- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
الصدر يعتزل، والأحزاب تتكاثر أميبيّا
حجم النص
بقلم: نزار حيدر (١) في حديث مباشر على الهواء، قبل قليل، مع الزميل فلاح الفضلي، للنشرة الخبرية الرئيسية لقناة (الفيحاء) الفضائية، بشان اعلان السيد مقتدى الصدر اعتزاله السياسة، وكذلك عن ظاهرة تعدد الأحزاب السياسية في العراق الجديد، وتكاثرها بشكل أميبي، قلت ما يلي: اعتقد بان توقيت السيد الصدر لقراره لم يكن دقيقا ولا موفقا، فالتيار الصدري تيار عريق وواسع جدا في الساحة، وقد ترك، ولا يزال، بصماته الواضحة في مجريات الحياة العامة وفي العملية السياسية منذ سقوط الصنم ولحد الان، ولذلك فعندما يغيب عنه زعيمه وبقرار مفاجئ، فانه سيترك أثرا سلبيا ان لم يكن سيئا على التيار بشكل خاص وعلى العملية السياسية بشكل عام، فليس من الواضح، بعد الان، اين سيتجه التيار وماذا سيتبنى من سياسات وبرامج، خاصة ونحن نعرف جيدا بان للتيار ضابط واحد فقط لا غير هو شخصية الصدر فحسب، فكيف يمكن ضبطه اذا غاب صمام الأمان الوحيد عنه؟. كان يمكن للصدر ان يتّخذ قراره هذا بعد ان ينجز ويحقق الخطوات التالية التي لا يمكن لغيره تحقيقها، وهي: اولا: تطهير العناصر الفاسدة في التيار، والتي أشار اليها الصدر في بيانه وخطابه، خاصة وان بعضها تضخم حجمه بشكل لا يطاق، لا يمكن لأحد ردعها وإيقافها عند حدها غير الصدر شخصيا. ولو فعل ذلك لكان قد تحمل مسؤوليته في التصدي للفساد الذي أشار اليه في خطابه، اذ لا يمكنه التبرؤ من ظاهرة الفساد بعد ما يقارب من (١١) عام من التصدي السياسي وبكل قوة، بالاعتزال فقط من دون تحمل المسؤولية المباشرة، فعليا وعمليا. ان ترك التيار وشأنه في هذه الظروف العصيبة التي يمر بها العراق، خاصة ونحن مقبلون على انتخابات نيابية مصيرية بكل المقاييس، تركه عرضة لنهش الفاسدين والمتاجرين والمتصيدين في الماء العكر، يعدّ، برايي، قرارا يجانب الإنصاف بكل الاحول. وتتضاعف مسؤولية الصدر بهذا الصدد، اذا اخذنا بنظر الاعتبار حديثه واشادته بمنهجية الصدرين الشهيدين، فهما قدما حياتهما من اجل الإصلاح ولم يتراجعا عن موقفهما بالرغم من كل التحديات والتهديدات والضغوطات، حتى أستشهدا. ثانيا: تسمية المتاجرين بدماء الصدريين الشهيدين، وكذلك المتاجرين بسمعة التشيع وبتاريخ وسيرة امير المؤمنين علي بن ابي طالب عليه السلام من الذين يتلبّسون عنوانه وربما زيّه، والذين مر عليهم الصدر مرور الكرام. ثالثا: تحويل التيار الى حزب سياسي واضح المعالم والأهداف، ان على صعيد الهيكلية القيادية او البرامج. رابعا: الانسحاب تدريجيا من زعامة التيار، حتى لا يترك أثرا سلبيا بإعلانه المفاجئة للقرار، والذي تبيّن بأنّ اعلى القيادات في التيار لم تكن على علم به، وهي، ربما سمعته او قرأته في الاعلام كأي متابع آخر، وفوجئت به كما فوجئ به اي مواطن آخر. خامسا: توقيت الإعلان ليتناسب مع واقع افضل، سواء فيما يخص العملية السياسية برمتها، او على صعيد الأمن والحرب على الارهاب. اخشى ان يصاب التيار بالإحباط، وهو يفاجأ بقرار زعيمه، خاصة وان هناك قواعد كثيرة ربما لم تفهم مغزى الإعلان على حقيقته بسبب عدم إسعاف الوقت لقيادات وكوادر التيار لشرح الموقف لها، وإذا حصل وأصيب التيار بالإحباط، وتاليا بالانهيار، فستضيع جهود الصدرين الشهيدين بدلا من ان يصونها قرار الصدر القاضي بالاعتزال. نقطة مهمة جدا يجب ان نمر عليها، وهي: اذا قصد السيد مقتدى الصدر بقرار الاعتزال التأسيس لفصل الديني عن السياسي، فانه، وللتاريخ وللإنصاف، قد أصاب الهدف وبشكل دقيق جدا، اتمنى ان تحذو بقية القيادات الدينية المتصدية للسياسي حذوه، فترك الديني للسياسي امر جيد جدا في بلد كالعراق المتعدد والمتنوع في كل شيء، وبهذه المناسبة، يلزمنا جميعا ان نستذكر الرؤية السليمة والشجاعة التي كانت قد أعلنت عنها المرجعية العليا، عندما حرّمت على وكلائها التعاطي بالسياسي. وكلي أمل في ان تنسحب هذه الرؤية على السياسيين كذلك، فيبتعدوا عن الديني والمذهبي، لان ذلك سبب من أسباب التحريض على التحشيد الطائفي الذي يضر كثيرا بالعملية السياسية، فماذا يعني، مثلا، ان يرعى زعيم كتلة نيابية موكبا حسينيا ايام الاربعين؟. اخيرا: قد يفسر متابع قرار الصدر بانه أراد ان يفسح المجال امام التيار، ويفتح أمامه الباب على مصراعيها ليبدأ حوارا جديا مع الولايات المتحدة الأميركية، كونها اللاعب الرئيسي الاول او الثاني، ربما، في الملف العراقي، باعتباره يطمح الى قيادة الحكومة في المرحلة القادمة، لتوقع المراقبين له بحصد نسبة كبيرة من مقاعد البرلمان الجديد، الحوار الذي لا يرغب الصدر في ان يكون شاهدا عليه. شخصيا، لم تترشح عندي، لحد الان على الأقل، أية معلومات دقيقة وموثقة بهذا الصدد، من مصادر يمكنني الاعتماد عليها.
أقرأ ايضاً
- الة الرئاسة سعة الصدر
- علاوي يكتب في ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الصدر(قدس)
- التيار الصدري، الاطار التنسيقي، التشرينيون، رئيس الوزراء الحالي .. الى اين؟