- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
البغدادية في استديو التاسعة.. فساد مركب .!
حجم النص
بقلم :فلاح المشعل
أعطى برنامج استديو التاسعة اليومي دلالة مؤكدة على غياب أية ديناميكية فكرية وجمالية للعقلية التي ترسم الخطوط العامة لفلسفة قناة البغدادية وتوجهاتها ، واذ تضيّع القناة ساعة يومية كاملة في برنامج اريد له ان يكون نقديا ونقطة فضح صارخة ضد فساد الحكومة ، فأن غياب المجسات بأهمية هذا البرنامج وتأثيره صار يعطي نتائج عكسية ، ويضيع في أهداف ذاتية واخرى قصدية ، او بدوافع تتنافر مع أهداف النقد البناء .
يحاول مقدم البرنامج أنور الحمداني ان يعطي أنطباعا بأن ساعة البرنامج مكرسة لتقديم التعزية للعراقيين على أموالهم المهدورة او المسروقة من قبل أحزاب السلطة الحاكمة ، في صفقات فساد تضمها ملفات كبيرة . لكن إعادة هذا النشيج يوميا على طريقة (الملايات ) في مجالس العزاء ،وفي منظور مكرر مع ديكور ثابت وازياء سوداء يرتديها المقدم دون معنى محدد ، بل موضوع يجتر حاله مع ثوابت لذات الوجوه التي تكرر وظيفتها بقراءة لأوراق ملفات الفساد .
محددات تعيد الدور على نحو يومي كئيب دون تحديث او تغيير في النسق، وضع البرنامج في حالة موت سريري ، وتنافر مع أهدافه بكون الشاشة مشهد مرئي جمالي يمكن ان تسوق منها رسالتك ، لكن ثوابت المشهد واستنساخه اليومي من وجهة نظر المشاهد خلق ظاهرة الملل والفجاجة والشعور بقصدية سيئة يظهرها مقدم البرنامج بفجاجة صارخة .
هذا مايخص الإنطباع الشكلاني الذي يؤسس الرغبة لدى المتلقي ، وحين ندخل بتفكيك التفاصيل ، نكتشف ان وحدات البرنامج لاتحمل تجانسا بل اضطرابا في الإيقاع ، اذ يبدأ البرنامج بموجز اخباري مع تعليق يأتي بنبرة شاكية ،هذا الموجز يأتي بعد ساعة أخبارية طويلة ومملة ...!
وتتسائل هل هو برنامج أخباري ام مقابلة ام حلقة نقاشية ، وهذه النقطة تحديدا تعطي انطباعا بأن الكادر القيادي او رئيس تحرير القناة لايملك القدرة على تحديد جنس البرنامج ، وكذلك المذيع أنور الذي كثيرا ماينسى وظيفته ويضيّع بوصلته ان كان مذيعا ام محاورا ام محققا جنائيا ؟
في مراجعة للعديد من حلقات البرنامج تجد ان المقدم يقطع حديث الضيف ويلزمه بمحددات وإجابات تنسجم مع رغبته ، وليس قناعات الضيف ،فيبدو الأمر وكأنه نسخة مخففة من عمل التحقيقات البوليسية او القضائية ..! وهو مالقى تعنيفاً من مستشار وزارة الدفاع الإعلامي الفريق محمد العسكري .
المذيع أنور الحمداني لم يتدرب على فقه المعلومة ومعرفة حدود الدور الذي يقوم به ، وفي الكثير من الأوقات تضيع المعلومة جراء تداخل صوت الضيف والمقدم في وقت واحد ..!؟
واذا استثنينا ظاهرة ان المقدم يتحدث أكثر من الضيف ويردد جملتين أصبحتا تحتلان موقع نشاز ورفض لدى المتلقي وهما ..(بالله عليك ) و (نقطة نظام ..!) يرددهما بلا معنى او نفع ، فأن مالايمكن تجاوزه هو تعنيف الضيف وابتزازه على الهواء مباشرة في نبرة صوت متعالية ،متكبرة من الحمداني ، وهي اقرب للصراخ والأوامر الفوقية .
مقدم البرنامج أنور الحمداني كان يطمح ان يكون برنامجه علامة فارقة في محيط الإعلام الفضائي ، وصار يطلق الألقاب على نفسه بمجانية تقارب الظواهر الأمية السائدة في الأعلام العراقي اليوم ، فهو يقول عن نفسه مثلا {أنا هتلر الإعلام } ..! وسفاح الشاشة وغيرها من توصيفات التي توارثها من خلفيته بالعمل مع مؤسسات أمنية وحزبية في زمن المقبور صدام والعصر الزيتوني ..!
أنور الحمداني يعجز عن تكوين جملة إعلامية مميزة ومريحة للمشاهد ، وهو إذ يعلن عن أمية فادحة بالكثير من المعلومات التي تتطلب ثقافة وتعمق في خلفية الموضوع وتفاصيلة ، فأنه يتبجح بوجود فريق كبير من العمل برفقته ، والسؤال هنا عن دور هذا الفريق بتعليم (السفاح ) أخلاق التعامل الإعلامي مع الضيوف .
برنامج استديو التاسعة حين يبدو أنه يهدف لكشف ملفات الفساد والدفاع عن حقوق العراقيين الضائعة ، فأنه يستبطن مقاصد وغايات أمست واضحة ، وباعثة لروائح فساد مركب ، يتولاه انور الحمداني وهو ماسنأتي عليه في موضوعنا المقبل .
فانتظرونا .
[email protected]
أقرأ ايضاً
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- وللإبطال مقابرٌ ايضا..!- طقسٌ كُروي
- كيف حارب السنغافوريون الفساد؟