بقلم: هادي جلو مرعي
واحدة من المضحكات المبكيات من حوادث العراق، ومثيرات الأمور فيه هي تفضيل الفرد على المجموع، والحزب على الطائفة، والطائفة على البلد. فيغيب الناس عن المشاركة، وتضيع الحقوق، ويستلبها مجموعة من الزعامات والأشخاص، ويحرم منها ملايين، ثم يتوهم هولاء إنهم بتغييبهم الشعب، وتهميشه وإهماله يستمرون في جني المكاسب، ويبقى الناس على غفلتهم، وفاتهم إن الحياة تتغير والأجيال تتبدل، ويظهر جيل طامح جامح لايقنع بالقليل ولايرضى بأن يكون مجرد أرقام وأصوات توضع في الصناديق ليترشح ممثلون عن الشعب آخر مايمكن أن يفقهوه هو السياسة، وحقيقتهم أنهم أتباع أذلاء لحزب، ولرئيس يسمعون له فيطيعون، ويجيرون وزارات الدولة لحساب أحزابهم النافذة.
واحدة من المهازل هو إعتقاد بعض القوى إنها يمكن أن تتحكم بكل شيء، فتقسم الوزارات والدوائر والموانيء والسيطرات والجمارك والمنافذ الحدودية بينها، وإذا لم يعجب المتنفذون سلوك رئيس الوزراء قالوا: لم نعد نقبل بك في المنصب، وعليك المغادرة، ثم يتيهون في نوبات غضب، وهستيريا وأطماع وجموح، ويبحثون عن بديل يخنع لهم، ويخضع، ويتحول، ويؤمن المصالح، ويصرون على تجاهل الشعب.
أدخلنا الساسة، وبعض الزعامات في دوامة من القلق، والبحث عن حلول لأزمات تتراكم حين أصروا على إبعاد العبادي الذي وفر بعض ضمانات النجاح لمرحلة سياسية توافق فيها العالم على دعم العراق، وتحققت مكاسب مهمة في الحرب على الإرهاب وكانت هناك خطوات إقتصادية مقنعة، وفجاة، ولأن العبادي لم يعجب فلانا، أو جهة ما تقرر أن يتم الإتيان برئيس وزراء كان معتكفا للكتابة والتنظير، ولم ينجح سوى في وضع الحلول على الورق دون أن يشعر هو، ومن جاء به إن المياه تجري من تحت قدميه، وإنه سيغرق ويغرقنا معه، ويجرنا الى الويلات ليس لأنه يريد ذلك، بل لأنه لايستطيع فعل شيء في إطار مشكلة تراكمية، وإصرار قوى سياسية على جني المكاسب السياسية والإقتصادية، وربط العراق بمصالح بلدان أقوى منه تريد تحويله الى سوق لتصريف منتجاتها، وساحة لحروبها العسكرية والإعلامية والتجارية.
أبعدتم العبادي، وجئتم بعبد المهدي، فوقعتم في حفرة ربما يصعب مغادرتها.
أقرأ ايضاً
- كيف ادار العبادي الازمة المالية ؟!
- كيف تتم معاقبة خيرة الخريجين وفي اهم وأصعب التخصصات ؟ ولماذا ؟
- ما هو التقليد؟ ولماذا نُقلّد؟