بقلم: رعد العراقي
لم يحظ المشهد الرياضي العراقي بفرصة الاستقرار والوئام بين أبناء البيت الرياضي سواء من هم مُكلّفين بمسؤولية القيادة أم خارجها، وحتى الجماهير من بعد 2003 ولحد الآن وهو ما رمى بظلاله على نتائج المنتخبات في جميع الألعاب على مستوى المشاركات الخارجية وطوّقت أيضاً حدود التطوير والحداثة لتأسيس بُنيّة تحتيّة متطوّرة وخلق أجيال تمتلك مقوّمات تحقيق الإنجاز والمنافسة والتميّز.
المسألة لا تتعلق بجانب معيّن أصابه الخلل ويمكن اصلاحه بسرعة من خلال توفّر النيّات السليمة والإرادة في تجاوز ذلك الخلل، بل أن الأمر يتعلّق بانهيار متسلسل بكل المفاصل المعنية ومعها أيضاً الساندة التي من المفترض أن تكون الذراع الصلب في تشخيص مواطن الاخفاق وتطرح الحلول ثم تمارس دور المُصلح في تضييق أي فجوة أو خلاف بين أبناء البيت الرياضي.
ماذا حصل وكيف وصلت الأمور نحو مزالق خطيرة باتت تشكّل نهجاً غريباً في التعاطي مع مختلف القضايا والأحداث رمت بالجميع نحو دائرة الصراع والتشكيك والتسقيط باستخدام لغة التهديد والوعيد وتعميم الكراهية والاستهداف الشخصي كأسهل الوسائل للنيل من الخصوم وكسب المؤيّدين.
أركان العمل الرياضي تستند الى أعلى الهرم المتمثلة بوزارة الشباب والرياضة ثم تليها اللجنة الأولمبية، وما يتبعها من اتحادات مختلفة والأندية وأخيراً الإعلام والصحافة الرياضية، وإذا ما عُدنا بشريط الذاكرة لسنوات طويلة مضت ونتفحّص بعين ثاقبة كل ما حصل من تناحر وخلافات أخذت الوقت والجهد وأنتجت خصومات بين شخصيّات منها قياديّة ومنها من هُم بأدنى درجة لم يسْلَم منها أي مفصل ممكن أن يساعد على الاحتفاظ بركن واحد يحمي البناء من الانهيار.
جميع من تقلّد مسؤولية وزارة الشباب والرياضة من حاول أن يُصحّح العمل ويذهب بوزارته نحو الارتقاء بالواقع أو حتى ممّن أخفق في تحقيق أي إنجاز يحسب له كانوا جميعاً تحت دائرة النقد والخلاف المستمرّ سواء بشخصه أو بخطوات عمله ومعها ظهرت أصوات تحاول أن تكون جبهة معارضة وتبحث عن وسائل مساعدة تدعم موقفها من صحافة أو إعلام كانت سبباً في توجيه بوصلة الأداء نحو إيجاد مخارج لإسكات تلك الأصوات بالترضية أو بتصعيد الخطاب أو حتى العناد بالتصرّف كانت سبباً رئيسياً في تعطيل الكثير من الأعمال أو التنازل عن أهداف معيّنة تسبّبت في تغيير بوصلة الأداء من عمل مثمر الى دائرة تحاول أن تغلق الملفّات المفتوحة والهروب نحو التبرير وإثبات البراءة من أي اتهام يوجّه لها.
أما اللجنة الأولمبية الوطنية فإن ما مرّت به لم يخرج عن دائرة التنافس الشرس وتعدّد حلبات المنافسة وتشابك القوانين وانشقاقات بين هذا الطرف أو ذاك سبّبت في توقّف الحياة بهذا الكيان فترات طويلة، وتحوّل أداءه من حاضنة وراعية وداعمة للاتحادات الى التركيز في تثبيت شكل القيادة وكيفية تجنّب الضربات للخصوم وإعلان الانتصار بانتخابات لم تخرج عن أسلوب التوافق والاصطفافات.
وإذا ما كان رأس الهرم الرياضي بهذا الحال من الانشغال بتحصين ودرء خطر التسقيط، فإن ما تليه من مفاصل أخرى تحت سُلطته سوف لن تفلت من مواجهة الصراع مع معارضيه حتى باتت أغلب الاتحادات وبعض الأندية تعمل تحت سُلطتين تتناوب في القيادة وتلجأ للمحاكم الداخلية والخارجية لاستحصال أي قرار يمكن أن يطيح بأحّدهم يمكن أن يمنحهم الشرعية فكيف نريد للرياضة العراقية أن تحقّق خطوة واحدة في طريق التطوّر والثبات، وأن تتّجه نحو البناء والحداثة وصناعة أجيال ومواهب للمستقبل، ونحن نعجزُ عن تثبيت ركائز سليمة يمكن أن توصل الكفاءات نحو مراكز القيادة باستحقاق بعيداً عن تدخّلات أو تأثيرات المصالح الشخصية؟!
باختصار.. نحتاج الى منقذ حقيقي يضبط إيقاع العمل الرياضي، ويُعيد فرملة التفكير والسلوك، من خلال تنظيم مؤتمر شامل تُجمَع فيها كل المقترحات والمبادرات ويشترك بتقديمها جميع الروّاد والكفاءات المشهود لها بالخبرة والرؤيا العميقة لوضع أسس جديدة لكلّ المفاصل الرياضية تستند الى التفسير الصحيح لحدود الحرية ومبدأ الديمقراطية وكيفية العمل بها وفقاً لما منحه الدستور والقوانين النافذة وتحكم السيطرة على الانفلات في وسائل النقد والطرح والتجريح أو الاستهداف الشخصي مع إعادة تنظيم وبرمجة العملية الانتخابية بما يحقّق معادلة منح الفرص للجميع.