- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
عافية الشعر الحسيني من سلبها ....الجزء الثاني
حجم النص
الجزء الثاني العود على البدء أحمد استمر الحال ولم تتعثر مسيرة الشعائر الحسينية بل هي التي أزالت كل العقبات والعوائق كما هو ديدنها وما هو معتاد عليه وغدا يتسع الحيز الذي شغلته في كل مكان. وكانت فاعلية دورها المزدهر بالمجتمعات بارزة واضحة واستحوذت ديمومتها على عقول الجماهير الواسعة واجتاحت المساحات الشاسعة ولم تخفِ الجماهير تمسكها الشديد بل أجهرت بالاعتصام بأهدافها المعلنة وغير المعلنة وبأجل أبعادها ومعطياتها وأدرك الموالون للإمام الحسين صلوات الله عليه وأحباؤه وأوداؤه بأن هذه الشعائر لم تكن إلا تميمة يتحرزون بها من الوقوع على جرف هارٍ من الإنحرافات فما كان من الموالين إلا أن يقلدوا بتلك التميمة جيد عقيدتهم ويحصنونها لتقيهم شرور الجهل والغفلة. ولم تكتفِ الجماهير الواعية بالمشاركة العفوية أو التقليدية بل عاهدت أن تتكفل الدفاع عن هذه التميمة بوعي وثقافة وأن تنتصر لها وتبطل سحر الأرواح الشريرة. ولما حتم عليها الواقع أن تقدم مصداقا يثبت صدق تهافتها ومشاركتها ودفاعها عن الشعائر قدمت برهانها وهو إقناع الآخرين وحثهم على المشاركة في هذه الشعائر وحسبت كل ذلك صيغة إعتزاز بالهوية العقائدية والعلامة الفارقة التي وسمتها دون المجتمعات الأخرى التي لا تكترث بإرثها الديني أو الحضاري أو العقائدي. وإن هذه الشعائر وترديدات شدو المراثي والمدائح والأناشيد من خلالها هي تباريح لوعة نفس محزونة وتسابيح أنفس وأرواح بالهموم مشحونة ينفسون بها همومهم على آل بيت الرحمة صلوات الله عليهم.ليتطابق فعلهم مع وصف جعفر بن محمد الصادق صلوات الله عليه حين يقول: نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله هذه المحاسن والمآثر والمقومات التي تزينت بها الشعائر الحسينية وما عكست من آثار إيجابية نافعة مفيدة التي تتلمسها البصائر. أغاضت أعداء الشعائر فبررت لهم لأن يضاعفوا سعيهم ويناصبوا جهدهم ويبتكروا أخس الوسائل وأدهى الحيل لإيقاف مسيرة الشعائر الحسينية التي يحتشد فيها الشعر الشعبي ولو إلى حين وجرت كل المحاولات للقضاء عليها إنما عبثا حاولوا. إذ أن هذه الشعائر مقدر لها الديمومة مهما بلغت التحديات. ولكن كما هو الحال لكل ظاهرة، تتعرض لحالة الجمود بين فترة وأخرى وهذا النمط من الجمود ما هو إلا جرس إنذار للذين يسعون للقضاء عليها من الطغاة والعتاة وبه تلقنهم درسا لن ينسوه أبدا. وفعلا أصابت الشعائر الحسينية حالة الجمود تلك الحالة التي تنتابها في كل العصور بين عصر وآخر. بسبب الحرب الشعواء التي تشنها السلطات الجائرة ضدها إذ هي لا ترغب بأن تنتمي الناس إلى هذا المنهاج الفكري الإنساني. ويبدو أن هذا الأمر يمثل سرا مهما من أسرار القضية الحسينية حيث مهما بلغت الحرب والمعاداة يتهاوى المحاربون والأعداء وتبقى راية الشعائر عالية خفاقة ترفرف وتستظل بظلها الأجيال.لأنها راية ركزها الإمام الحسين صلوات الله عليه على أعالي ذرى الحق والعدل المساواة والحرية. نعم اعترى الشعائر الحسينية الجمود في الموطن الأم كما يقال ـ أي في مدينة كربلاء المقدسة ـ في حين استمرت إقامتها في بلدان أخرى وبوسائل وسبل مختلفة. إذ أن هذه الشعائر تأسست لتعيش عيشا سرمديا ويتحدى خلودها أية محاولة للقضاء عليها ولا تتوقف حتى ولو يصيبها الجمود في فترة ما. ولكن مهما استمرت في البلاد الأخرى فإنها لا تؤدي الفاعلية ولا تجري مجرى استمرارها في موطنها الذي تأسست ونشأت وترعرعت فيه جوار مرقد سيد الشهداء الإمام الحسين صلوات الله عليه. حيث أن وثوب الإمام الحسين صلوات الله عليه بأرض الطف كان إيذانا لانهيار عروش الطغيان والظلم والجور.وهذا الإنهيار تحقق بالصرخة المدوية التي أطلقها وبإراقة دمه الطاهر المقدس وتعذر على الزمن أن يحجب امتداد هذا الصوت الذي قدر لصداه أن يظل عاليا مدويا يجتاح كل آفاق العقيدة ويحطم القيود ويزيح كل العقبات والمصدات والموانع. وفعلا اخترق الحجب التي شيدها المبغضون وأخمد أصوات الطغاة المحاربين بل ساقهم إلى الفناء محمولين على محفات الذل والخذلان. تعاضدية الشعر الشعبي للقضية الحسينية مما لا يختلف عليه إثنان إن القضية الحسينية وشعائرها والشعر الشعبي المقترن بها أثبتت أن مثلها كمثل الشمس الساطعة مهما تلبدت السماء بالغيوم فإنها لابد أن تنقشع وتسطع الشمس لتملأ الآفاق نورا. وقد لازمتها السرمدية لتتحدى الأزمان وهي تنبض بالحياة. وربما تنتاب هذا النبض حالة الإخفات فيخفت مرة ويجهر أخرى لكنه يأبى التوقف.لذا اعتلى صوت النبض مرة أخرى جهارا وبأشد وأقوى مما كان عليه في ما مضى. وهذا ما جعلنا نتوق لأن نوسع المشاركة بها ونقدم ما يليق بعظمتها. ولكن الانشغال بهذا التوق والحماس والإندفاع والجاهزية والاستعداد والإصرار على الاشتراك بالمشروع الإصلاحي الحسيني عن طريق الشعائر الحسينية من جديد بحيوية وقوة وبشوق شديد وبرغبة أشد كل ذلك خلَّف سهوا أصاب أصحاب الشأن وتركت بوابة الساحة الأدبية الحسينية التي تسورها وتزينها القصائد والردات الحسينية الأنيقة الرصينة. تركت دون حارس أو بواب مما أدى لأن يستعجل بعض الإخوة من شديدي الرغبة للإنتماء إلى المدرسة الحسينية العظيمة التي أشرعت أبوابها منذ القدم لينتسب لها كل الأحرار الواعين والمثقفين لذا فقد هب الجميع طلبا للتشرف بالمشاركة الفعلية في هذا المشروع. وقد غاب عن أذهان هؤلاء الأعزاء أن المشاركة في مثل هذا المشروع الإنساني الكبير ينبغي أن يحقق أهداف النهضة الحسينية العظيمة وتحقيق أهدافها يتطلب اتباع آليات معينة منها التسلح بالثقافة والوعي ونكران الذات والتضحية والإيثار. وحصل تدافع شديد وثمة من زحف إلى الساحة الأدبية خلسة دون جواز أو استئذان لتزدحم وتكتض بالنتاجات المزاجية الكيفية والتي لا تنم بأي صلة لكل ما يمكن أن يدرج بقائمة الأدب الحسيني المتعلق بالقضية الحسينية ولا يصلح الكثير منها أن يرقى للتسمية هذا الزحف والتزاحم المفاجئ غير المناسب والاحتلال للمواقع المتقدمة دون وجه حق فسره البعض بأنه نتيجة لإعانة ومساعدة بعض الميالين لممارسة المحسوبية والمنسوبية من الذين يتصدرون توزيع الأدوار في مثل هذه الأماكن إن الإخوة الأعزاء الذين ساقهم الشوق الحار للمشاركة وحدا بهم أن يتزاحموا على اقتحام الساحة الأدبية كان عليهم قبل أن يتسلقوا الأسوار يتأنوا ويتوقفوا على شرفات التصبر والإنتظار قليلا ليتأملوا ويطيلوا النظر بالبصيرة على ما سيجري في باحة المدرسة الحسينية ليكتسبوا خبرة تؤهلهم الدخول بعد أن يخضعوا لتمرينات وتدريبات واختبارات. شريطة أن لا يكون التدريب صوريا تقليديا فقط ترديد أو أداء وما يشابه ذلك بل توغل في العمق التوعوي والثقافي والديني والعقائدي والإلتزام الحاد بالتوجيهات والتوصيات والإرشادات الدينية والفكرية والأخلاقية والإجتماعية ومعرفة قيم ومبادئ ومفاهيم النهضة الحسينية لكي يبلغوا مرحلة النضوج فيحق لهم أن يحتلوا الصدارة. إلى اللقاء في الجزء الثالث حسن كاظم الفتال
أقرأ ايضاً
- الدعوة إلى تجديد الخطاب في المنبر الحسيني.. بين المصداقية ومحاولة تفريغ المحتوى
- تكامل ادوار النهضة الحسينية
- الإعلام الحسيني.. الأهداف والخصائص