بين شهر وآخر ترتفع حالات الطلاق في العراق لأسباب عديدة منها الزواج المبكر، والأوضاع الاقتصادية، واستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، والخيانة الزوجية، بالإضافة إلى العنف الأسري، لكن طلاقا من نوع آخر تزايد في السنوات الأخيرة ليس سببه المشاكل الأسرية بل الهدف منه تحقيق مردود مالي.
و"الطلاق الوهمي" ظاهرة انتشرت في المجتمع العراقي، بهدف الحصول على راتب الإعانة الاجتماعية للمطلقات، لكن تداعياتها خطيرة على الأسرة، الأمر الذي يحذر منه مراقبون ويطالبون الدولة بإجراءات مشددة للحد منها لما لها من سلبيات عديدة أهمها انتشار التفكك الأسري.
وتقول سناء مهدي (45 عاما)، إن "العوز أجبرني على الطلاق الوهمي من أجل الحصول على راتب الرعاية الاجتماعية الذي لا يتجاوز الـ180 ألف دينار، فزوجي عاطل عن العمل وأنا ليس لدي شهادة لأجد عملا يؤمن احتياجات أسرتي، لذلك فكرنا أنا وزوجي بهذا الأمر فتوجهنا إلى المحكمة وحصل الطلاق لكننا أبقينا على العقد الشرعي (عقد السيد أو الشيخ)".
وتضيف "راتب الرعاية الاجتماعية على الرغم من بساطته لكنه يوفر لنا لقمة عيش لعدد من الأيام"، مستدركة "لكننا مع مرور كل يوم يزداد خوفنا من كشف الأمر ويكون مصيرنا السجن، لكن ما ذنبنا نحن، الدولة أجبرتنا على التحايل عليها بسبب عدم توفيرها رواتب للعوائل المتعففة".
وتخصص وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، راتبا شهريا لكثير من الفئات المستحقة، ومنها المطلقات والأرامل، وفق بيانات يتم التأكد من صحتها شهريا، وهناك 109 آلاف و567 مطلقة مشمولة بالمعونة، و244 ألفاً و689 أرملة.
بدوره يؤكد مستشار وزير العمل والشؤون الاجتماعية كاظم العطواني، أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، أطلقت مطلع العام الحالي حملة استرداد، وهي تستهدف المتجاوزين على شبكة الحماية الاجتماعية الذين حصلوا على الإعانة بطريقة غير شرعية ودون وجه حق وبعضهم بالاحتيال ومنها الطلاق الوهمي، وتغيير موقع السكن إلى منطقة مصنفة من المناطق الأكثر فقراً أو في العشوائيات وحتى بعض الرجال سجلوا على أنهم نساء".
ويوضح "ظاهرة الطلاق الوهمي كانت إحدى هذه الحيل للحصول على الإعانة الاجتماعية وأخذ حق امرأة أخرى مستحقة لها، وتم تسجيل العديد من هذه الحالات واكتشافها وجرى قطع الإعانة عنهم واسترداد جميع الأموال التي بذمتهم بالإضافة إلى إحالتهم إلى القضاء وفق كتب رسمية، وهناك حالات طلاق وهمي تحولت إلى طلاق حقيقي دون أن تضمن الزوجة حقوقها على اعتبار أن الطلاق شكلي من أجل الإعانة".
ويبين العطواني "كإحصائية عامة بلغت الأموال المستردة من المتجاوزين على الإعانة الاجتماعية ما يقارب 220 مليار دينار منها 13 ألف متجاوز من المقترضين".
ويكمل "عدد المتجاوزين الذين كشفهم تقاطع البيانات في عام 2023 بلغ ما يقارب 193 ألف متجاوز على الإعانة الاجتماعية، فيما بلغ عدد المتجاوزين الذين كشفهم تقاطع البيانات منذ 2/1/2024 ولغاية الآن ما يقارب 27 ألف متجاوز ويجري تدقيق ملفاتهم لغرض احتساب الأموال المترتبة بذمتهم".
وأعلن وزير العمل والشؤون الاجتماعية أحمد الأسدي، في 1 تشرين الأول 2023، عن شمول 668 ألفا و971 أسرة بإعانات الرعاية الاجتماعية منذ تشكيل الحكومة الحالية في 1 تشرين الثاني 2022.
من جانبه، يشرح الباحث الاجتماعي أحمد مهودر، أن "الطلاق الوهمي في المجتمع العراقي من المواضيع المهمة التي بدأت بالازدياد في الآونة الأخيرة وأصبحت تتردد على مسامعنا عبر أحاديث الناس وتتناقلها وسائل التواصل الاجتماعي، الأمر الذي أصبح يتطلب حملة كبيرة من التوعية والتثقيف لما لها من مخاطر جسيمة تهدد الأسر".
ويحذر من أن "هذه الظاهرة تشير إلى وجود تفكك أسري ومشاكل في المجتمع وغياب العدالة والمساواة الاجتماعية التي لها دور مهم جدا وواضح، فهناك عدم تكافؤ بالفرص وتوزع الثروات على أبناء المجتمع، فنجد هنالك عوز وطبقات فقيرة جدا، وأيضا هنالك أناس أثرياء تركزت الأموال بأيديهم وبالتالي قد تضطر بعض العوائل إلى اللجوء لهذه الحيلة من اجل الاستفادة من راتب الرعاية الاجتماعية للمرأة المطلقة".
ويشير إلى أن "على الحكومة أن تقوم بتوزيع المستحقات المالية ورواتب الرعاية على الأسر والعوائل المتعففة التي ليس لديها وظيفة أو عمل أو مصدر رزق يوفر العيش الكريم، للتقليل من نسب الفقر في البلد والحد من انتشار مثل هكذا ظواهر".
يشار إلى أن رجال الدين، أكدوا في استفتاءات سابقة، على أن المراجع الدينية لا تحلل مخالفة القانون، ويصنفون الطلاق الوهمي بأنه غير شرعي، باعتبار أن المطلقة ترتكب صوريا أفعالا محرمة، منها التزوير والتحايل على الدولة والقانون، ومعاشرة الزوج الذي طلقت منه بمخالفة للشرع والقانون بينما هي لم تعد جائزة لمعاشرته.
إلى ذلك، ينبه الخبير القانوني جمال الأسدي، إلى أن "الطلاق الوهمي يعد تحايلا على القانون ويندرج ضمن التزوير، بما يعني أن المواد القانونية التي سيعاقب وفقها المتورطون بذلك هي التزوير، حيث تصل مدة السجن إلى 15 سنة بحسب مواد قانون العقوبات، كما تدخل هذه الحالات في خانة الاحتيال وفق القانون".
ويشدد على أن "وزارة العمل والشؤون الاجتماعية لديها الحق القانوني في قطع الراتب الشهري، فضلا عن استرداد المبالغ التي تم تلقيها كافة، وفق قانون تحصيل الديون الحكومية".
وتعلن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بشكل متكرر عن كشفت حالات من "الطلاق الوهمي" والصوري، وهذه جريمة تزوير تتم بالاتفاق بين الزوجين، ومن ضمن مهام الباحث الاجتماعي التأكد من صحة حالات الطلاق، والاستفسار من مختار المنطقة والجيران للتأكد من أن المرأة مطلقة رسميا قبل أن تستلم راتب الرعاية الاجتماعية.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- مستقبل أخضر.. جهود لمكافحة التصحر بزراعة 15 ألف شجرة في الموصل
- هل تنجح "الدورات الإلزامية" للمقبلين على الزواج بالحد من تزايد الطلاق؟
- تـخصص لها اكثر من تريليوني دينار :ماهي الـ (37) مشروع التي خصصتها الحكومة الاتحادية لمحافظة كربلاء؟