- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
فساد الأنظمة ، سقوط الأنسان...!
حجم النص
فلاح المشعل ارتفاع منسوب التوحش لدى الإنسان المعاصر يجعل البشرية تمضي بخطى سريعة نحو نهايتها الآدمية، هذا ماتؤكده المظاهر المتنوعة لفساد الأنظمة، ولااقصد الأنظمة السياسية المتسلطة والإرهابية وحسب، بل الأنظمة الإجتماعية والإقتصادية والثقافية والتربوية وغالبية الأنظمة المتحكمة بالعلاقات بين انساننا المعاصر. الأنسان الناتج عن الأنظمة السائدة، اصبح مسخاّ كما تنبأ الكاتب كافكا في رواية "المسخ" حينما استيقظ بطل الرواية ليجد نفسه وقد اصبح حشرة كبيرة "صرصار"..! تنبؤات الأدباء والشعراء في القرن العشرين عن موت الإنسان، وتحوله لكائن إجرائي أو جزء من ماكنة كونية في ظل اجواء كابوسية استلابية، لم تكن نتاج لرؤية فنتازية أومناخ تشاؤمي وحسب، بل كانت قراءات عميقة وابداعية وضعتنا أمام واقعية الحياة التي سنعيشها بمكابدات عظيمة في القرن الحادي والعشرين. الإنسان صار يتقبل كل ماهو شاذ واستثنائي وخارج عن القانون، ويحيله الى الطبيعي والقاعدة والقانوني...! التيه الإنساني وقبول هذا الإنقلاب العنيف بالمعاني وسقوط الأنظمة الأخلاقية وتطبيع التناقض والتعايش معه، يجعل من المجرم بطلا ومن اللص عبقري زمانه والجبان صاحب الحكمة..! زمن تختفي به صور الأبطال الحقيقيين امثال جيفارا العظيم وهوشي منه والمهاتماغاندي واحمد سوكارنو ونلسن مانديلا، لتظهر نظيرا لها أدوار زعماء يشكلون اخطر عصابة لسفح الدماءوقتل للشعوب، امثال بن لادن ونتنياهو وبشار الأسد وغالبية رؤساء العالمين العربي والإسلامي. تلاشت الهموم الثقافية والإهتمامات الحضارية، وماعادت الرواية والمسرحية وديوان الشعرواللوحة والموسيقى، موضع نقاش وعشق نفسي والهام وجداني، بل جاءت أسئلة الجوع ومتطلبات الآي فون وهذا اللهاث الإستهلاكي لحاجات لاتمثل ضرورة إطلاقا، وانما هي استعراض اقتنائي لااكثر،جعلت الأيام مساحة لحساب الوقت في دائرة الفراغ واللامعنى المصحوب بصعوبة العيش وتهديدات الأمن الغذائي لنصف سكان الكرة الأرضية. رجل الدين الذي انطبعت صورته كخلاصة للزهد والجمال الروحي والنداء المشبع بالإيمان والتآخي والحب بين البشر، اضحى مبشراَ بالقتل أوزعيم ميليشيا يتلذذ بالذبح واحتساء الدماء في نشوة طائفية، أوباثا للعداوة ونجما في الفضائيات،يرقد على إرهاصات روح مراهقة وملايين الدولارات لقاء دوره الشرير بفتاوى الإبادة، وهذا ماشجع على سقوط الأخلاق، ووضع نهاية لنقاء الدين وقدسيته، وشجع الفرد على استبدال الرصيد الإيماني والأخلاقي بالرصيد البنكي...!؟ هذه نماذج من سلسلة الثنائيات في واقع يكرس فساد الأنظمة وسقوط الأخلاق التي تجعل كل ماهو محرم في نطاق الممكن والمباح والمقبول، هذا الزرع الأبليسي أثمر "داعش " وإجرامها الذي يتجلى في عادات وسلوك الكثير من الأفراد والمجتمعات والحكومات التي نحيا وسطها اليوم، ولكن بلا ضجة إعلامية، أو تحالف دولي مضاد...!؟
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- العراق، بين غزة وبيروت وحكمة السيستاني
- المسير الى الحسين عليه السلام، اما سمواً الى العلى وإما العكس