قال تعالى (والى مدين أخاهم شعيباً • قال ياقوم اعبدوا الله ما لكم من اله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني اراكم بخير وإني اخاف عليكم عذاب يوم محيط • وياقوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تعثوا في الارض مفسدين ) سورة هود (84-85).

عن علي (عليه السلام ) قال :قيل له :ياامير المؤمنين حدثنا ؟قال :ان شعيب النبي دعا قومه الى الله حتى كبر سنه ودق عظمه ،ثم غاب عنهم ماشاء الله ،ثم عاد اليهم شاباً ،فدعاهم الى الله عزوجل فقالوا ما صدقناك شيخاً نصدقك شاباً بحار الأنوار ( 12 | 385).

[img]pictures/2009/11_09/more1259320892_1.jpg[/img][br]

وعن علي بن الحسين (عليه السلام ) قال :اول من عمل المكيال والميزان شعيب النبي (عليه السلام )عمله بيده ،فكانوا يكيلون ويوفون ،ثم انهم بعد ان طففوا بالمكيال والميزان وبخسوا في الميزان فأخذتهم الرجفة فعذبوا بها (فأصبحوا في ديارهم جاثمين )(والرجفة )هي الزلزلة .

تنص الاية الكريمة والروايات الشريفة على المكانة العظيمة التي اعطاها الله جلت قدرته للنبي شعيب (عليه السلام) وشعيب النبي هو شعيب بن نوية بن مدين بن ابراهيم ،وكان خطيب الانبياء لحسن مراجعة قومه وهم اصحاب الايكة .

[img]pictures/2009/11_09/more1259320892_2.jpg[/img][br]

فعلى يديه سنت بعض الشرائع واكتشفت بعض الاختراعات فصار دهراً وهو عظيم وبقي كوكباً وهو وضاء وظل ترنيمة يتغنى بها القرآن الكريم كما ظل بركة في أي بقعة وطأتها قدماه ومنها ارض مدينة الديوانية وتحديداً في جهتها الشمالية مرقده الشريف الطاهر تقع وسطه قرية يوصلها طريق ترابي محاذٍ لنهر يبلل رضاب القاصد الى قرية (العماريين ) .حيث يترأى للناظر من بعيد فلا تحد الانظار الى تلك القبة البيضاء والبيضوية الشكل , وقد دفن في وسطها نبي الله شعيب (عليه السلام ) وبعد معاناة الطريق المملوء بالحفر والتي يصعب على قاصد المرقد وخصوصاً في فصل الشتاء الوصول اليه (عليه السلام ) وصلتُ الى المرقد واذا بذاكرتي ترسم لي صورة المرقد عندما وقفت انا وبعض اسرتي لزيارته قبل حوالي (5 ) سنوات فكان بناؤه ذا هيبة ووقار وذا اعمدة وجدار وحوله زروع واشجار وزيارة معلقة على الجدار وخدام وزوار وقد قرأت ورقة يحدها اطار خشبي موضوعة على يسار باب المرقد مكتوب فيها ما معناه (ان هذا المرقد هو مرقد نبي الله شعيب وكان الكلام والختم للعالم الجليل الشيخ باقر شريف القرشي (حفظه الله تعالى )ولكن مارأيته اليوم غير ذلك فالبناء مهدم الا القبة التي اصابتها الشقوق الكبيرة فلا اعمدة ولاجدار والقطعة التي كتب عليها الزيارة ملقاة على الارض ولا يوجد سوى امرأة متوسطة العمر تنتظر الزائر , وشرطيين يحرسان المرقد (منذ زمن والمرقد يعاني من الاهمال) وبعدها تحدثت مع خادم المرقد السيد عبد الكاظم عمران قائلاً :

[img]pictures/2009/11_09/more1259320892_3.jpg[/img][br]

انا اخدم المرقد منذ زمن طويل حيث كان ابي وجدي ايضاً من خدام مرقد نبي الله شعيب (عليه السلام ) فبعد الاهمال الطويل الذي لحق المرقد شمل بعملية الاعمار كغيره من الاماكن المقدسة حيث بوشر بالعمل ثم توقف مدة (8) اشهر بعدها استؤنف العمل وتم هدم محيط القبة بآلية الشفل بعدها توقف العمل للمرة الثالثة بسبب ان البناء قديم ومن الطين او من مادة (الخزف ) ويجب ان تهدم القبة ويعاد بناؤها من جديد فلم تقم الشركة بالبناء سوى المجمعات الصحية وبنسبة حوالي 65% ولم نسمع الا كتباً تسير ذهاباً واياباً بين دائرة الوقف الشيعي ودائرة المزارات ولكن دون جدوى وقد زار المرقد مدير الوقف الشيعي في المحافظة وعدد من القنوات الفضائية وبعض الصحف وقد عرضنا مشاكل المرقد على مدير الوقف في المحافظة ولم نر َ أي حل واضاف الخادم قائلاً : ان للمرقد مساحة كبيرة تحيط به من كل جانب تبلغ (45) دونماً وبسبب هدم المرقد ورداءة طريقه الذي يبعد عن الشارع العام حوالي (4) كيلومتر جعل نسبة زواره تنخفض كثيراً والذين هم ليسوا من محافظة الديوانية فقط بل من محافظات مختلفة وخصوصاً من محافظة كربلاء المقدسة كما اضاف السيد عبد الكاظم ان المنطقة لا تتمتع بوجود المرقد الطاهر فحسب بل ان المنطقة أثرية وهناك اماكن لم تنقب بعد وقد ذكر لنا الاستاذ حسن عجلان مدير الوقف الشيعي في الديوانية اسباب توقف العمل في المرقد وعزاها لعدة امور قائلاً :-لقد قامت مديرية الوقف في المحافظة باعداد المخطط وتمت المصادقة عليها من القسم الهندسي في المديرية وبعد المباشرة بالعمل وتهديم الجوانب الخارجية للمرقد تبين ان الاسس التي تم البناء عليها هي اسس قديمة متكونة من (الفرشي والنورة ) مما جعل بقية البناء مهددة بالسقوط لانه لا توجد اعمدة تحمل القبة وبعد ان وصل العمل الى هذه النتيجة تدخلت الامانة العامة للمزارات في المحافظة لانها هي الراعي لهذه الاماكن المقدسة وايضاً تدخلت دائرة الاثار في المحافظة لانه مكان اثري فتم ايقاف العمل وتشكيل لجنة ثلاثية من الجهات ذات العلاقة وبعد الكشف الموقعي للمرقد قررت اللجنة بأن تهدم كل البناية وتبنى من جديد على ان يتم المحافظة على اصل البناء بحيث تكون القبة بصلية الشكل اما مسألة الحفريات فيجب ان لا تكون هناك حفريات قريبة من المرقد لانه يخرج المرقد عن القدسية وبعد ان اعلمنا الامانة العامة للمزارات لم تتخذ أي اجراء بهذا الخصوص ولحد الان مع كتبنا المتواصلة للحكومة المحلية ،علماً انه كان من المفترض ان يكون البناء الحديث على الشكل التالي:

بناء ركائز وحصيرة ارضية لبناء القبة وعلى ان يكون شكلها بصليا وبناء جوانب لمصلى الرجال ومصلى للنساء مع بناء صحن خارجي يحيط بالمرقد اضافة الى بناء مجمعات صحية على ان يبقى الشباك القديم على حاله السابقة

(الهدم بدون علم الاثار ولن نسمح بالحفريات)..

[img]pictures/2009/11_09/more1259320892_4.jpg[/img][br]

ذكر السيد ابراهيم محمد مدير دائرة الاثار في المحافظة قائلاً : ان كل ما يهمنا في المرقد هو القبة التراثية والتي في الاصل بنيت على مكان اثري وقد وافقنا على تهديم القبة الشريفة لانها معرضة للسقوط وفي حال بنائها يجب ان يكون على نفس المواصفات ونفس المساحة والمواد الاولية للبناء واضاف السيد ابراهيم قائلاً : على ان يكون العمل باشراف اثار المحافظة كما ان الاثار لا تسمح لاي عمل يحتوي على حفريات وهذا ما تم الاتفاق عليه مع دائرة الوقف فضلاً عن عدم دخول آليات ثقيلة للموقع علماً انه تم الهدم بدون علم دائرة الاثار في المحافظة كما ان تاريخ بناء القبة يدل على انها في بداية القرن العشرين ولا يوجد تاريخ مدون.

(استلمنا المرقد بعد التهديم)

اما السيد علي يحيى عبد مدير الامانة العامة للمزارات الشيعية في الديوانية فقد تحدث قائلاً : صدر قانون رقم (19) لسنة (2005) والذي بموجبه اخذت الامانة العامة على عاتقها ضم المزارات الشيعية الشريفة وبناءها وتطويرها . واضاف قائلاً: قبل ان تستلم الامانة العامة في المحافظة المرقد, كانت هناك مقاولة للاوقاف لتوسيع المزار وبناء مصلى ومجمعات صحية وبعد العمل تبين ان البناء قديم وغير متماسك مما ادى الى تشقق في القبة والقبر الشريف فتم ايقاف العمل وتشكيل لجنة مع الوقف وتم الاتفاق على بناء مجمعات صحية من قبل الوقف الشيعي اما الامانة العامة للمزارات فتتحمل بناء القبة ومصلى للرجال ومصلى للنساء ونحن ننتظر من مديرية الوقف وضع تصاميم جديدة للبناء((سيدخل في خطة الاعمار عام 2010)) وان شاء الله في عام (2010) يدخل في خطة الاعمار وستكون كلفة العمل وفق مسودة التصميم الجديد حوالي (مليار وسبعة عشر مليون دينار )وبهذا يظل الامل يسكن القلوب ولايبارح الشعور ولايفارق العيون في ان تعتلي مكانة نبي الله شعيب (عليه السلام) اعالي الذرى في وقت وهب الله فيه الخير والامن والامان واعاد الامور الى نصابها الصحيح وجعل الامر بيد اهله التواقين الى جنان الله وسبل الوصول اليه وما النبي شعيب (عليه السلام) الا امتداد لهذا السبيل (قالوا ياشعيب أصلواتك تأمرك ان نترك مايعبد اباؤنا او ان نفعل في اموالنا ما نشاء انك انت الحليم الرشيد) (87) ولتظل مدينتنا حالمة تغفو على انغام اسماء الاولياء وتتعطر بثرى قبورهم الطاهرة وتفتح ذراعاً لتحتضن كل من يرنو بعينه صوبها ويعشق استنشاق عبيرها وشذى اهل البيت (عليه السلام) فهي مضيف وديوانية لكل من قصد رحاب نسل رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم )) .

قصي زكي / الديوانية