- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سماحة السيد السيستاني، من أكثر منك مدنية؟
حجم النص
بقلم:ضياء الحسيناوي لقد أخذت لفظة المدنية كثيرة التداول، حتى صارت محط أختلاف بين من يربط بينها وبين العلمانية وبين من يجد أنها فلسفة مستقلة بذاتها وهل تتتعارض مع التيار الأسلامي؟ أم تقف معه في بناء الدولة؟ لقد اختلف الباحثون في تحديد المعنى اللغوي للمدنية، فمنهم من ارجعها إلى الفعل “مَدِنَ” بمعنى أقام أو سكن. وقد أرجعها آخرون إلى الفعل “دان” وهو مأخوذ من “الدين”، ويعني الطاعة والخضوع. ولو تتبعنا لفظة “المدينة” في القرآن الكريم، حيث وردت أربع عشرة مرة كلها تدل على أن المدينة هي مركز الأشعاع الحضاري وأن الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) أطلق لفظة المدينة على يثرب تأكيداً على المعنى الأول وهو الإقامة أو السكن حيث قال “اللهم حبب ألينا المدينة”. أما في أوروبا، فقد مرت لفظة المدينة بثلاث مراحل هي: مرحلة ماقبل الثورة الصناعية، حيث كانت تعني المدينة هي المنطقة التي أساسها السوق أو الميناء أو المحكمة. ثم مرحلة الثورة الصناعية، حيث أصبحت تطلق لفظة مدينة على المنطقة التي تظهر فيها المصانع ويتجمع فيها العمال والمنظّمين بعد أن أنتقلوا من القرى والمزارع. ثم مرحلة ما بعد الثورة الصناعية حيث أصبحت المدن مراكز عالمية أقتصادية كانت أو صناعية أو سياسية. فالدولة المدنية هي الدولة التي جاءت لتدعم التعايش السلمي بين المختلفين، وترعى التسامح داخل البلد الواحد، وأن من أهم مبادئها هي الديمقراطية التي تعني التبادل السلمي للسلطة التي تتم بأخيار الشعب. كذلك من مبادئها مراعاة حقوق الأنسان، وأن هناك سلطة عليا هي سلطة الدولة التي ترعى مبدأ التساوي بين الأفراد من حيث الحقوق والواجبات وهي التي تطبّق القانون لا الفرد أو الدين أو القومية، وأن الفرد يعرّف على أنه مواطن لا بماله أو بسلطته أو أنتمائه. فهي لا ترفض الدين أو تعاديه وفي الوقت نفسه لا تعتبر الدين المشرع الوحيد لرسم سياسة الدولة. فإذا ما تمعنى النظر بهذه المبادئ وجدنا أولاً: أن هناك أختلاف كبير بينها وبين العلمانية التي تقوم على أساس فصل الدين عن السياسة. ثانياً: هناك تشابه وتطابق كثير بين المبادئ الأسلامية لبناء الدولة والمبادئ التي تقوم عليها الدولة المدنية، فكان منطق القرآن “لكم دينكم ولي دين”، وقول رسول الله محمد (صلى الله عليه وآله) لآل سفيان “إذهبوا فأنتم الطلقاء” وموقف الأمام علي (عليه السلام) من النصراني الذي وجده يستجدي على الطريق في دولة العدل الألهي في خلافته سلام الله عليه والكثير من الشواهد والنصوص في عصر الرسول والأئمة الأطهار سلام الله عليهم التي تدل على مبدأ التعايش السلمي والتسامح مع وجود الأختلاف الديني أو المذهبي أو القومي. وإذا ما انتقلنا إلى عصرنا الحالي وتمعنا النظر في المواق السياسية التي وقفتها مرجعيتنا الرشيد المتمثلة بسماحة السيد السيستاني حفظه الله منذ عام 2003 وإلى يومنا هذا لوجدنا أن مبادئ ورؤى الدولة المدنية متماشية تماماً ورؤى سماحته في إدارة الدولة. وهذه بعض فتاوى سماحته كشواهد لمدنية سماحة السيد: شجب سماحته واستنكاره للأعمال الأرهابية التي تعرض لها عدد من الكنائس المسيحية في بغداد والموصل والتأكيد على وجوب احترام حقوق المواطنين المسيحيين وغيرهم من الأقليات الدينية. وكذلك الفتوى الدستورية التي أصدرها في25 /ربيع الآخر/1424هـ والتي توجب اجراء الانتخابات كي يختار كل عراقي من يمثله في مجلس تأسيسي لكتابة الدستور ثم التصويت العام للدستور,كذلك الطلب الذي رفعه سماحته ألى رأيس مجلس الأمن الدولي الذي يرفض فيه قانون إدارة الدولة للمرحلة الأنتقالية والذي وصفه مجلس غير منتخب في 6/6 /2004. وبعد أن أصدر سماحته فتواه الجهادية ضد الأرهاب الداعشي، فتأسس الحشد الشعبي ومع ذلك أصر على أن يكون قيادة الحشد تحت أمرة القائد العام للقوات المسلحة. وذلك ليست اعترافاً منع بان صاحب هذا المنصب هو قدر المسؤولية، بقدر ما هو احتراماً لمؤسسات الدولة وهيبتها. وأخيراً أنشأ 300 كرفان في النجف الأشرف وتجهيزها بكافة وسائل العيش للمهجرين من أهلنا في الموصل. والكثير من المواقف التي تدل على أن مرجعيتنا في النجف الأشرف هي الأكثر تطلعاً لدولة مدنية في العراق، وقد تبنت هذا بمواقف طُبقُت على أرض الواقع وليست مجرد شعارات ترفع هنا أو هناك.
أقرأ ايضاً
- خارطة طريق السيد السيستاني
- خارطة طريق السيد السيستاني
- موقف السيد السيستاني من سرقة أموال الشعب بعنوان مجهول المالك؟!