- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
العتبة وروبين وسلطنة عمان.. وما يلقاها الا ذو حظ عظيم
بقلم:محمد حميد الصواف
لعبت سلطنة عمان من خلال حنكة حاكمها دورا محوريا في ابعاد شبح الحرب الضارية التي كانت على وشك الوقوع بين ايران والولايات المتحدة، وما ينسحب على حلفاء كل من الفريقين في المنطقة بصورة اشمل، الامر الذي جعل من مسقط التي ابت ان تكون الى جانب احد الفرقاء على الرغم من المشتركات الجامعة معهم على اكثر من صعيد.
فعمان الدولة العضوية في مجلس التعاون الخليجي، والجار الأزلي لإيران، والحليف العتيق للولايات المتحدة، كانت ولا تزال ترى الامور ابعد مما يتصوره الأخرون، ولطالما راهنت على سحب فتيل الأزمات قبيل اندلاع الحروب، حتى باتت توصف بعراب التسويات التي جعلت العالم أكثر أمنا.
فرؤية هذه الدولة العميقة جعلت منها ترتقي الى مستوى رفيع من الادراك والحكمة جنب شعبها وشعوب المنطقة والعالم بصورة اشمل ما قد لا يحمد عقباه، لا سيما خلال العقدين المنصرمين، دون ان تغضب شقيق او تسخط حليف او تثير عدوا كان ولا يزال يتربص بها حقدا وأنانية.
ولكن السلطنة العريقة ما كانت ان تصل الى ما هي عليه دون ان تدفع ثمنا موجعا على حساب كرامتها، لا سيما عندما تأتي الطعنات، وان كانت معنوية ممن تعتبرهم أشقاء واخوة في القومية والأثنية والمصير، فلكل بداية مشقة تواكبها حتى يتبين نبل القصد وصدق النوايا، فأحيانا يأتي الأذى من الاقربين حصرا، والمثل العربي المشهور ينطبق على ما نقصد عندما يقول، (الحمى تأتي من القدمين).
عموما صلة ما نتناوله اليوم يرتبط بشكل مباشر بما أثير مؤخرا حول استضافة العتبة الحسينية المقدسة للمحلل السياسي الأمريكي مايكل روبن، وما صدر عن بعض الجهات التي لطالما رأت الامور من زاوية واحدة وحسب قناعاتها، دون ان تلتفت في اصدار احكامها الى رؤية صاحب الشأن ذاته، مدفوعة احيانا بالحرص المبالغ او الريبة والشك، او الحسد والحقد الدفين.
ولا بد في هذا المقال ان نبين طبيعة مشاركة روبن في مهرجان تراتيل سجادية الذي نظمته العتبة الحسينية، فالأخير لم يحضر للمشاركة في اجتماع امني، او مجلس عسكري، او التخطيط لرسم سياسة جديدة للعراق او المنطقة، او غيرها من الأسباب التي قد تريب بعض المشككين والمرجفين، فالرجل بغض النظر عن مواقفه السياسية جاء لحضور مهرجانا حقوقيا انسانيا يتناول رسالة الامام زين العابدين السجاد عليه السلام، ويسلط الضوء على تراث اهل البيت في هذا الصدد، ويرما من خلال تنظيمه إشاعة المفاهيم والمبادئ الهادفة الى ارساء العدالة الاجتماعية والمساواة والحوار وتغليف الحوار على العنف في التعامل مع مختلف القضايا التي تعنى بحياة البشرية، دون تمييز بين عرق او قومية او دين او مذهب او منهل فكري كان او ثقافي.
فما لا يدركه بعض المراقبين ان العتبة الحسينية تصر على ان تكون نقطة لقاء وحوار مشترك بين مختلف الفرقاء، سواء على الصعيد الداخلي العراقي او الاقليمي او العالمي، وسجلت لها الكثير من المواقف الدالة على نواياها في اكثر من سابقة لم يلتفت اليها من جلس على التل وأخذ يرمي بحجارته.
فلا مصلحة ترتقي فوق رسالة العتبة الحسينية، ولا أجندات ملتبسة قد يتوهما البعض تقف وراء دعوة روبن او غيره من الشخصيات الفكرية او الثقافية او الاجتماعية، إنما غايات واهداف نبيلة تسعى الى السلم والامان تنبع من فكر وتراث يبدو ان هناك من سهى عنه في معترك السياسة والمصالح في احسن الظن.
فالعتبة ايها السادة تسمو على المسميات السياسية والجغرافية وغيرها من المسميات المصطنعة للتفريق بين البشر، وهي محط رحال الآمنين وهمزة وصل بين المختصمين، وستبقى كلمة سواء، يقول تعالى، ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- ما دلالات الضربة الإسرائيلية لإيران؟