حجم النص
بقلم فالح حسون الدراجي لم يكن (ربيعهم) العربي ربيعاً أخضر، ولم تكن أيامه أياماً جميلة وناصعة، بعد أن اصطبغ وجهه بدم الضحايا، وتلطخت يداه بدم الأبرياء، حتى أصبح هذا الربيع (كابوساً) يخيم على حياة الناس.. فسرقوا أحلام الشباب الذين خرجوا الى الساحات والشوارع ليقلبوا الكراسي على رؤوس الطغاة ويصنعوا مستقبلاً لائقاً لهم، ولبلدانهم المحرومة من نعيم الحياة. فأعطوا آلاف القرابين على مذبح الحرية، لكن اللصوص المستعدين دائماً للوثوب على أكتاف الشهداء وسرقة (كأس النصر) من أيدي الثوار الحقيقيين جاهزون في كل وقت!! واليوم حيث تدفع الشعوب العربية التي سقطت في فخ هذا الربيع الكاذب، وأولهم الشبان الذين زرعوا زهوره بدمائهم ثمناً باهظاً من حرياتهم وآمالهم ومعيشتهم، فإني أشعر بمرارة الندم تتفجر تحت لسان كل من شارك في هذه الثورات. وعجبي على هذه الشعوب المسكينة التي تثق بثورة تدعمها السعودية، وتمولها قطر، وتصِّدق بحرية يمنحها السيف المشبع بدم الأبرياء، ومستقبل يصنعه القتلة! لقد حطمت ودمرت هذه (الثورات الربيعية) سوريا وليبيا ومصر وتونس واليمن والسودان والعراق أيضاً. وحين انتفض الشعب المصري على (سراق) كأس البطولة والتغيير، وأسقطوا (عتاوي) الأخوان، وبعد انتصار الشعب السوري على عصابات (الربيع) بكل ألوانها، وعناوينها، وانتفاضة الشعب اليمني على الإرهابيين والطائفيين الوهابيين بقيادة الشباب الحوثيين الشجعان، وتحقيق النصر الحاسم والسريع، بعد أن كاد أتباع الوهابية أن يلطشوا نجاح الثورة على علي عبد الله لمصلحتهم، مثلما فعلوا في مصر وتونس وليبيا وغيرها، جاء الدور اليوم الى الشعب العراقي الحر لينتفض، ويحرر معصمه من قيد الاحتلال الحقير، ويخرج كلاب السعودية وقطر واسرائيل من الأرض العراقية الطاهرة. فكان الربيع هذه المرة عراقياً من الوريد الى الوريد.. وشعبياً من الإطلاقة الأولى للحرية الى القطرة الأخيرة من دم الشهيد المجاهد علي رشم.. لقد أراد العراقيون أن يكون نصرهم أبيض مثل وجه العيد، وربيعهم أخضر مثل أفئدة العذارى.. لذلك مضوا الى (داعش) حشداً شعبياً خالصاً، لا من أجل شيء، إلاَّ من أجل أن لا يسقطوا كما سقط أخوتهم (العرب) في فخ الربيع العربي الخادع.. وحاشا أن يسقط حشد فيه بنادق هادي العامري، وقيس الخزعلي، وبقية الفرسان من قادة الكتائب، وتمشي خلفهم عشرات الآلاف من المهج والأرواح والقلوب الواثقة والعاشقة لتراب العراق الحر. لذلك، فإننا جميعاً – ومن كل التيارات الوطنية الحرة – نشارك الآن بقوة في صناعة هذا الربيع العراقي الأخضر، وفي هذا الموسم الأحلى كي نجعله ربيعاً زاهراً بحق، وموسماً جديراً بحريتنا الوطنية، وباباً للشعوب الأخرى، المنكوبة بنار وعار الاحتلال. ولأن آذار عتبة الربيع العطرة، فقد بدأنا من أول أيامه مشوار التطهير من دنس الاحتلال، وقد نجحنا والحمد لله منذ الوهلة الأولى في الوصول الى نوافذ الحرية، ولم يبق أمامنا إلاَّ القليل للتحرير الكامل للتراب العراقي، رغم شراسة المعركة، ولؤم العدو وخبثه.. فها نحن نسقط حصون داعش المفخخة واحداً بعد الآخر.. ونجعله يتخبط، ويرتبك حتى في خيارات هروبه نحو الحدود الخارجية. إذن..! ها هو ربيعنا الأجمل يبدأ، ربيعنا العراقي الأبيض كفجر العيد، والعَطِر كورد الياسمين، وها هو موسم القداح يدنو من مباهجنا وأفراحنا.. وهذا هو الفرق بين ربيعهم.. وربيعنا!!