حجم النص
د. غالب الدعمي ~شهدت أرض العراق أول جريمة قتل في التاريخ حين قتل قابيل أخاه هابيل بدم بارد، كما كانت مهبطاً للشيطان، ومنذ ذلك التاريخ ودماء العراقيين لم تهدأ وهي تفور وتسفك حتى في عصرنا هذا لم تزل أشلاء الشعب العراقي ودماؤه تتناثر في الطرقات وفي الأماكن العامة بفعل مفخخات مصاصي الدماء والقتلة، وفي جبهات العز يقدمون القرابين يومياً وهم يقاتلون أعتى تنظيم إرهابي شهده العصر الحديث. ويتحمل الجزء الأكبر من سفك هذه الدماء، الشعب في اختياراته، وقادته في بطشهم. ففي موقف حدث إبّان الحرب العراقية الإيرانية حين وقف رئيس النظام المخلوع على مرتفع وطلب أربعمئة فدائي من بين آلاف الجنود الذين كانوا يصطفون أمامه وأنه سيتكفل بمعيشة عوائلهم، وأمام هذا الموقف الحرج، أعلن الجميع أنهم فدائيون، ولم ينجُ منهم سوى عدد يسير كما نقل بعض من التقيناهم. هذه الدماء التي سالت من أجل أن يسمو القائد ويبقى في كرسيه, وليذهب الشعب إلى الجحيم. وموقف آخر مع دخول العراق إلى الكويت، إذ أُجبر العشرات من طلبة الجامعات على التطوع بعنوان فدائيين ولم نرهم بعدها مرة أخرى، وآلاف الشهداء نساء، رجال، كبار، أطفال من المحافظات الجنوبية تم دفنهم أحياء بعد انسحاب الجيش العراقي من الكويت وقبل هذا تمت تصفية العشرات في السجون بحجة الانتماء إلى الأحزاب الإسلامية. وتستمر ينابيع الدماء بعد 2003، عشرات المغيبين، آلاف الشهداء قضوا بتفجيرات الغدر الممولة من بعض دول الجوار، وآلاف أخرون ضحوا بأنفسهم من أجل الحفاظ على وحدة البلد، تركوا عوائلهم من دون معيل من أجل إنقاذ أبناء جلدتهم من براثن داعش وعلى الرغم من تضحياتهم نراهم يتعرضون يومياً إلى حملة شعواء من أبواق الشر التي يديرها سماسرة الاحتلال والبغاء. الدماء الزكية تتناثر على الطرقات بمففخات الغدر، والناطق الرسمي يقول: وضعنا خططاً جديدة ستمنع وقوعها مستقبلاً، وستُسهم في حماية المدنيين، ومتحدث آخر يعلن: "لقد أُلقي القبض على مجموعة إرهابية مسؤولة عن التفجيرات الأخيرة التي ضربت العاصمة"، وبعض قادة الأمن يقضون ليال حمراء في ملاهي الكرادة وأبو نوّاس لإشباع غرائزهم واستلام الأتاوات من أصحابها مقابل توفير الحماية اللازمة لهذه الملاهي، وليذهب الفقراء وعوائلهم إلى الجحيم، كما اعتاد أن يعلن المتحدث باسم مجلس القضاء الأعلى نهاية كل شهر عن إطلاق سراح تسعة الاف متهم لعدم ثبوت الأدلة، والكويت تُنزل العلم العراقي من السفن المارة في خور عبد الله، ووزارة النفط ترفض نصب العدادات في الموانئ العراقية وتصر على بيع النفط العراقي من دون رقيب أو حسيب، ووزارة الكهرباء تبيع حصتها لمستثمرين عراقيين بواجهات أجنبية، ودماء الفقراء تسيل في البياع والحبيبية وسعد الحديثي يقول: "هذه التفجيرات دليل يأس الإرهابيين" وسوء الأحوال الجوية يؤخر انطلاق عمليات تحرير الجانب الأيمن من نينوى.....الخ.