بقلم: سليم الحسني
وجدت قيادة الدعوة حلاً مناسباً للأزمة بين المالكي والعبادي، عندما أبعدت حزب الدعوة من المشاركة الانتخابية، مع ترك الحرية للدعاة في المشاركة.
وكانت هذه الخطوة هي الحل الأفضل، لمنع انشقاق الحزب، ولإبعاده عن النزاع الحاد بين الرجلين وتمسك كل منهما بالرقم (١) في القائمة الانتخابية.
ومع أن هذا القرار كان لصالح العبادي، إلا أنه لم يحسن التصرف في استثماره.
فبعد ساعات قليلة من اتخاذه، بادر الى التحالف مع خليط غريب من الكيانات والأشخاص، ستكون هي المستفيدة الأولى على حساب أشخاص كفوئين يمكن أن ينضموا الى قائمته.
ووقع العبادي في خطأ كبير عندما وافق على انضمام كيانات واهية ضعيفة مثل المجلس الأعلى وتيار الحكمة وتيار الإصلاح وحركة عطاء وتجمع المستقلين وكيانات للبولاني ومشعان الجبوري والهميم وغيرهم.
حيث أتاح لها فرصة جني الأصوات، مع عدم وجود ضامن لسيطرته عليها بعد الانتخابات، بمعنى أنها في حال فوزها، فان من السهولة عليها ان تتركه وتتحالف مع غيره بحسب مصالحها الخاصة.
وجود اشخاص مثل مشعان الجبوري وحسين الشهرستاني والبولاني وعمار الحكيم وهمام حمودي وغيرهم، يستهجنهم الناخب العراقي لفسادهم الذي يتعامل معه الشارع العراقي على أنه حقيقة ثابتة غير قابلة للنقاش، سيجعل الناخب ينظر الى العبادي على أنه باحث عن مكسب سلطوي، وأن شعاراته وخطاباته في محاربة الفساد ما هي إلا كلمات دعائية لا تعكس رغبة صادقة في محاربة الفساد، وللمواطن الحق في ذلك، بل أن الأمر هو كذلك بالنسبة لي عندما أراه يوافق على انضمام مشعان الجبوري الى تحالفه، وهو المسخ المعروف بماضيه الأكثر سوءً من بين السياسيين في الفساد الأخلاقي والمالي.
أغلب الظن، أن العبادي أخذته فورة حماس غير مدروسة، وتصوّر مع نفسه أنه سيكون البطل السياسي الذي يحتوي أكبر مساحة ممكنة من السياسيين. لكنه لم يفرق بين الكم الفاسد وبين النوع النظيف، رغم صعوبة اطلاق هذه الصفة (النظافة) على المشاركين في العملية السياسية.
بهذا الشكل من التحالفات التي عقدها العبادي، يكون قد ألقى تحية الوداع على مشروعه في محاربة الفساد. لقد ودّعه قبل أن يباشر به، والأسوأ من ذلك أنه سيكون مضطراً لحماية الفاسدين فيما لو اتيحت له الفرصة لولاية ثانية.
كنت قد كتبت منذ بدايات تولي العبادي الحكم، أنه ضعيف متردد حائر. ويبدو أن تجربة السنوات الأربع، اضافت له صفة أخرى، هي التشبث بالسلطة من خلال الاستعانة بالفاسدين.. تجربة سيئة مريرة أخرى تضاف الى العملية السياسية، ويدفع ثمنها العراقي المغلوب على أمره.
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- كيف ادار العبادي الازمة المالية ؟!
- لا مفاجآت في بيانات حزب الدعوة