التدريس الخصوصي هل رغبة الطلبة أم تقصير المدرسين؟ حتى أصبح ظاهرة وواقعا ملموسا في الحياة، وبعد أن كان الدرس الخصوصي يرتبط في الماضي بأحد الأمرين، إما أن يكون الطالب ضعيفًا للغاية، وبالتالي يحتاج إلى جهدٍ مضاعف واهتمامٍ متزايد، أو أن يكون الطالب غنيًّا فيصبح الدرس الخصوصي في هذه الحالة نوعًا من أنواع الرفاهية والبذخ، لكن ما يحدث اليوم في بعض المدارس قد تحول قسم منها إلى أماكن ترفيهية يذهب إليها الطلاب للترفيه عن النفس حتى يستطيعوا مواصلة الكفاح في \"الجري\" وراء المدرسين الخصوصيين من منزلٍ إلى آخر، ويتحوَّل المدرس فيها إلى \"تاجر\"، ويصبح وجوده في المدرسة مرتبطًا باحتياجه إلى اصطياد زبائنه مَن يرهقون آبائهم بملايين الدنانير تحت ذريعة المعدلات التي تسنح لهم الفرص بالتنافس على الكليات المميزة .
أما أولياء أمور الطلبة فكثيرا ما يعانون من مسالة التدريس الخصوصي التي باتت مستشرية في عموم العراق وتوسعت حتى أصبحت عند البعض بديلا عن الدروس النظامية وأصبح الطلبة يحملون عبء هذه الدروس وثقلها مما قلل تحصيلهم العلمي وتردت نتيجة لذلك نتائجهم إضافة إلى المبالغ التي يدفعها آباء الطلبة للمدرسين الخصوصيين وقد ساعد في انتشار هذه الظاهرة وتعميقها كونها مربحة للأساتذة ففي الفترة السابقة كان راتب المدرس لا يتجاوز الدولارين بالشهر الواحد؛ فكان يلجا الى التدريس الخصوصي من اجل تحسين مصدر رزقه؛ رغم إنه ليس بمبرر، أما الآن وبعد التعديل الحاصل على رواتب الكوادر التدريسية فقد أصبح راتب بعض من التدريسيين يفوق المليون دينار عراقي أو ما يعادل (900) دولار أمريكي، إلا إننا نلاحظ ان هذه الظاهرة ما زالت مستشرية وقد أدمن بعض من المدرسين على التدريس الخصوصي وبشكل واضح وعلني ..
وما نلمسه اليوم من المدرس في الصف إنه لا يقوم بإيصال المعلومة ولكننا نراه في الدرس الخصوصي يقوم ببذل جهد اكبر لإيصال المعلومة بشكل جيد، والمضحك في الأمر إن بعض الأساتذة والتدريسيين اليوم بدؤوا بطبع الكارتات الخاصة بكل أستاذ وما يُدرسه، والطالب يقوم بإعطاء الطلبة كارتات مكتوب على احد جوانبيه عنوان واسم المدرس وعلى الجانب الثاني مرسوم خريطة لبيت المدرس من اجل تسهيل وصول الطالب الى داره إضافة الى ان اغلب المدرسين يقومون ببيع ملازم على طلبة الصف، ويدفع لقاء هذا الدرس مبلغ من (500-750) دولار سنويا ..
والمشكلة لم تزل هكذا حتى تتطور عند بعض المدرسين بمكيالين وهي أن المدرسين بدؤوا يأخذون سعرا لتدريس الطالبات وآخر لتدريس الطلبة وسعرا للتدريس المختلط فمثلا ان الطالبة التي تأخذ درسا خصوصيا مع قريناتها الطالبات يكون السعر أكثر مما تأخذه الطالبة درسا خصوصيا عاما أي مختلطا \"معتبرا ان هذه الظاهرة باتت تثقل العائلة فإذا كان الأب لديه أكثر من ابن في المراحل الإعدادية والمتوسطة فانه سيتحمل مصاريف دفع الدروس الخصوصية من اجل ان يعبر ابنه أو أبنته الى مرحلة دراسية أخرى، هذا ما يشجع على تفشي ظاهرة أخرى هي دمج الطلاب والطالبات في قاعة الدرس الخصوص وبينما التدريسي مهتم بإعطاء مادته الخصوصية يبدأ تبادل أرقام الهاتف النقال والمسجات التي تصل أحيانا الى تبادل كلام الغرام والألفاظ المعيبة، وإقامة العلاقات العاطفية التي قد تصل الى انجراف الطالب المسلم نحو الانحراف الخلقي..