تحتل وسائل الإعلام مكانة متميزة في واقعنا المعاصر لما لها من تأثير على الفرد والمجتمع من ناحية عملية التنمية الثقافية، وفي التربية والتعليم، وخاصةً بعد انتشار الإذاعات والقنوات الفضائية وشبكة الانترنت.
من هنا تحتم الاهتمام بالإعلام الديني خاصة بعد استخدامه كسلاح من قبل أعدائنا لبذر الآفات والعلل التي من شأنها تدمير مجتمعاتنا وحرفها عن مجال القيم والأخلاقية الدينية الإسلامية، لذلك وجب إيلاء هذا الجانب اهتماما كبيرا ودعمه بشتى الوسائل بدءا من الكتابة والتأليف وانتهاء بالتوزيع والتسويق.
ولكن الملاحظ على الإعلام الإسلامي وخصوصا في الفترات الأخيرة معاناته من الضعف وافتقاد الاهتمام به إضافة الى قلة تأثيره على المتلقين لأسباب كثيرة، ولغرض التعرف على بعض تلك الأسباب وطرح بعض الحلول والآراء الخاصة بهذا الشأن اخذ موقع نون آراء بعض رجال الإعلام لأخذ آرائهم بهذا الصدد.
الإعلام الناجح في التنمية والتربية
[img]pictures/2009/12_09/more1260345040_1.jpg[/img][br]
بدءا حدثنا الناقد خالد يونس خالد عن العلاقة بين الإعلام والتنمية والتربية قائلا: إن الإعلام الناجح هو الإعلام الحر وكلما كان كذلك زادت ثقة المجتمع به وكانت رسالته في التنمية أقوى تأثيراً والعكس صحيح، وللإعلام دوره الهام في المساهمة بالتنمية الوطنية وفي تحقيق الثورة الفكرية، وذلك عن طريق جعل القارئ والمشاهد على إطلاعٍ كامل بخلفية القضايا العامة التي تواجه التنمية، والتي يمكن أن تكشف له عن أسباب اتخاذ القرارات التي تتعلق بهذه القضايا وعن مدى سلامتها.
وأضاف أن: الإعلام يساهم في تكوين الرأي العام وتكوين أنماط السلوك، وآليات التكيّف التي نشاهدها باتت واضحة ولا سيما في إطار ما تشهده الأمم والشعوب من تطورات في كافة وسائل الاتصال، ومهمتنا الآن كبيرة وتتمثل في تعزيز ثقافتنا وانتمائنا ووجودنا تجاه المشاريع التي تستهدف الأمة.
الحرية من أهم سبل النهوض
[img]pictures/2009/12_09/more1260345040_2.jpg[/img][br]
أما الكاتب والناقد صباح رحيمة فقد تم سؤاله عن الأسباب التي أدت بالإعلام الديني الى أن يكون دون مستوى الطموح وعن الوسائل والسبل الكفيلة بانتشاله فأجاب قائلا: إن الأسباب تتمثل بكثرة الممنوعات والمحذورات وعدم توظيف الخطاب الذي يمكن أن ينفذ فيه الخطاب الديني بغلاف الجمال والتورية واستغلال التراث الإسلامي - شكلا ومضمونا- استغلالاً مثالياً لمخاطبة العقول وفق ذوق وثقافة المجتمع بدراسة دقيقة ومدروسة وفي برامج تستطيع استقطاب المجتمع.
وعن رأيه في اتخاذ الكثير من الكتاب الغربيين من حرية التعبير وسيلة ً في الإساءة للآخرين، ومدى جواز رد الإساءة بالمثل، قال: لا اعتقد أننا نكون قد عبرنا على أنفسنا إذا قابلنا إساءة المسيء بنفس طريقته بل علينا أن نقدم أنفسنا من خلال تاريخنا وتراثنا وحاضرنا ونظرتنا للمستقبل واعتقد انه الرد الرادع للوصول الى إسكات أولئك وإخراسهم لا سيما وإننا نمتلك من الحق في ذلك التاريخ والتراث والحاضر الكثير من مقومات الحجة التي لا نحتاج معها أن ننزلق الى مستواهم.
فيما أجاب عن كيفية إيصال الشعائر الحسينية الى الغرب بقوله: إن الشعائر الحسينية تراث ثر وحصانة كبيرة للأجيال إذا ما استثمرت الاستثمار الأمثل والأرقى في تبويب منهج النهضة الحسينية الشريفة وتقديمها من خلال ذلك التبويب وتلك المنهجة، بتقديم مفردات تلك النهضة التي شاء الله تعالى ان تكون في كل مرفق من مرافق الحياة، ويمكن أن تؤثر في العقل أيما تأثير لو فصلت تفصيلا دقيقا وقدمت بشكل ممهنج من خلال برنامج حواري أو تمثيلي أو يتعامل مع المعادل الصوري لمخاطبة الوجدان والعاطفة معا كونها تجربة إنسانية فريدة وكبيرة.
وكان السؤال الأخير الذي وجهه موقع نون عن الإعلام التعبوي الميداني والفكري والإعلام الجماهيري النهضوي، وهل بإمكانه مواجهة الظلام والاستبداد؟ فأجاب قائلا: نحن بحاجة ماسة لإعلام تعبوي ميداني ولكن ضمن منهج بعد أن ورث مجتمعنا الكثير من الإحباطات التي خلفت الكثير من الفوضى وثقافة مهزوزة، وكذلك الإعلام التعبوي فكريا لإشاعة ثقافة جديدة لنصل بخطابنا الى أن يكون خطابا جماهيريا أي تبناه الجماهير في أطروحاتها وتحركاتها، وأما القوى الظلامية والاستبدادية فإنها منهزمة حتماً أمام النهضة الحسينية الشريفة والدلائل كثيرة وهي التي جعلتهم يمارسون أقذر الطرق الإعلامية والإجرامية محاولة منهم لإيقاف المد الحسيني الذي دخل الى عوائلهم وانتشر في مجتمعاتهم، ولكن أعود وأقول من خلال الأساليب الفنية والجمالية لصياغة الرسالة ( تمثيلية – برنامج مسابقات- وثائقيات- شهادات..الخ) بخطاب هادئ رصين مشوق.
الابتعاد عن المحلية
[img]pictures/2009/12_09/more1260345040_3.jpg[/img][br]
الإعلامية العراقية أنعام الجزائري في هولندا انطلق الحوار معها بالسؤال عن أهم الوسائل الناجعة للنهوض بالإعلام الإسلامي؟ فقالت: إن الوسائل كثيرة، وأهمها الابتعاد عن المحلية، ومخاطبة الناس بصورة عامة والشباب بصورة خاصة، بأسلوب سلس شفاف عالمي، وكذلك استحداث أساليب تحاكي التطور الإعلامي والابتعاد عن الإعلام الموجه، لأن العالم أصبح كقرية صغيرة، فالمشاهد يمكنه متابعة عشرات الفضائيات فضلا عن تصفح الانترنت.
س/ هل ثمة آليات أو مقترحات مناسبة لردع الإعلام الذي يسعى إلى نشر ثقافات مشوهة عن الواقع العراقي خاصة؟
أنعام الجزائري: مما لا شك انه يتمثل بنقل الحقيقة وصوت المواطن والواقع الحياتي سلبياً أم إيجاباً، فالعراقيون المغتربون يواجهون هجمة من قبل العرب المسلمين على وجه الخصوص؛ لأنهم يعتبرون موافقتهم على ما حدث في العراق من متغيرات خيانة للعروبة والإسلام، وهو تصور خاطئ بني على معتقدات زائفة، لذا يجب الابتعاد عن سماع هذه الأقاويل والشعارات التي تسعى إلى التفرقة والطائفية، هذا من جهة، والجهة الأخرى هي تنمية الإعلام وكشف الكثير من الحقائق التي لم تبصر النور والرد على القنوات العربية رداً مقنعاً شفافاً مبرهناً لدحض جميع المساعي المستقبلية لتلك الفضائيات، فالإعلام العربي عيون ساهرة لتسجيل ما يفتضح في العراق دون ما يسره ويبعث الطمأنينة والبهجة بين ربوع البلد.
الإعلام الديني يفتقد الكثير
وعن مدى تأثير الإعلام الديني في الغرب، وهل ارتقى الى المستوى العالمي حدثنا الأستاذ ( احمد الصائغ) مدير مؤسسة النور للثقافة والإعلام في السويد، فقال: إن الإعلام الديني ما زال يفتقد الكثير ونحن لا نريده أن يدخل بصيغته الدينية المعروفة لكن من الممكن أن يدخل من باب الإعلام العام ومن ثم يتخصص بالإعلام الديني وذلك من خلال إبراز الطقوس الدينية وتطويرها عبر وسائل إعلام مستقلة وحيادية.
وعن آلية الرد على الهجمات التي تطال أعلام الدين بالمثل قال الصائغ: إن الرد بنفس الطريقة مناف لأخلاقنا كمسلمين أولاً وكعرب ثانياً، وكعراقيين أولاً وأخيراً، ولكن علينا أن نقدم حججا وبراهين على أن ما يراه الغرب غير صحيح عن الشخصية المحمدية والإسلامية، من خلال تطوير الشخصية الإسلامية وطرحها على أنها الصورة الإسلامية الحية وليس كما صورها الرسام الدنماركي الذي اعتمد على الشخصيات التي تفجر وتقتل، إذن يجب استخدام وسائل أخرى غير التي يتبعوها هم، تبين أن الإسلام دين يدعوا للتسامح، وليس دين قتل، لكن آلية وصول الصوت الإسلامي الى الشارع الغربي أو لمن ينتقد الإسلام يجب أن تكون بخطاب إسلامي موحد بإظهار الصورة الحقيقية للإسلام والشخصية المحمدية، وليس رداً دفاعيا أو هجومياً، كما يروج في وسائل الإعلام المأجورة من قبل دول معينة.
تعدد وسائل الإعلام مطلوب
[img]pictures/2009/12_09/more1260345040_4.jpg[/img][br]
واختتم موقع نون جولته عند الإعلامي جهاد جعفر بالاستفسار منه عما هو مطلوب من اجل النهوض بالواقع الإعلامي الإسلامي فقال: إن تعدد الوسائل الإعلامية مطلوب ومهم جداً، فهناك الإعلام المتخصص والإعلام المتعدد وأغلبها موجهة، والبرامج المطلوبة للنهوض بواقع الإعلام الديني منها وجوب أن لا تكون مقتصرة على وقت محدد ومكان معين فنحن نحتاج الى نقل الصورة بشكل صادق للعالم الإسلامي برمته فالفضائيات لها تلقي وحضور من شرائح مختلفة لمجتمعات إسلامية ومسيحية وغير ذلك من أفريقيا وأوربا وآسيا، ومن الأدوات التي يجب أن يمتلكها الإعلامي الناجح لينال الاستحسان طريقة توصيل المعلومة الصحيحة للناس بالطرق التي يراها مناسبة، ومــن المؤكد أنّ اهتمام وسائل الإعلام بأي إنسان نابع من أن لديه ما يخبر عنه الآخرين - وجهة نظر خاصة - إن كان ذلك إنجازاً علمياً أو خطةً سياسية أو انجازاً رياضياً أو قصةً إنسانية أو عملاً فنياً، لذلك فإن التثبت لوجهة حـــول هـــذا الــمــوضــوع أو ذاك عبر الدلائل له تأثير كبير في النجاح الإعلامي.
تحقيق /حسين نعمة
أقرأ ايضاً
- مالسبب الذي جعل الكاتب والإعلامي المصري محمود قنديل يصف أهالي كربلاء بالمتحضرين؟!
- لقاء مع الأديب والإعلامي العراقي حنون مجيد:(السّرد الجميل لتأثيث عالم قبيح)
- لجنة النقل والمواصلات في مجلس كربلاء :القطاع الخاص قدم خدمة جليلة للنقل الداخلي وبأجور متواضعة مع حجم المتاعب الكبيرة التي يقدمها سواق المركبات