بقلم: القاضي اياد محسن ضمد
تصبح عملية تشريع قوانين العدالة الجنائية ليست بذات جدوى في ظل غياب المؤسسات التنفيذية القادرة على تطبيق تلك القوانين وتحقيق أهدافها.. إذ لا جدوى من تشريع قانون متطور لمكافحة الجرائم العادية وأنت لا تمتلك كاميرات مراقبة متطورة يمكن من خلالها متابعة حركة الافراد في جميع المدن والشوارع والأزقة لتسجيل ما يقع من جرائم وتعقب مرتكبيها ولا جدوى من تشريع قانون لمكافحة غسل الاموال ودوائر التسجيل العقاري والكمارك والضريبة ومسجل الشركات وهذه الدوائر ما زالت تعمل بأنظمة ورقية قديمة وتقليدية لا تمكنها من تقديم المعلومات حول طريقة تصرف غاسلي الاموال بأموالهم وما هي العقارات والشركات والاسهم والعجلات التي اشتراها غاسل الاموال او زوجته او احد ابنائه بالاموال المتحصلة عن جريمة.
وفي هذا السياق يقول احد الزملاء القضاة ان العديد من التشريعات النافذة لدينا هي تشريعات اكثر تطورا من بيئتنا المؤسساتية ومناخنا التنفيذي لأجل ذلك فهي تشريعات ثقيلة لا تستطيع مؤسساتنا حملها والنهوض بها والإيفاء بمتطلباتها لذلك تجد ان الكثير من المؤسسات تعجز عن تقديم البيانات والادلة امام القضاة في الدعاوى التي تنظرها المحاكم، في اوربا يتم الاعتماد على انظمة الربط بين البيانات عند اجراء التحقيق مع المتهمين لان تلك الدول تمتلك معلومات دقيقة ومفصلة عن كل مواطن من مواطنيها وعن زوجته وابنائه وهذا البيانات والمعلومات يمكن تجميعها بضغطة زر واحدة لا تستغرق أكثر من بضع ثوان عن تاريخ ميلاده وتحصيله الدراسي ومحل سكنه وتأمينه الصحي والامراض التي يعاني منها وتحاسبه الضريبي ومقدار راتبه الشهري والسنوي والسيرة المالية والاقتصادية لعائلته والعقارات المسجلة باسمه.
وفي حال ظهور اي زيادة او تضخم ملحوظ في أمواله فان من السهل مساءلته جنائيا وربط هذه الزيادة بجريمة منسوبة اليه او بكسب غير مشروع يتهم به لأنه وفي ظل نظام مؤسساتي متطور لا يستطيع إخفاء أمواله او تهريبها.
يجب ان تمتلك الدولة ضغطة زر تكشف من خلالها العقارات التي سجلت باسم كل شخص وأرقام الهواتف التي استخدمها طيلة حياته والجرائم المسجلة في سجله الجنائي وغيرها من المعلومات التي يمكن ربط بياناتها للتوصل لمدى علاقة الشخص بجريمة ما.
ضغطة زر تربط كافة البيانات الشخصية وتضعها كأدلة امام المحاكم من اجل عدالة جنائية دقيقة وسريعة وناجزة.