- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الزنجي الذي أخرج صدام من الحفرة
حجم النص
بقلم:هادي جلو مرعي يتحول التاريخ الى عبء يصعب التخلص منه. أحيانا يستطيع البعض فعل ذلك. وهناك من يعيش على التاريخ، وهناك من يحتاجه ليسيطر ويلعب لعبة السلطة، كان صدام حسين ماهرا في اللعب على التاريخ وحمل الناس على الإحتفال به، لم يكن العراقيون يشعرون بلذة لأنهم يدركون أن فرحهم بالتاريخ هو فرح لشخص واحد ولسطلة واحدة.. عندما ذهب صدام حسين تحول الى تاريخ للتسلية. الحالمون به يرونه على وجه القمر، والحاقدون يرونه بلحيته الكثة عند فتحة السرداب الذي أخرجه منه جندي أمريكي كان أجداده يعملون خدما وعبيدا في المزارع الأمريكية! الذين حكموا من بعد صدام كانوا عاديين جدا، تافهين جدا لم يستطيعوا حتى التشبه به، فإنشغلوا بالمفاسد والصراعات، حين كان صدام يلتذ بجوع شعبه في أيام الحصار كان معارضوه يحاولون جمع أوراقهم ووضع ثيابهم في حقائب منتقاة من أسواق ومطارات ليعودوا الى بغداد، لم يكونوا ليصنعوا التاريخ، فالمطار الوحيد الذي نستخدمه بناه صدام. والطرق التي نستخدمها في بغداد أنشأت في عهده، وكذلك الجسور والمسارح والقاعات ومدن الألعاب والأسواق والمستشفيات والبنوك، وأشياء أخرى. الزنجي الذي أخرج صدام من حفرته كان سعيدا أنه يصنع التاريخ.. لكن صدام بقي في صورتين، الأولى في أذهان الموالين له والمنتفعين منه وهي زاهية تتلون بضوء القمر، بينما لم يحتفظ غالب العراقيين سوى بصورة الللحية والحفرة والزنجي وعذابات عقود من القهر والحرمان. لكن لماذا نحن اليوم نسير في دروب مليئة بالحفر والمطبات ونعاني الألم وفقدان الأمل؟ في عهد صدام كنا نعيش على الأمل، الأمل بالخلاص من الدكتاتورية والحلم بحياة مختلفة. اليوم هناك الحرب. القاعدة وداعش. الفساد. السنة والشيعة، التدخلات الدولية والعربية والإقليمية، الكرد الحالمون بالدولة، الناس العاديون الراغبون بالتغيير. السياسيون المصرون على الفوضى والفساد وتجاهل الناس العاديين ونبذهم. سوء الخدمات, الكهرباء والماء والتعليم والصحة وبقية الخدمات. الطرق المدمرة. المدن المنسية والمحتلة. المستقبل المجهول. البحث عن طريق للهجرة الى البعيد المجهول! ياه له من واقع مر ومرير ومسيء للذائقة.