بقلم:سالم مشكور
يتسم خطاب أعضاء حزب بارزاني بكثير من التوتر والحدة رداً على الاجراءات التي تتخذها الحكومة الاتحادية من أجل تطبيق الدستور والقانون بعد سنوات من التغاضي والسكوت من جانب الحكومة الاتحادية، وبالمقابل، التمادي في الخروق والتمدد من الجانب الكردي بحيث أصبح ما نتج عن ذلك، حقوقا مكتسبة و “أمراً واقعاً” يثير كل الزوبعة التي نراها الان لمجرد أن جرى الحديث عن تصحيح الخلل. جديد الهجمات البارزانية المعاكسة هو توظيف العامل الطائفي الذي لم يشهده الخطاب الكردي من قبل. لم يكن بيان وزارة الأوقاف في أربيل الذي وجه اللوم للازهر لعدم تأييد الانفصال لان “الاكراد سنّة” كما قال، أول إشارة الى هذا التوظيف، ولن يكون خطاب هوشيار زيباري الطائفي الصريح الذي عرضه في قناة عراقية مؤخراً، الأخير في هذا السياق.تتناغم هذه الخطابات مع استثمار هذا العامل من قيادات سنيّة وهي تتصارع على زعامة الساحة السنية
السياسية.
من ذلك الوساطة التي قام بها أسامة النجيفي بين بارزاني وأردوغان وحرص النجيفي – وفق مصادر تركية – على تذكير الرئيس التركي بـ “سنيّة” الاكراد، وأيضا ما ورد على لسان رئيس مجلس النواب من أن الاقليم استقبل النازحين ولم يستقبلهم الوسط والجنوب، وهي واضحة في اشاراتها الطائفية. لم يتحدث رئيس الوزراء ولا مجلس الوزراء الأمني المصغر بأكثر من تطبيق الدستور وتطبيق الاجراءات وفقاً له وللقوانين، بل وحرص على التأكيد أكثر من مرة بأن استخدام القوة غير واردٍ أبدأً، رغم أن التلويح بها من جانب بارزاني وفريقه جاء أكثر من مرة، واقترن بعملية تحريك قوات كردية باتجاه كركوك. الحديث عن الخروقات يطول، لكثرتها وتشعبها، بحيث جعلت الاقليم مستقلاً عملياً، إضافة الى مشاركة كردية في الحكومة والبرلمان الاتحاديين، مما يدفع البعض الى التساؤل عن جدوى المطالبة بالاستقلال في حين ان الوضع الحالي يحقق للكرد مزايا الانفصال والفيدرالية
معاً.
وهذا ما يثير الاستغراب من اتهام سياسيي أربيل لبغداد بالتقصير بحق الكرد. خلافاً للدستور والقوانين الفدرالية يمنح الاقليم تأشيرة دخول في منافذه الجوية والبرية وهي خارجة عن السلطات الاتحادية، في حين أن هذا الامر سيادي فدرالي في كل الدول الفدرالية في العالم. وخلافاً للدستور تسيطر قوات الاقليم على الحدود مع الدول المجاورة ولا تسمح بوجود أي قوات فدرالية فيها سواء كانت قوات حدود أو سلطة الجمارك، التي تذهب عائداتها الى سلطة الاقليم وليس الخزينة
المركزية.
وخلافاً للدستور يقوم الاقليم بتصدير النفط من آبار داخل الاقليم وأخرى أكبر حجماً في كركوك والموصل، وضع يده عليها بالقوة مستفيداً من دخول داعش الى الأراضي العراقية العام 2014، ولا أحد يعلم أين تذهب عائدات هذا النفط، في حين ينص الدستور صراحة على أن الثروات الطبيعية ملك لكل الشعب العراقي. وخلافاً للدستور والنظم الفدرالية يقيم الاقليم علاقات دبلوماسية مع دول العالم وممثلياته في الخارج عبارة عن سفارات مستقلة لا علاقة لها بالسفارات العراقية بتاتاً. لا مناص، بعد الاستفتاء، من تصحيح الوضع القائم منذ أربعة عشر عاماً، وبعكسه فان الحل إما باستقلال الاقليم بمحافظاته الثلاث فقط، أو بقاء هذه المحافظات اقليما داخل العراق، مع تصحيح الخروقات السالفة.
الكونفدرالية التي يجري الحديث عنها هي استقلال فعلي مع بقاء رباط “أخلاقي “ مع العراق وهذا ما لن يكون في ظل ما نسمعه من حقدٍ وكراهيةٍ ونفورٍ من العراق على لسان الكثير من السياسيين الاكراد
أقرأ ايضاً
- فازت إسرائيل بقتل حسن نصر الله وأنتصرت الطائفية عند العرب
- عندما يصبح التعليم سلاحاً لتجهيل الأجيال
- الاستثمار في العراق سلاح ذو حدين !