حجم النص
بقلم:نغم المسلماني مع دقات الجرس وتزاحم الطلاب على أبواب العام الدراسي الجديد، أقبل علينا بوجهه الصبوح ليطمئن الآباء الكادحين، ويعلن عن بدء عام آخر يتكئ على اكتافهم المثقلة، ليستعدوا ويستأنفوا رحلتهم الشاقة من جديد على نقيض أملهم في قرارات البرلمان لموازنة هذا العام. غريبٌ ما يحدث.. كيف تكاتفتم بجهود حثيثةٍ على عرقلة المستقبل ليبدأ الطلبة بفضلكم عاماً تتقدمه المعوقات الكونكريتية من غياب الخدمات وانعدام الأمن وتأخر توفير المناهج الدراسية لجميع المراحل ولعدة أعوام على التوالي.. فبفضل رعايتكم الواضحة يتزود الطالب كل عامٍ مقدماً بكل الأسلحة اللازمة للفشل ليسجل اسمه واسم البلد في طليعة قائمة التأخر والجهل وبتقدير امتياز مع مرتبة الشرف. والأدهى والأغرب أنكم تحثونه بعدها على التقدم.. وأنتم المثل الأعلى على الخمول والتأجيل و(التأخر) تلك الكلمة المستفزة التي تصدرت عناوين تصريحات وبيانات الوزارات لهذا العام. ولن ننسى شكركم جزيلاً فبسبب اهمالكم لمهامكم الأساسية يجلس الآن ولدي وابنتي واولاد اختي وابن جارتي وكل البراعم التي بدأت تزهر حديثاً في وسط الأدغال على مقاعد المستقبل المجهول، وقد بدأوا عامهم الفريد منذ أكثر من أسبوع بحقيبة فارغة إلا من رغبتهم في التعلم، خاوية لا تحمل إلا كتابين مهترئين لا أكثر تقاتلوا عليها مع أقرانهم وهم يبحثون بين المناهج الممزقة والمبعثرة على أرضية مخزن المدرسة. مسكين ذلك الطالب ينظر بعين الحسرة لبعض أقرانه ممن يحملون حقائب ممتلئة بكل ما يلزم ليس بفضلكم حاشا لله. ولكن بفضل ذويهم الذين دبروا أمرهم من بعد تدبير الله واشتروا المناهج الدراسية والقرطاسية من السوق السوداء لميسورية حالهم الاقتصادي ولأنهم لا يريدون مشاركتكم في تلطيخ يديهم بقتل مستقبل أولادهم. والحكاية المضحكة تلك لم تنته فشرّ البلية ما يضحك خاصة بعد أن يرجع ذلك الطالب ذو الكتابين الممزقين إلى والده المتهالك ويطالبه بأبسط حقوقه في التعلم فيجد الأب أكثر استكانة منه، يقف حزيناً صامتاً بين حق ابنه المشروع وبين قلة الحيلة وغياب الدور الوزاري. ولم يعد غريباً أن تكتظ المكتبات في سوق السراي في بغداد والمكتبات الأخرى في مختلف أنحاء العراق بالمناهج الدراسية الجديدة، بينما المدارس خاوية على عروشها والوزارة النائمة تصرح بعد غفوتها الطويلة جداً أنها لا تعرف كيف تسربت هذه الاعداد الكبيرة من المناهج الى المكتبات (ومن هالمال حمل جمال) ثم بعدها في صحوة موت تنهال البيانات والتصريحات التي تعزي تأخر توزيع المناهج لتلكؤ المطابع في عملها ووجود بعض المشاكل اثناء توقيع العقود (فمع وجود الشماعة) يكون العذر وجيه جداً. وعذر العام الماضي كان أوجه وأوجع للعقل والمنطق. الكل يستيقظ متأخراً.. فهنيئاً لنا وزاراتنا النائمة على حقوقنا الضائعة واحلامنا المسلوبة. ثم أخيراً.. رسالة لوزيرنا المحترم نشكر اطلالتك الرائعة ولا شك أن أناقة مظهرك سرّتنا ولكن نرجو السماح والغفران فأسبابك عصية على المنطق العنيد. ونحن بدورنا (أولياء الأمور المتهالكين) نطمئنك بأننا لعبنا دورك وعوضنا ما كان من نقصك، والسبب أننا لا نريد لأبنائنا مستقبلاً شبيهاً باليوم، ولا تقلق أبداً كيف ومن أين؟! فنحن سنخيط لهم من جلودنا طريقاً معبداً بعيداً عن المطبات التي وضعتموها ليتعثر بها أبنائنا في كل خطوة نحو المستقبل. وعذراً أيضاً لأننا تجاهلنا بيان جنابكم الموقر في أنكم ستزودون (90%) من مقرر الكتب المدرسية في نهاية الشهر الأول من بداية هذا العام، خوفاً من وقوع أولادنا ضحايا النسبة المتبقية (10%) وحظ آباءهم العاثر في هذه البلد. وتحسباً لكل طارئ ولتطمئن أكثر سنضع في قائمة مهامنا التربوية أن نعلم أولادنا أيام العطل الصيفية كيفية الحفظ وتخزين المعلومات بالتسميع وايحاءات المعلم لكن نأمل من جنابكم توفير العلاج الطبيعي للمعلم المنسوب لمساكين دائرتكم.
أقرأ ايضاً
- قراءة في المنهاج الوزاري للحماية الاجتماعية ومكافحة الفقر
- لمرور سنة على تكليفه :محمد توفيق علاوي يكشف بعض الحقائق بخصوص تشكيل الكابينة الوزارية
- دعاة المحاصصات القومية والطائفية يطالبون باستحقاقات في الكابينة الوزارية الجديدة