلينا أن نحيي هذه السيرة العطرة للشهيدين السعيدين ولا نكتفي بمجرد إلقاء الكلمات والخطب ونحن بعيدون في واقع حياتنا العملية .. نبحث عن المصالح الذاتية والمكاسب الشخصية ولا يهمنا مصلحة الأمة بقدر ما يهمنا مصالحنا ومصالح الجهات التي ننتمي إليها .. فهذا في الواقع أمانة في أعناقنا وليس إحياء لذكراهما فحسب... فسلام عليهما وسلام على جميع العلماء الشهداء يوم وِلدا ويوم استشهدا و يوم يبعثا يوم القيامة ليشكوا إلى الحاكم العدل بما لحق بهما من ظلم وجور.
ومع استلام مجالس المحافظات الجديدة لمهامها أعرب سماحته عن أمله أن يستحضر الإخوة أنهم يعملون بعد أن قلّدهم المواطنون هذه الأمانة العظيمة في ظروف صعبة ومعقدة ومؤلمة .. والحال أن الكثير من شرائح المجتمع تعاني من الحرمان والعوز والفاقة والمرض والبطالة وقلة الخدمات.. فهم يعملون في مرحلة خطيرة وحساسّة في ظل أوضاع استثنائية مليئة بالآلام والهموم وكثرة الأرامل والأيتام والفقراء والمحرومين.
فعليهم مسؤوليات مضاعفة وعليهم أن يشمروا عن سواعد الجد والهمة والإخلاص والعمل الدؤوب والتضحيات ونكران الذات وتقديم أقصى ما يمكن من خدمة للمواطنين وبالتالي فان إخفاقهم سيضعهم أمام محاسبة عسيرة وقاسية من أبناء هذا الشعب، بل أمام الله تعالى وسيؤدي ذلك أيضا إلى فقدان ثقة الناس بهم بل فقدان ثقتهم بالتجربة الانتخابية..
وختم ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي خطبته قائلا: وليعلموا أنهم لم يستلموا المسؤوليات في ظل بلد آمن ومستقر ومزدهر حتى تكون لهم الحرية والخيار في أن يعملوا أو لا يعملوا ولا يكون هناك مراقبة ومحاسبة عليهم!! بل استلموا المسؤوليات في ظل ظروف صعبة ومؤلمة لهذا الشعب والمطلوب منهم الاتصاف بالإخلاص والنزاهة والحرص على تقديم الخدمة ونكران الذات ونسيان الخلافات من اجل التفرّغ لتقديم أقصى ما يمكن من خدمة لهذا الشعب.
أقرأ ايضاً
- لبنان: نعول على دعم العراق في إعادة الإعمار
- ممثل عنها التقى الشيخ عبد المهدي الكربلائي.. الأمم المتحدة تثمن جهود العتبات المقدسة بدعم الشعب اللبناني
- الكاظمي يفتح النار على "المهرجين" و"المرتزقة" بعد اتهامات تخص "سرقة القرن"