- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
بالمناسبة.. مطلوب قليل من الحياء
بقلم: عبدالمنعم الأعسم
يمكن ان نفهم اندفاع اشخاص من انصاف الموهوبين، وبعض الفاشلين منهم بالحياة، الى طلب الشهرة، والظهور كمتفوقين وابطال في مجالات مختلفة باستخدام وسائل ملتوية، او لا أخلاقية، او من خلال مغامرات صبيانية، او اللجوء الى انتحال صفة وهوية شخصيات شهيرة، او السطو على اعمال ومنجزات مسجلة بأسماء لامعة وتسويقها باعتبارها لهم، والغريب ان البعض من هؤلاء المغمورين نالوا الشهرة في ظروف انحطاط معروفة، والاغرب انهم نالوا شهادات وجوائز وحظوات ذات شأن، والى ذلك تزدحم اقنية المعلومات والاخبار بفضائح دورية عن شبهات ومطاعن تحوم حول سلامة اختيار اسماء المشاهير ولا حيادية ونزاهة الجهات المعلنة عنهم.. وإلا كيف يمكن ان نصدق، مثلا، بان امير قطر السابق حمد بن خليفة جاء في المرتبة السابعة من قائمة زعماء العالم «المؤثرين بالأحداث ومصائر الشعوب» ثم يليه في القائمة رجب طيب اردوغان ثم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل ان الامير القطري يسبق الرئيس الصيني «تشي جين بينغ» بخمس نقاط؟.
هذه الفضيحة سجلت وقتها (قبل حوالي عقد من السنين) باسم كلية «ويلدنبرغ» الدولية وعلى لسان المسؤول في الكلية آنذاك محمد محمود الجمسي الذي كان يحمل (انتباه) الالقاب التالية: المدير الاقليمي لكلية ولدنبرج الدولية. الامين العام المساعد للمجلس الدولي لحقوق الانسان. سفير البعثة الدولية لإحياء السلام العالمي، ولم تكن تلك سوى عملية تلفيق واحدة لإنتاج مشاهير، او دس اسماء في حشوة المشاهير لا شك انها مدفوعة الثمن، وقد أدت فيما ادت اليه، الى سقوط سمعة هيئات محترمة، مثل لجنة جائزة نوبل، في وحل الطعون بسلامة الاعتبارات والمعايير التي تعتمدها، كما اصبحت تلك السوابق المخزية نفسها مفتاحا لأعمال النصب بالنسبة لمهووسين بالشهرة، على نطاق واسع.
وفي حينها أجرت الشهرية الفكرية البريطانية «بروسبكت» استفتاء حول أفضل مثقف في العالم، وكانت المفاجأة أن الذي فاز بالمرتبة الأولي هو التركي «فتح الله غول» الذي اعترف رئيس تحرير المجلة أنه لم يكن قد سمع باسمه من قبل، لكن ينبغي هنا الاستدراك لنشير الى ادباء ومفكرين حقيقيين رفضوا استلام جوائز والقاب كبيرة وموضع تنافس المشاهير، فقد امتنع «برنارد شو» عن قبول جائزة نوبل لأنه كما قال «لم اجد فيها ما يزيدني قدرا» فيما رفض الكاتب الانجليزي الشهير توماس كارليل مطلع القرن الماضي ترشيحه الى لقب «لورد» من قبل رئيس الوزراء دزرائيلي قائلا.. «سامحوني لا قبل لي على تحمل هذه المطرقة».
حب الشهرة والسعي اليها عبر الاستفتاءات المفبركة والصفقات والرشى يتحول في بعض الاحيان الى نوع من الشعوذة او النصب، إذ نطالع على صفحات الشبكة العنكبوتية اسماء لأشخاص مجهولين يحملون القابا «ثقيلة» لا احد يعرف من اين حصلوا عليها، وظنهم ان الالقاب ترفع من شأنهم، شأنهم في ذلك شأن الذين يزدحمون على ابواب المسؤولين الجدد في محاولة مُذلة للحصول على فرصة ظهور على المسرح.. بدون رادعِ استحياء، ولا قطرة حياء.