- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
سايكس ـ بيكو على الطريقة الأمريكية
حجم النص
بقلم:عباس عبد الرزاق الصباغ يبدو من واقع الحال ان تصارع الأجندات السياسية داخل مراكز القرار الامريكي مابين الديمقراطيين والجمهوريين له تأثير مباشر على صياغة القرارات الإستراتيجية الخارجية وتوجيه دفة بوصلة هذه القرارات ويتضح ذلك في التخبط الأمريكي في العراق منذ 2003 ومن الممكن ان يكون من نتائج القراءات الأمريكية الخاطئة عدم وضوح رؤية السياسة الأمريكية تجاه العراق وعدم وضع خارطة طريق لإستراتيجية سياسية شاملة وواضحة المعالم في هذا البلد تكون بديلا عن الفوضى الخلاقة كمشروع أمريكي لما بعد الديكتاتورية المدحورة . ولاول مرة تتعامل الولايات المتحدة رسميا مع العراق بناء على تمثلاته المكوناتية الرئيسية داخل دولة اسمها العراق وليس كدولة مستقلة وذات سيادة ترتبط معها باتفاقية الإطار الإستراتيجي التي تلزم الولايات المتحدة باتخاذ سلوك يحفظ للعراق سيادته وأمنه في ذات الوقت وعدم التدخل في شؤونه الداخلية واحترام كينونته كدولة لها حضورها الدولي الفاعل والمستقل وهي اتفاقية تلزم الولايات المتحدة بجملة التزامات إطارية حيال العراق وكما جاء في القسم الأول من اتفاقية الإطار (تستند علاقة الصداقة والتعاون إلى الاحترام المتبادل، والمبادئ والمعايير المعترف بها للقانون الدولي وإلى تلبية الالتزامات الدولية، ومبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية، ورفض استخدام العنف لتسوية الخلافات.- إن وجود عراق قوي قادر على الدفاع عن نفسه أمر ضروري لتحقيق الاستقرار في المنطقة.) ويحتم على الولايات المتحدة ان تلتزم بموجب القسم الثالث من هذه الاتفاقية ان تتعاون مع العراق تعاونا تسليحيا وامنيا دون شرط او قيد (التعاون الدفاعي والأمني تعزيزاً للأمن والاستقرار في العراق، وبذلك المساهمة في حفظ السلم والاستقرار الدوليين، وتعزيزاً لقدرة جمهورية العراق على ردع كافة التهديدات الموجهة ضد سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها، يواصل الطرفان العمل على تنمية علاقات التعاون الوثيق بينهما فيما يتعلق بالترتيبات الدفاعية والأمنية دون الإجحاف بسيادة العراق على أراضيه ومياهه وأجوائه. ويتم هذا التعاون في مجالي الأمن والدفاع وفقاً للاتفاق بين الولايات المتحدة الأميركية وجمهورية العراق) الا ان الفقرة 1223 من مشروع قرار الكونغرس الخاص بتقديم المساعدات للعراق في مواجهة داعش الارهابي قد ضربت عرض الحائط اهم مضامين اتفاقية الإطار ومايخص التعامل مع العراق كدولة، وقراءة اولية لهذه الفقرة تكشف عن هذا الاتجاه الذي يتناقض تماما مع بنود الاتفاقية وفي الدرجة الأساس تجاوز او تجاهل الحكومة العراقية المنتخبة. ويتجلى هذا التناقض في بعض متون هذه الفقرة: (يتم تخويل وزير الدفاع الأميركي بتقديم مبلغ 715 مليون دولار في السنة المالية 2016 من المساعدات للجيش وقوات الأمن وغيرها من المرتبطة بحكومة جمهورية العراق بما فيها قوات الامن الكردية والعشائر او قوات امن محلية اخرى مرتبطة بمهمة الامن الوطني وتستوجب إنفاق ما لايقل عن 25 % من هذه الأموال لتقديم المساعدة بشكل مباشر للبيشمركة وقوات الامن والعشائر السنية المرتبطة بمهمة الأمن الوطني والحرس الوطني السني العراقي). ويعتقد الكثير من المحللين السياسيين ان القرار الذي قدمه (ماك ثوربيري) له "جذر" تاريخي يعود الى الديمقراطي جو بايدن الذي ظن الكثيرون وقتئذ ان المشروع التقسيمي والتفتيتي الذي أطلقه بايدن بتجزئة العراق الى ثلاث دول (كردية ـ سنية ـ شيعية)، ان هذا المشروع قد تلاشى بسبب الرفض الحكومي والشعبي العراقي العارم له الا انه بقي على الرف ليشكل بذرة لمشاريع مستقبلية تقسيمية اخرى كلما اشتد أوار الأزمات الطاحنة التي تحدق بالعراق ليُبعث مشروع بايدن من جديد بصيغ متجددة الا انها في النتيجة تفضي الى مشاريع تقسيمية للعراق وإعادة رسم خارطته التي وضعها مشرط سايكس بيكو قبل مئة عام تقريبا وإنتاج مجموعة خرائط "عراقية" بدلا من الخارطة الوطنية الحالية وعلى ترسيمات عرق/ طائفية. ورغم التطمينات الأمريكية حيال العراق باستمرار التزام الولايات المتحدة بمضامين اتفاقية الإطار الإستراتيجي الموقعة مع العراق سنة 2008 والتزامها بوحدة العراق وتماسك مكونات شعبه فضلا عن رفض الكونكرس التصويت على فكرة اعتبار الكرد والسنة دولتين من فقرة (١٢٢٣) من المشروع الذي قدمه ثوربيري وبحجة ان قانون التسليح الأمريكي لايتيح تسليح أية جهة هي غير دولة الا ان التوجسات العراقية لم تتبدد ناهيك عن الرفض الحكومي والبرلماني والشعبي القاطع جملة وتفصيلا لهذا المشروع الذي كشف عن جملة معطيات: 1 ان الإدارة الأمريكية لم تقرأ المشهد السيا ـ سيوسولوجي العراقي قراءة ناضجة ومازالت تنظر الى هذا المشهد نظرة مكوناتية عرق /طائفية وليس كدولة لها نسيج اجتماعي متراص. 2 مازالت رؤية الولايات المتحدة متعثرة في التزاماتها المترتبة عليها من خلال اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي وقعتها مع العراق والتي تم بموجبها انسحاب قواتها من الأراضي العراقية ما جعل العراق مكشوفا أمام المخاطر الأمنية وتحاول "التملص" منها بذرائع شتى 3 تخبط الولايات المتحدة الواضح في تبريراتها حول مشاركتها المتواضعة في المسعى الدولي للقضاء على داعش ففي الوقت الذي تُمرر مشروع ثوربيري للتصويت عليه تؤكد عدم تغير سياستها الخارجية تجاه العراق 4 وفي الوقت الذي تؤكد على التزامها باتفاقية الإطار التي تلزم الولايات المتحدة بصيانة وحدة واستقلال وامن العراق تقدم دعما مشروطا الى العراق وتطالب منه شهادة حسن "سلوك" تجاه المكونين الرئيسيين الآخرين في إشارة عرق / طائفية غير مبررة للحكومة العراقية المتشاركة تشاركا توافقيا على انها حكومة شيعية فقط ويجب ان تشرك البقية في الحكم والقرار وهو مادعا الولايات المتحدة الى تمرير هذا القرار التمزيقي الذي يعيد فداحة سايكس ـ بيكو وعلى الطريقة الامريكية ليبقى مشروع بايدن احدى مرتكزات السياسة الأمريكية الخارجية المتخبطة في العراق. اعلامي وكاتب
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- الآن وقد وقفنا على حدود الوطن !!
- الآثار المترتبة على العنف الاسري