- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
ذكرى استشهاد السيدة أم البنين (عليها السلام)
حجم النص
بقلم/مجاهد منعثر منشد قال تعالى:ـ إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم وإن أسأتم فلها(1). يقول الإمام الصادق (عليه السلام): أحيوا أمرنا رحم الله من أحيا أمرنا(2). تدعوني ويك ام البنين...تذكريني بليوث العرين كانت بنون لي أدعى بهم....واليوم أصبحت ولا من بنين أربعة مثل نسور الربى....قد واصلوا الموت بقطع الوتين تنازع الخرصان أشلائهم...فكلهم أمسى صريعا طعين ياليت شعري أكما أخبروا...بأن عباسا قطيع اليمين ان الامام علي (عليه السلام) قال لعقيل: أنظر إلى امرأة قد ولدتها الفحول، لأتزوجها فتلد لي غلاماً فارساً. فقال له: تزوج أم البنين الكلابية، فإنه ليس في العرب أشجع من آبائها(3). فهي فاطمة بنت حزام بنت خالد بن ربيعة الكلابية العامرية، وهي من بيت عريق في العروبة والشجاعة، وليس في العرب أشجع من أبائها وأصل كريم، على تعبير عقيل بن أبي طالب رضوان الله عليه (4). وأمها تمامة بن سهل بن عامر. وهذه السيدة الجلية قد تنازلت وطالبت عدم ندائها باسمها (فاطمة) مخافة أن يتذكر أبناء السيدة الزهراء (عليها السلام) أمهم، فيتجدد لهم حزنهم، ويعود عليهم مصابهم...فكان امير المؤمنين الامام علي (عليه السلام) يناديها بكنيتها (ام البنين)(5). وكان استشهاد السيدة أم البنين (عليها السلام) في 13 جمادي الاخر يوم الجمعة عام 64 هـ بعد مقتل الامام الحسين(عليه السلام) على ما تذهب إليه بعض الروايات.ومكان دفنها في المدينة المنورة (البقيع). وربما يتبادر الى الاذهان الاستغراب في كلمة استشهاد السيدة ام البنين (عليها السلام) وسنعود لذلك فيما بعد. وانها ضجيعة شخص الإيمان قد استضاءت بأنواره وربت في روضة أزهاره واستفادت من معارفه وتأدبت بأدبه وتخلقت بأخلاقه.. , فانها زوجة ولي الله تعالى وحجته وخليفته واخووذراع رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم)ووالد ريحانتي رسول الله الامامان الحسن والحسين (صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين),فزوجها امام المتقين وقائد الغر المحجلين الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام).. ولها من الاولاد من صلب امير المؤمنين عليا(سلام الله عليه) اربعة هم:ـ أكبرهم: حامل لواء الامام الحسين (عليه السلام) (العباس) (عليه السلام) ويكنّى بـ (أبي الفضل)و(قمر بني هاشم). والسيد عبد الله والسيد جعفر والسيد عثمان (سلام الله عليهم اجمعين) وقد استشهدوا جميعاً في نصرة أخيهم الإمام الحسين (عليه السلام) في كربلاء يوم عاشوراء. و لكن لم يتطرق اهل التواريخ الى دور أم البنين (عليها السلام) وعملها بعد واقعة كربلاء، نعم إنما ذكر بكاؤها وندبتها(6). ويذكر الخطيب الشيخ عبد الحميد المهاجر في كتابه (العباس بن علي) وكانت أم البنين شاعرة فصيحة لاحت بوادر شاعريتها في الأفق، بشعرها السهل الممتنع، والإيماني، فقد كانت تعوذ ولدها أبا الفضل العباس وهو رضيع صغير، فقد كانت له الأم الحانية، تخاف وتخشى عليه من أعين الحساد من أن تصيبه بأذى أو مكروه، وكانت تعوذه بالله تعالى، أعيـذه بـالـواحــد من عين كل حاسد قائـمـهـم والقاعـد مسلمهم والجاحـد صادرهم والوارد مولـدهـم والـوالـد والسيدة ام البنين (سلام الله عليها) في واقعة الطف (كربلاء) كانت في المدينة المنورة بسبب علة المرض..وقد صرحت السيدة فاطمة الصغرى ـ وهي بنت الامام الحسين (عليه السلام)، أو مشتغلة برعاية أولاد بنيها، أو غير ذلك مما علمه عند الله سبحانه. ولكن لم تكن الاسباب المذكورة مانع لجهادها ضد بني أمية حيث كانت تفضح بني أمية الذين قتلوا الإمام الحسين (عليه السلام).. وهذا ماجعلنا نذكر كلمة الاستشهاد بحقها ,فحتما أن اعوان بني امية قاموا بدس السم اليها. ومايذكره التاريخ في استهداف بيت النبوة والامامة سواء الائمة (عليهم السلام) او نسائهم او اصحابهم ,فعلى سبيل المثال في زمن امير المؤمنين (عليه السلام) قاموا بدس السم الى مالك الاشنر في العسل.وبعدها دس السم للامام الحسن (عليه السلام).وهكذا فالتاريخ يسطر بالدليل تلك الجرائم. والسيدة ام البنين (سلام الله عليها) من النساء الفاضلات العارفات بحق أهل البيت مخلصة في ولائهم ممحضة في مودتهم ولها عندهم الجاه الوجيه والمحل الرفيع وقد زارتها السيدة زينب الكبرى (عليها السلام)بعد وصولها المدينة المنورة تعزيها بأولادها الأربعة كما كانت تزورها أيام العيد وبلغ من عظمتها معرفتها وتبصرتها بمقام أهل البيت(عليهم السلام) أنها لما دخلت على أمير المؤمنين وكان الحسنان مريضين أخذت تلاطف القول معهما وتلقي إليهما من طيب الكلام ما يأخذ بمجامع القلوب..وما برحت على ذلك تحسن السيرة معهما..وتخضع لهما كالأم الحنون. وقد ورد عن الزهراء (سلام الله عليها) يوم الحشر تخرج من تحت عباءتها كفين مقطوعين وهما كفا أبي الفضل العباس وتقول: يا عدل يا حكيم احكم بيني وبين من قطع هذين الكفين.. وكان من موقف السيدة ام البنين (سلام الله عليها) في استشهاد الامام الحسين (عليه السلام) موقف نادر ومشرف ورائع حينما يدخل الناعي المدينة وهو (بشر بن حذلم) ويصيح: (يا أهل يثرب لا مقام لكم.. الخ) يخرج رجال ونساء المدينة ليتلقوا الخبر ومن بينهم ام البنين (عليها السلام) خرجت لتسأل الناعي ما الخبر فأفادها بما جرى. فقالت: يا بشر أسألك بالله هل الحسين حي ام لا؟ فتعجب بشر من سؤالها، فسأل بشر رجلا وقف إلى جنبه: من هذه الامرأة المفجوعة، قال: هذه ام البنين، ام العباس وأخوته. فأراد بشر ان يخبرها بشهادتهم واحدا بعد الآخر لتخفيف الألم عنها، فقال لها: عظم الله لك الأجر بولدك جعفر قالت وهل سمعتني اسألك عن جعفر، فقال لها عظم الله لك الأجر بولدك عبد الله، قالت أخبرني عن الحسين، فقال عظم الله لك الأجر بعثمان وأبي الفضل العباس قالت ويحك لقد قطعت نياط قلبي، أخبرني عن الحسين، أهو حي ام لا؟ فقال لها بشر: يا ام البنين عظم الله لك الأجر بأبي عبد الله الحسين، فما ان سمعت بالخبر، صرخت مولولة ورجعت إلى دار بني هاشم منادية: لا تزار الدار الا بأهلها على الدار من بعد الحسين سلام فلقد هان خبر مقتل أولادها أمام مقتل الحسين ابن فاطمة وهذا الموقف يكشف عن عمق ولائها ومودتها لآل الرسول ومدى الوفاء للزهراء البتول. وامتدادا لهذا الموقف نصبت مأتم عزاء على الحسين وآله وجعلت هذا العزاء والمأتم صرخة فجرت من خلاله كيان يزيد، حيث كان واليه على المدينة آنذاك (عمر بن سعيد) يكتب للطاغية ما سببت ام البنين له من ازعاج وكانت العقيلة زينب (عليها السلام) شاطرتها بالمصاب أيضا حتى أمر يزيد بإخراجها من المدينة فالتزمت الشام. وكانت العقيلة زينب أيضا تزور ام البنين في دارها لتشاطرها المصاب على أولادها، وهذا دليل على عظمة مقامها وشأنها. وذكر المؤرخون ان ام البنين بعد الفاجعة بفقدان الحسين وأولادها الأربعة، خطت خمسة قبور (من باب الرمز) في مقبرة البقيع، تبكي عليهم واستمرت لوعتها وأحزانها حتى استشهادها. فسيدتي ومولاتي ام البنين لها كراماته وهي احد الوسائل لطلب الحوائج فلو زارها الإنسان وصلّى عند قبرها ركعات ـ لا بعنوان الورود ـ قربة إلى الله سبحانه وأهدى ثوابها لها، كان مشمولاً لما دلّ من إهداء أمثال الصلاة للمؤمنين والمؤمنات. فياسيدتي ام البنين سلام الله عليك ورزقنا الله تعالى برحمته شفاعتك.
أقرأ ايضاً
- الانتخابات الأمريكية البورصة الدولية التي تنتظر حبرها الاعظم
- التكتيكات الإيرانيّة تُربِك منظومة الدفاعات الصهيو-أميركيّة
- الإجازات القرآنية ثقافة أم إلزام؟