- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
"خطيئة" المنتظم السياسي "الشيعي" في كتابة الدستور .. المادة 140 مثالاً
بقلم: بركات علي حمودي
عادت الكتل السياسية الكردية للمطالبة بتطبيق المادة 140 من الدستور و التي تتعلق بالمناطق المتنازع عليها بين الاقليم و باقي المحافظات، خصوصاً بعد حادث قصف اربيل قبل ليلتين.
وهنا علينا ان تعود بنا الذاكرة الى تلك الايام التي كُتب فيها الدستور ومن كان السبب بقضية المادة 140 او لنقُل الذي رضى بكتابة هذه المادة و مادة الاقاليم لغايةً في نفسه !
الدستور كُتب في غفلةً من الزمن بعد سنةً و نيف من الاحتلال الامريكي، حيث التحشيد الطائفي والعسكرة المجتمعية الموجهة نحو الاحتلال و العسكرة المجتمعية الموجهة نحو الطرف الاخر من شركاء الوطن وسط غياب الثقافة الاعلامية و بغياب وسائل اعلام او وسائل تواصل نستطيع من خلالها معرفة ما يكتبه الساسة في الدستور حتى يتسنى للشعب التدخل قبل انهاء كتابة الدستور و عرضه للتصويت.
المادة 140 مثلاً التي هي اكثر النقاط الخلافية التي نسمع بها و التي يتنصل الذي كتب الدستور في تطبيقها بعدما تورط فيها، كُتبت هذه المادة وهي في الصورة انها لخدمة الكُرد اولاً، لكنها لو طُبقت بالفعل على العراق كله لكانت في مصلحة الشيعة قبل الكرد، لانها ستعني عودة قضاء النخيب مثلاً لكربلاء، لانها تنص على اعادة المناطق التي انتزعها النظام السابق من محافظات و اضافها لمحافظات اخرى كتغيير جغرافي و ديمغرافي !
والاجندات التي ارادت كتابة هذه المادة بالذات و كذلك المادة التي تُمكن من اقامة الاقاليم التي هي اشبه بالتقسيم، كانت تُريد تقسيم العراق او على الاقل ان يكون العراق عبارة عن ثلاث اقاليم، اقليم شيعي من بغداد الى البصرة واقليم السنة من شمال بغداد و الانبار واجزاء من ديالى و صلاح الدين واجزاء من نينوى، و طبعاً كُتبت هذه المادة وسط غياب (سُني طوعي) بسبب رفض السنة لمخرجات 2003 قبل ان يقتنعوا اخيراً ويدخل الحزب الاسلامي و بعض الشخصيات السنية في انتخابات 2005، لكن دون ان يصوّت اكثرية المكون السني لهذا الدستور !
من اراد المادة 140 و الاقاليم ؟
و لماذا ارادوها ؟
من البديهي ان من اراد هذه المادة و قضية الاقاليم هم الاكراد بمساعدة سيء الصيت بريمر، لكن من طوّع هذه المادة وغيرها للاكراد هم الطبقة السياسية الشيعية التي كتبت هذا الدستور، و ذلك لاجندات مستقبلية لم تتحقق، سنأتي على ذكرها، فالطبقة الشيعية كانت تُمني النفس باقامة اقليم شيعي فيه الخيرات النفطية و الزراعية والسياحية، ليكون اقليم ثري بأمواله، فخرجت علينا بوقتها النُخب السياسية الشيعية الجديدة و ارادت تسويق فكرة الاقاليم عبر المؤتمرات الصحفية في قاعات مجلس الحُكم، قبل ان يتم التصويت فعلاً على الدستور لتكون المادة 140 سارية المفعول فعلياً بعد التصويت على الدستور.
غير ان للمفاجئات دور كبير في وقتها، فبعد التصويت على الدستور ولو على مضض من اجل التقدم بخطوة للامام في العملية السياسية بحسب ما اراد الشعب بالتصويت على هذا الدستور (والذي لم يقرأهُ طبعاً عامة الشعب)، فأن الشعب رفض مبدأ الاقاليم الذي من اجله كُتبت المادة 140 و مادة الاقاليم و امكانية اقامتها في حال انفقت ثلاث محافظات على ذلك.
فغالبية الشعب (العربي في العراق سنةً و شيعة على الاقل) رفض ان تتقسم هذه الخريطة الرومانسية ل العراق و التي نعرفها منذ 100 عام و اكثر، فعزَ على النجفي ان يدخل الى الرمادي بموافقة خاصة او بجواز سفر بأسوء الاحوال !
ولهذا فقضية التقسيم او الاقاليم او حتى اقاليم ادارية لـ 18 محافظة كما هو في امريكا قد تم رفضه برغم انه ليس بتقسيم كما اراد (البعض) ممن (دلل الكُرد) عند كتابة الدستور !
و لهذا .. مرت السنوات والمادة 140 حبر على ورق، و الاكراد يطالبون بتنفيذها، و نحن نتهم الكُرد بانهم عامل تقسيم العراق وانهم ينفذون اجندات اجنبية، غير ان (حرامي البيت) منا وفينا وهو من اوقعنا في هذا الفخ لغايةً في نفسه قبل ان يصطدم بواقع الشعب العراقي الذي رفض فكرة التقسيم و الاقليم الطائفي و رفض حتى استبدال العلم في وقتها !
وبالنتيجة .. يحاول المنتظم السياسي الشيعي الحالي الذي هو امتداد لتلك الطبقة السياسية التي كتبت الدستور ان يتملص من هذه المادة بشتى الطرق وبشتى الوسائل المتاحة، وكل ذلك نتيجة غباء هذا المنتظم الذي لم يقرء نفسية الشعب العراقي بشكل جيد في وقتها، لانه ببساطة منتظم غريب جاء على ظهر الدبابة الاميركية، ولم يتقاسم كسرة الخبز الاسمر مع الشعب العراقي ابان حصار التسعينيات عندما تقاسم السني و الشيعي وحتى الكردي كسرة الخبز تلك.
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً