بقلم: أياد السماوي
من المؤكد أنّ الذين أشرفوا على إعداد الموازنة العامة الاتحادية لسنة 2021 , يعلمون جيدا أنّ هذه الموازنة هي موازنة نهاية الدولة العراقية الحديثة , ويعلمون أيضا أنّ هذه الموازنة هي الإعلان الرسمي لإفلاس الدولة العراقية ووضع البلد تحت وصاية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمؤسسات المالية الدولية الدائنة الأخرى , ويعلمون أيضا أنّ لا سبيل لتغطية قيمة العجز الوارد في الموازنة البالغ 71 ترليون دينار غير السطو على احتياطي البنك المركزي .. فالمؤسسات المالية الدولية غير مستعدة لإقراض العراق مبلغ 50 مليار دولار تقريبا هم يعلمون جيدا أنّ هذه الأموال ستذهب لجيوب الفاسدين من الطبقة السياسية الحاكمة .. المثير للريبة في هذه الموازنة الكارثية , ليست الموازنة بحد ذاتها كأرقام مجنونة , ولا طريقة تقاسم مواردها بين المركز والإقليم , بل بقبولها من قبل مجلس النواب العراقي والبدء بمناقشة فقراتها .. فالبدء بمناقشتها في مجلس النواب يعني قبولها من حيث المبدأ , وهنا الطامة الكبرى.
نظرة أولية لحجم الإنفاق العام وحجم العجز المالي في هذه الموازنة تجعلنا نشعر بالغثيان , فحجم الإنفاق غير المسبوق في كلّ الموازنات السابقة والذي يبلغ 164 ترليون دينار , وكذلك حجم العجز المالي غير المسبوق البالغ 71 ترليون دينار .. يدفعنا لمعرفة أوجه هذا الإنفاق إن كان مبرّرا أم غير مبرّر , وهل نحن مضطرون لهذا الإنفاق الهائل ؟
أم أنّ الظروف التي يمرّ بها البلد , الاقتصادية والصحيّة والأمنية والخدماتية , تستدعي رفض هذه الموازنة والذهاب نحو موازنة تتناسب فيها الإيرادات العامة مع النفقات العامة دون الحاجة للجوء لأي اقتراض سواء كان داخليا أو خارجيا , والعمل على وضع ضوابط وتعليمات صارمة تحدّ من الإنفاق غير الضروري وتضع حدا للاستهلاك السلعي المنفلت وتوقف نزيف رواتب الفضائيين في مؤسسات الدولة ووزاراتها , والتوّجه نحو إلغاء العشرات من الهيئات والمؤسسات غير الضرورية وإلغاء الدرجات الوظيفية المرتبطة بهذه الهيئات والمؤسسات .. ووضع مبدأ جديد في الموازنة قائم على تغليب الموازنة الاستثمارية على الموازنة التشغيلية , بمعنى تخصيص الجزء الأكبر من الإنفاق العام نحو الاستثمارات الرأسمالية في قطاعات الصناعة والزراعة والنقل والاتصالات والبنى التحتية الضرورية من طرق ومواصلات ومدارس ومستشفيات ومحطات لإنتاج الطاقة الكهربائية ومحطات للمياه الصالحة للشرب .. وإيقاف أي تدّفق مالي لحكومة الإقليم ما لم توضع جميع موارد الأقليم من نفط وغاز وضرائب ورسوم وموارد المنافذ الحدودية والمطارات ضمن موازنة البلد العامة , كما هو الحال بالنسبة للبصرة وكافة محافظات العراق الأخرى.
في الختام أقول , أنّ موارد بلدنا حين تكون بأياد أمينة ومخلصة كافية لسد كلّ احتياجات شعبنا وجعله يعيش بأمن ورخاء .. لكنّ مشكلتنا الكبرى هي أنّ ولاة أمرنا لصوص لا يخافون الله واليوم الآخر .. على مجلس النواب أن يرفض الموازنة ويعيدها من حيث جاءت .. كما ادعو وزير المالية علي عبد الأمير علاوي لتقديم استقالته فورا وأقول له إن كنت تخاف الله واليوم الآخر , عد من حيث جئت واترك البلد لأهله يلملمون جراحهم و يواجهوا مصيرهم بعزم وإرادة.
أقرأ ايضاً
- الغدير بين منهج توحيد الكلمة وبين المنهج الصهيوني لتفريق الكلمة
- الرأي العام.. وحيادية المحاكمة
- الاستثمار القَطَري والموازنة الثلاثيّة وطريق التنمية في العراق