- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ما زال سقوط الموصل.. إصبع اتهام يُشير الى أطراف محلية وإقليمية ودولية ! - الجزء الثالث
بقلم: نجاح بيعي
المجموعة الثانية:
ـ وهي تحذيرات جاءت من أطراف (محلية وإقليمية ودولية) للسلطات العراقية مُمثلة بـ(رئيس مجلس الوزراء) آنذاك و(القائد العام للقوات المسلحة) ووزير (الدفاع والداخلية) وكالة, والماسك بملف الأمن كاملا ً في البلد. وجاءت تلك التحذيرات من خطر(داعش) بالذات (قبل) (ستة أشهر) أيضا ً, إن لم تكن (قبيل) من غزوه مدينة (الموصل) في 10/6/2014م منها على سبيل المثال لا الحصر:
أ ـ تحذير ممثل السيد (الخامنئي) في العراق:
ـ في تاريخ 6/1/2014م كان قد حذر ممثل السيد (الخامنئي) في العراق سماحة الشيخ (محمد مهدي الآصفي), في بيان له من خطر (داعش) المتنامي على الحدود الغربية للبلاد, وبدء زحفه نحو العراق قائلا ً: (بعد الهزائم التي لحقت التكفيرين من جبهة النصرة وداعش من فلول القاعدة (خوارج العصر) في سورية, بدأت القوات التكفيرية بالزحف الى العراق من ناحية الحدود العراقية الغربية.. وفي مثل هذه الظروف لابد أنّ يتكاتف العراقيون جميعاً سنة وشيعة عرباً وأكراداً لطرد قوى الشر التكفيرية من العراق قبل أن يستفحل أمرهم في هذا البلد, وتأييد قواتنا في ملاحقتها لفلول القاعدة في العراق)(1).
ب ـ تحذير السفير الإيراني السابق لدى العراق:
ـ في تاريخ 5/7/2017م ونقلا ً عن موقع (تسنيم) الإيراني, صرح السفير الإيراني السابق في العراق (حسن دانائي فر) لصحيفة (إطلاعات) الإيرانية بـ(أنه أخبر ـ المالكي ـ في عام 2013 بأنهم ينوون (ويقصد داعش) فعل بالعراق ما فعلوه بسوريا، كما قال الأمر نفسه لمسعود البارزاني)(2).
ـ ويُذكر أيضا ً بأن السفير الإيراني السابق في العراق (حسن دانايي فر) كان قد كشف بتاريخ 19/11/2019م, وفي حوار له مع قناة (العالم) الإخبارية الإيرانية بأنه: (في إحدى الجلسات مع رئيس الوزراء آنذاك السيد نوري المالكي أعربت عن قلقي من أن بعض النشاطات التي تقوم بها بعض الأجهزة وخاصة الأميركية منها من شأنها أن تؤدي إلى سقوط الموصل، وكان ذلك قبل ستة أشهر من سقوط المدينة)(3).
ج ـ تحذير السفير البريطاني لدى العراق:
ـ في تاريخ 14/7/2014م وفي مقابلة مع شبكة (سي أن أن) الإخبارية الأمريكية, قال سفير (المملكة المتحدة) في العراق (سيمون كوليز): إن بلاده حذرت السلطات العراقية من التهديدات التي يمثلها تنظيم ما يسمى بـ(داعش) وذلك في وقت سابق, لقيام التنظيم بالدخول والسيطرة على مناطق واسعة في البلاد. وقال: (لقد كنا على علم تام بالخطورة المحدقة هذه، وقدمنا النصح للحكومة العراقية حول أفضل وسيلة لمواجهة الموضوع)(4).
د ـ تحذير إدارة (أوباما) ـ حذرنا المالكي قبل هجوم داعش:
ـ وفي تاريخ 24/7/2014م قال (بريت ماك غورك) نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون العراق وإيران, في جلسة استماع لمجلس النواب الأميركي, عقدت في واشنطن لمناقشة وضع المنظمات الإرهابية وانتشار (داعش) في العراق: (خلال اجتماعات في أربيل مع مسؤولين محليين من الموصل وأكراد, في السابع من يونيو (أي في 7/6/2014م) كانت هناك مؤشرات على أن داعش يتقدم من سوريا إلى العراق ويدفع بقوات إلى غرب الموصل. وطلبنا وتلقينا الضوء الأخضر من مسؤولين أكراد لنشر البيشمركة شرق المدينة، لكن الحكومة العراقية لم تشارك الرأي بأنه أمر طارئ ورفضت الانتشار)(5).
هـ ـ تحذير رئيس وزراء إقليم كوردستان:
ـ في تاريخ ٢٢/٠٦/٢٠١٤م وفي مقابلة أجراها (نيجيرفان بارزاني) رئيس وزراء إقليم كوردستان, مع محطة NBC news) ) الأمريكية قال بأنه: حذر بغداد والولايات المتحدة من التهديد الذي يشكله تنظيم سني مسلح للعراق، ولكن (لم يحدث شيء). وذكر: أن كوردستان كانت علي علم وتدرك تماماً, الخطر الذي يشكله تنظيم ما يسمى الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش)(6).
و ـ تحذير برلمان كردستان:
ـ في تاريخ 24/10/2016م وفي حوار مع صحيفة (البيان ـ عن الحزب الديمقراطي الكردستاني) قال (جعفر إبراهيم إيمينكي) نائب رئيس برلمان كردستان: (لقد حذرنا بغداد من سقوط الموصل قبل ستة شهور)(7).
وبعد الإطلاع على مجمل تلك التحذيرات من قبل أي منصف ومتابع, بشـأن خطر داعش على العراق وشعبه وأمنه وسيادته, والصادرة من جهات رصينة كـ(المرجعية الدينية العليا) أن يتنبأ (على أقل تقدير) بالخطوات التي ستتخذها (السلطات الإتحادية) العراقية, للحفاظ على (وحدة العراق وسلامته واستقلاله وسيادته ونظامه الديمقراطي الإتحادي)(8), ويراها كيف تنهض أمام هذا الخطر المداهم, لتمارس صلاحياتها الدستورية الكفيلة بالحفاظ على أمن وسيادة البلد وردع المُعتدين والغزاة عن الوطن. أو نرى الفرقاء السياسيين وقد غادروا حلبة منافكاتهم وصراعهم السياسي المخجل, من أجل الإمتيازات والمكتسبات السياسية, الى زاوية التكاتف وتوحيد الكلمة والصف, ولكن وللأسف لم نر شيئا ً قد حصل, بل على العكس من ذلك شهدنا تنصلا ً من المسؤولية الدستورية والقانونية, وتعطيلا ً سياسيا ً مُبرمجا ً لصلاحيات كل سلطة في الدولة, وتخندقا ً طائفيا ً كبيرا ً, واستقطابا ً مذهبيا ً حادا ً, وتصدعا ً شكل علامة فارقة بين تلك السلطات الإتحادية ومؤسساتها, كالذي حصل بين رئيس (مجلس النواب) ورئيس(مجلس الوزراء) آنذاك, فتحولت (السلطتين التشريعية والتنفيذية) بهاتين الشخصيتين ـ إذا ما استثنينا (السلطة القضائية) المشلولة بفعل الجذب السياسي وتسيسه ـ الى جبهتين متعاديتين, تُخوّنان إحداهما الأخرى جهارا ً نهارا ً, بلا حريجة في دين أو وطن أو شعب, مما دفع الخطر لأن يتفاقم, وتهتز أركان الدولة بكل مفاصلها, ويصيب عموم الشعب بالإحباط والإعياء التام, وهو يسمع أنباء تقدم (داعش) ويرى بأمّ عينه كيف يُسحق بلده بالرعب والدم, ويبسط سيطرته على مدن الموصل والأنبار وصلاح الدين, حتى بات يُهدد العاصمة بغداد والمدن المقدسة ككربلاء والنجف بأقل من (72) ساعة من بدء الغزو.
ـ والسؤال الذي يتبادر الى الذهن هنا: لماذا لم يأخذ رئيس مجلس الوزراء آنذاك بأيّ من التحذيرات من خطر (داعش)!؟.
ـ (الموصل سقطت بمؤامرة داخل الجيش العراقي)!(9).
وليس بالغريب ولا العجيب وبعد كل الذي حصل, أن نسمع مثل تلك العبارة من رئيس مجلس الوزراء آنذاك, وهي عبارة إيحائية تثبت بأنه كان يعلم بخطر داعش جيدا ً, وأنه كان قد استمع الى جميع تحذيرات الأطراف (المحلية والإقليمية والدولية) بما في ذلك تحذيرات (المرجعية الدينية العليا) وأنه لم يكن يأبه بأيّة واحدة منهنّ, ولكنه وتنصلا ً من المسؤولية وتحديا ً للجميع راح يتهم (الجيش) العراقي بأنه سبب الكارثة جريا ً وراء نظرية (المؤامرة), ونسي رئيس مجلس الوزراء أو (تناسى) بأنه (قائد) ذلك الجيش الذي خان وتآمر, وخذل وتقهقر, وانهزم حتى سقطت المدينة حسب الزعم المفروض, مع أننا لم نرَ منه أيّ إجراء لاحق بحق من تآمر وخان, كإحالتهم الى المحاكم المختصة مثلا ً, أو بتوجيه عقوبة الى من تخاذل وانهزم, أو توجيه عتاب أو لوم لمن تقهقر منهم!. ولكننا وإذا ما تساءلنا عن الإجراءات الفورية التي اتخذها رئيس مجلس الوزراء في يوم 10/6/2014م, لردع خطر غزو داعش للبلاد, حسب صلاحياته الدستورية والقانونية, نراه قد اتخذ (ثلاثة) إجراءات (عقيمة) في ذاتها, عجز وعجزت الدولة على تنفيذ واحدة منهنّ! والإجراءات الثلاث (العقيمة) هي:
1ـ إعلانه حالة تأهب قصوى في البلاد
2ـ مطالبته بالتعبئة الشاملة
3ـ دعوته مجلس النواب إلى إعلان حالة الطوارئ ومنح التفويض في ذلك
مع أنه يعلم جيدا ً أن الدعوة الى (تأهب) القوات المسلحة ولـ(تعبئة) عموم الشعب, ستذهب (وذهبت) أدراج الرياح. لأسباب عدة أهمها: ما أصاب الجميع من الإحباط والنفور والتمرد والتخوين وعدم الثقة, وسيادة أجواء الشحن الطائفي بين الجميع, وسط إنهيار أمني وتردي الأوضاع وسوء الخدمات وانتشار الفساد وتحكم الفاسدين ووو غير ذلك, سواء بين صفوف القوات المسلحة وصفوف الشعب العراقي. وأما من ناحية الإجراء (الثالث) فهو لا يقل (خواءً) عن سابقيه وذهب أدراج الرياح أيضا ً, لعلمه بأن مجلس النواب برئيسه آنذاك, قد تحول الى ند (سياسي) وضد (طائفي) له ولسلطته التنفيذية ككل, ولا يمكن قبول دعوته ومنحه ذلك التفويض الخطير, وقد وضعوه في دائرة الإتهام المباشر وتحميله مسؤوليته سقوط مدينة (الموصل) بيد داعش هذا أولا ً, وثانيا ً لعلمه الجازم بأن طلبه لا يمكن أن يُقبل كون أن قضية (إعلان حالة الطوارئ) وإن كانت (دستورية) لا غبار عليها, ألا أنها لم تُقنن بقانون وللآن. وهذا يُبين مدى التنصل والتقصير المتعمد والمتبادل بين كلا السلطتين. وإلا فالعقل يحكم وبعد ورود تلك التحذيرات من خطر داعش قبل غزوه العراق وسقوط الموصل بـ(6) أشهر, مدة كافية لأن تُرسل الحكومة مشروع قانون (الطوارئ) الى مجلس النواب للمصادقة عليه إن كان يهمهم الوطن حقا ً, أو أن مجلس النواب واستشعارا ً منه للخطر المُحدق واستنهاضا ً للمسؤولية الوطنية, أن يشرّع قانون (الطوارئ) ذاك, ويصوت عليه بعد موافقة الحكومة عليه... و..
ـ إذن.. ما الإجراء الذي اتخذه رئيس مجلس الوزراء آنذاك وعوّل عليه لردع داعش وإنقاذ الوطن من مخالبه؟.
ـ الجواب: لا نعلم حقيقة!
ـ ولكن الذي نعلمه حينها بأن المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف, وفي تاريخ 20/6/2014م, أي بعد انطلاق فتوى الدفاع الكفائي بإسبوع واحد, حذرت رئيس مجلس الوزراء والجهات ذات العلاقة, بأنه لا يمكن قبول تشكيل (مليشيات) مسلحة خارج إطار القانون, مذكرة إياهم بأن دعوتها للشعب العراقي لقتال داعش إنما كانت للإنخراط حصرا ً في القوات الأمنية الرسمية: (إنّ دعوة المرجعية الدينية إنّما كانت للإنخراط في القوات الأمنية الرسمية، وليس لتشكيل مليشيات مسلّحة خارج إطار القانون..)(10).
ـ وأن المرجع الأعلى السيد (السيستاني) وبتاريخ 13/8/2014م أي بعد (شهرين) من إنطلاق الفتوى, قد أبدى رأيه صريحا ً تعقيبا ً على طلب التوجيه المقدم من الحزب الذي ينتمي إليه رئيس مجلس الوزراء لسماحته, فيما يخص المواقع والمناصب في الدولة العراقية بعد انتخابات عام 2014م, فقد أبلغهم سماحته بأن الظروف الحرجة التي يمر بها العراق توجب (ضرورة التعاطي مع أزماته المستعصية برؤية مختلفة عما جرى العمل بها) وقال بصريح العبارة في الرسالة الجوابية: (فإنني أرى ضرورة الإسراع في اختيار رئيس جديد للوزراء يحظى بقبول وطني واسع ويتمكن من العمل سوية مع القيادات السياسية لبقية المكونات لإنقاذ البلد من مخاطر الإرهاب والحرب الطائفية والتقسيم)(11). ليجد نفسه خارج دفة الحكم والسلطة والنفوذ.
ـ إنتهى.
ــــــــــــــــ
ـ الهوامش:
ـ(1) بيان سماحة الشيخ (محمد مهدي الآصفي) بتاريخ 6/1/2014م:
https://www.kitabat.info/subject.php?id=41298&fbclid=IwAR1d7sTgqYH8MtjF8uGEwy4qlrZodzxj3cG3oe4T2yYxSADKFkXCZrfjEno
ـ(2) موقع تسنيم بتاريخ 5/7/2017م:
https://www.tasnimnews.com/ar/news/2017/07/05/1454492/%D8%AD%D8%B0%D8%B1%D8%AA-
ـ(3) قناة (العالم) الإخبارية الإيرانية بتاريخ 19/11/2019م:
https://www.alalamtv.net/news/4567316/%D8%AF%D8%A7%D9%86%D8%A7%D9%8A%D9%8A-%D9%81%D8%B1-%D8%AD%D8%B0%D8%B1%D9%86%D8%A7-%D9%85%D8%B3%D8%A8%D9%82%D8%A7-%D9%85%D9%86-%D8%B3%D9%82%D9%88%D8%B7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B5%D9%84-%D8%A8%D9%8A%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4--%D9%81%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D9%88
ـ(4) السفير البريطاني لدى العراق شبكة (سي أن أن) الأمريكية في تاريخ 14/7/2014م:
https://arabic.cnn.com/middleeast/2014/07/08/amanpour-uk-iraq-syria-isis-ambassador-simon-collis
ـ(5) واشنطن ـ قناة العربية:
https://www.alarabiya.net/arab-and-world/iraq/2014/07/24/%D9%88%D8%A7%D8%B4%D9%86%D8%B7%D9%86-%D8%AA%D8%AD%D9%85%D9%91%D9%84-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A-%D9%85%D8%B3%D8%A4%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%AA%D9%85%D8%AF%D8%AF-%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D8%B4-
ـ(6) موقع الحزب ( الديمقراطي الكردستاني):
https://www.kdp.info/a/d.aspx?l=14&a=66148
ـ(7) صحيفة (البيان( في تاريخ 24/10/2014م:
https://www.albayan.ae/one-world/interviews-dialogues/2016-10-24-1.2741199
ـ(8) المادة (109) من الباب (الرابع) من دستور جمهورية العراق لعام 2005م
ـ(9) https://arabic.rt.com/tags/mosul_process/
ـ(10) خطبة جمعة كربلاء الثانية في 20/6/2014م:
https://alkafeel.net/inspiredfriday/index.php?id=165
ـ(11) نص جواب السيد السيستاني على رسالة وجهت اليه من أعضاء حزب الدعوة في
13 أغسطس 2014م:
https://ar.shafaqna.com/AR/15564/
أقرأ ايضاً
- الصيد الجائر للأسماك
- ضمانات عقد بيع المباني قيد الإنشاء
- إدمان المخدرات من أسباب التفريق القضائي للضرر