بقلم:د. ولي علي
لا يزال منهج الظاهرة الصوتية والصراخ المتتابع يحكم طريقة التعبير في العراق الجديد بخصوص كافة القضايا، فما أن يتعالى صوت بشأن قضية ما بغض النظر عن عدالتها من عدمها، يلتحق به مواكب الصراخ المتتابع الذي يتحول الى صوت مدوي لا تفهم تفاصيله ولا يدرك سبب صراخه،ويظل الحال على هذه الشاكلة لحين الالحتاق بحفلة صراخ جديدة دون السؤال عن مصير ما تم الصراخ بشأنه في الحفلة السابقة. مما لا خلاف عليه، اننا في ازمة اقتصادية خانقة، ومما لا شك فيه، ان الحلول المطروحة في الافق لها تبعات وتداعيات مكلفة وصعبة، إلا ان الانخراط في حفلة زعيق متتابع دون تحري الامور وتفحصها لن يكون مجدياً، فبعض مسوقي التصريحات المتباكية على هموم الشعب يقفون عند عتبة الذم لما يجري من اجراءات، ولكنهم لا يجيبون عن الحل الانجع والاسلم للخلاص من الازمة، فهم من جهة يطالبون الحكومة بالوفاء بإلتزاماتها المالية ومن جانب آخر يرفضون طريقة تعاطيها مع الازمة. لنتفق ان حلول الحكومة ليست الارشد والافضل، ولكن من يتحمل المسؤولية لايجاد مخارج اسلم واقل كلفة، ومن يقدم ضمانات النجاح والانجاز. يحاول البعض تسويق بعض الفترات الماضية بوصفها نموذج وردي، وكأن العراق وشعبه عاش في بحبوحة من الرفاهية والامن، ولذلك تقدم بوصفها أسوة، والسؤال لمروجي هذه النكتة السخيفة: من رهن نفط العراق بجولات تراخيص فاسدة، ومن سكت عن عملية نهب منظم طالت اكثر من ألف مليار دولار، ومن ابقى مدن العراق خاوية على عروشها، ومن افقد القوات الامنية قدرتها على للدفاع عن نفسها حتى وقعت فريسة بيد الارهاب، ومن ترك آلاف المشاريع الوهمية والمقاولات الثانوية، ومن استجلب القوات الاجنبية ومن ومن...؟ اتمنى من الشعب المسكين تصحيح بوصلة صراخه بالشكل المناسب، بحيث يحمل كل جهة وطرف تبعات فعله ومسؤولياته، ويطالبين الهاتفين بالاصلاح المزيف ومدعي الانجازات المثالية، ان يقدموا حلولا واقعية حقيقة للازمة وإلا فليصمتوا..