حجم النص
بقلم:واثق الجابري واحدة من أهم مشكلات العراق الجديد؛ تناقض القول والفعل السياسي، ومشاهدة المواطن لبيع المباديء، وإستمرار عمليات نخر الدولة وداء المناصب ووقاحة الخطاب، وإيكال التهم الى المنافس لدرجة الإتهام بالخيانة؛ للظهور بصفة الحريص على حقوق المساكين، وتعميم الفساد للإختفاء في دخان حرائقه وضوضاء أفكاره، وإخفاء مآرب سلطوية تحت عباءة النزاهة. عهدنا شتات العمل السياسي عن معنى الإيمان بالديموقراطية، وبروز مساعي صدع الرآب، وَكبّ نفايات الخلافات في أحضان المواطن. عملياً لم تحدد بعض القوى موقفها من الديموقراطية، ومدى إيمانها بالتبادل السلمي للسلطة وسماع الرأي الآخر، وإحترام وجهات النظر، والأهم تغافلها عن مصلحة الدولة وأفرادها، ونسيانها لمواثيقها ووعودها، وتراجعها الذي قطع أواصر التلاقح الوطني، ومشتركات تضع أقدام جماهيرها، حتى جعلت من خطاب المواطن أكثر شقاقاً وإنحياز ونفي للمخالف. يشعر بعض الساسة بالتَعالي وإحتقار الشعب، وتأسيس السذاجة والتسطيح، وتعدى إتهام المنافس بالإنحراف والتقصير؛ الى الجماهير وتجريم أفعالهم، وتعظيم الصغائر ونسيان القضايا الكُبرى؛ هروباً من تحديد المنطلقات وتقويم الأفكار والأفعال، وغموض الأهداف ومَنْ سيجني نتائج رعونة التصرفات. تَطابق تعارض بناء الدولة، مع جهات معادية أوكلت الأخطاء للدستور، ودعواتها المبطنة؛ صريحة لنسف النظام السياسي برمته، ولم يُصرح بنقاط خلافية بالدستور عن مواقعها ليتم تعديلها، أو لم يسمحوا أصلاً لتطبيقه ليعرف الشعب نقاط الخلل، وأشد فعلهم وقعاً؛ مخالفة الدستور وحنث يمينه وعمله السياسي، وإصرار بعضهم على التشبث بمواقف خارج الإجماع والأغلبية، وزج جماهير أوكلتهم للعمل الديموقراطي وقبول نتائجه. إن بعض الدوائر تربت وتجذرت بالفساد والإستبداد، وهيمنت الفردية وتهميش الجماهير وعداء الحرية والديموقراطية في أنفاسها، وأغرقت الإعلام بمصطلحات الضحالة والإستهتار والسَوقية، وتُصر على تصدير الخطاب المخالف بعد الإجتماع والتفاوض، وتخرج للجماهير برفض رأي الأغلبية المعارضة لطروحات الأقلية؟! المواطن غير معني بتحمل الأخطاء السياسية، ولا وسيلة لتحقيق مصالحهم الحزبية، ودفعه ضحية وأداة تقاطع مجتمعية. يبقى السؤال متى ستعلن بعض القوى عن عدم إيمانها بالديموقراطية، وإلى أين يسيرون بالعراق بمواقفهم الهزلية، ومتى يُعلن مَنْ يرفض التبادل السلمي للسلطة والتمثيل الشعبي،؛ أنه مستعد لحمل السلاح والعمل كالعصابات وإخضاع الآخر بالقوة؟! ومتى يُطلق الأسر عن المقايضات والتلويح بنسف العملية السياسية، ومَنْ المُستفيد مِن إنهيار دولة يرتع ساستها بالفساد، ويلوم غيرهم وينسون أنفسهم، وتتدهور سبل العيش، والعدو على الأبواب ينتظر مزاد بيع دولة تحت تهديد السلاح؟!