- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أَنَا وَمِنْ بَعْدِي اَلطُّوفَانِ
بقلم: حيدرعاشور
انتشار العديد من الأمراض النفسية والعقد الاجتماعية في نفوس بعض من يتبوؤون مناصب وتضعهم المؤسسات في غير حقل مهنيتهم وقد يكون ذلك عن قصد أو دون وعي من الجهات المعنية، فيتطور الأمر ليكون في وضع كالأسلاك الشائكة لا مفر من أوجاعها.. ولا مفر من معايشة مدى خطورتها على التطور وازدهار المكان.
فقد أصبح الكثير كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمال غير مدركة للخطأ الذي ترتكبه في حق نفسها حين تغمض عينيها عن رؤية الحقائق... وهذا كله ينبع من العمل السلبي في مواجهة ظاهرة أو مشكلة اجتماعية مهما بلغ مدى انتشارها إلا أنها إذا لم تعترض الحياة بصورة مباشرة فهي في هذه الحالة لا تستحق أن تنشغل من أجلها خلية واحدة من خلايا العقل أو دقائق من الوقت رغم أن الوقت في الحياة لا قيمة له عند البعض ولسان الكل يردد: (أنا ومن بعدي الطوفان) وكأن هذه العبارة أصبحت شعارا يردده الكم الأعظم من أصحاب النفوذ أو من لهم سطوة في الحكومة، وخاصة من هم في مراكز متقدمة بالمؤسسات المهمة للبلد... دون خجل أو إحساس بالمسؤولية. وما أكثر الفاشلين الذي يقودون ثلة من لهم الخبرة والتجربة والمهنية على صعيد العمل.
قد لا يعلن ذلك بصراحة إلا أن تصرفاتهم تهتف به بكل وضوح ولهذا السبب تتفاقم مشاكل البلد وتتزايد حتى تصبح طوفانا عندما يبدأ بالزحف والامتداد يعجز أي شيء عن الوقوف أمامه أو التصدي له بالإمكانات الفردية وربما الجماعية أحيانا وذلك إذا تركت الأمور على علاتها دون إيجاد حلول مناسبة لها قبل فوات الأوان ولن يحول التباعد عنها ومراقبتها عن بعد من لسعات النيران، ولن يجد الفرد نفسه ألا وهو ينجرف مع الطوفان.
لكن ما أن تقترب المشكلة أو غيرها بصورة مباشرة وتدخل في صميم حياة الإنسان وتصبح بالنسبة له كابوسا مزعجا يأبى مفارقته ليلا ونهارا حتى يصرخ بأعلى صوته طالب من الآخرين أن يهبوا لنجدته... لكن نداءات الاستغاثة في هذه الحالة لن تجد لها صدى فهي تنتقل في فراغ التجاهل واللامسؤولية التي خلفها انسلاخ كل فرد عن هموم الآخرين.