حجم النص
بقلم:سالم مشكور منذ العام 2003 وحتى شهور خلت لم يكن للمملكة العربية السعودية سفير في العراق. وخلال ولايتي السيد نوري المالكي في رئاسة الوزراء كانت العلاقات متوترة بين البلدين، رغم أنه – المالكي – اختار الرياض كأول عاصمة يزورها بعد توليه رئاسة الوزراء في دورته الاولى. كانت تلك رسالة للسعودية للدخول في علاقات طبيعية ايجابية، لكن الرياض لم تستجب وظلت تتعامل بسلبية مع العراق متذرعة بأن المالكي لم يف بوعود قدمها للملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز, لكن السبب الحقيقي أفصح عنه الملك السعودي ذاته خلال استقباله الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني عندما قال له: «أنتم الكرد في القلب لكن هؤلاء (يقصد الشيعة) فلا نستطيع معهم تفاهماً». طبعا يستند هذا الموقف من شيعة العراق الى فرضية سعودية بأن هؤلاء هم امتداد لإيران، وبالتالي فان الموقف منهم يتحدث على اساس حالة العلاقات الايرانية - السعودية، والتي لم تشهد تطبيعاً منذ عقود. جاء الاتفاق الاميركي - الايراني الاخير ليزيد من شراسة الموقف السعودي تجاه طهران التي تراها الرياض منافساً يتمدد في المنطقة على حساب نفوذها. من هنا زادت السخونة في ساحات صراع النفوذ بين الدولتين، ومنها الساحة العراقية، خصوصا بعدما قررت السعودية فجأة اعادة فتح سفارتها في العراق، وإرسال سفير هو العميد الركن ثامر السبهان. مبدئيا، ان قرار اعادة العلاقات السعودية مع العراق، يفترض أن يمثل صفحة جديدة تمتاز بالايجابية والتعاون ودعم العراق في مواجهة الاخطار وعلى رأسها «داعش». الذي حدث هو أن السفير بدأ مهامه بتصريحات ضد القوى التي تحارب «داعش»، فيما استمرت التصريحات السلبية من الرياض وعلى لسان كبار المسؤولين، وهي تقع جميعها في خانة المواجهة السعودية مع إيران، ولكن من خلال التدخل في شؤون داخلية عراقية بما يعد تجاوزا على السيادة العراقية، وأيضا عبر توجيه اتهامات لقوات الحشد أثناء انشغالها في أشرس المعارك ضد «داعش» في الفلوجة. يشكو السفير السبهان بأنه يتعرض لهجمة اعلامية مدعومة من ايران، لكنه ينسى أمرين، الاول: حجم الحساسية الموجودة عند كثير من العراقيين حيال الموقف السعودي خصوصا وان هؤلاء لم يروا تغييراً ايجابياً من الرياض باتجاه العراق، والثاني: حجم الحرية الاعلامية الواسع المتاح في العراق والذي يمكّن المتابع من قياس اتجاهات الرأي العام بسهولة. وحتى لو سلمنا جدلا بأن موجة الانتقادات والمطالبة بطرده وراءها ايران كما يقول، فإن ما يطلقه هو من تصريحات انما يندرج في خانة الحرب الباردة السعودية الايرانية، وهذا ما حدا بالخارجية العراقية الى دعوة السفير وحكومته الى تصفية حساباتهم مع الدول الاخرى بعيدا عن الساحة العراقية. ما دفع الكثيرين الى عدم الترحيب بالسفير السعودي، هو الشك بأن ارساله بالتزامن مع توقيع الاتفاق النووي، ربما ينبئ بأن الرياض قررت استخدام الساحة العراقية في التصعيد ضد ايران، بما لا يصب في مصلحة العراق. ترسخت الشكوك لاحقا بسيل التصريحات الصادرة من السفارة والخارجية السعوديتين بخصوص الحشد الشعبي ودوره في تحرير الفلوجة.
أقرأ ايضاً
- دموع كريستيانو رونالدو.. رسالة بليغة !
- مهزلة التعليق الرياضي
- كربلاء بعيونه هو.. كربلاء كما لم أعرفها من قبل