بين ممثل المرجعية الدينية العليا سماحة السيد احمد الصافي في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي أقيمت في الصحن الحسيني الشريف في 8 ربيع الثاني 1430هـ الموافق 3-4-2009م ؛ إن الأوضاع في العراق بعد انتهاء الحقبة الدكتاتورية السابقة تغيرت وبات يتطلع إلى نظام سياسي جديد ويتطلع إلى مشاركة أبنائه بكل ما من شانه أن يساعد على إعطاء الحق للمواطن سواء كان في الانتخابات أو بناء المؤسسات الدستورية بشكل يضمن حقوق الناس، لكن ما موجود في الدستور بما يتعلق بهذه المسالة وما موجود من قوانين الآن تسيّر أمور الدولة إلى حالة من التنافي بينهما، الدولة عندما تتغير مفاصلها أو يكتب لها أن تكون بشكل يتوافق مع ما تريده الكيانات السياسية ومع ما يطمح له أبناء الشعب عموما لابد من تبني قوانين جديدة تواكب المسيرة الدستورية وبعبارة أخرى لابد من التعشيق بين ما هو مشروع وما هو محل طموح وما بين الواقع الدستوري.
وأضاف سماحة السيد الصافي: المراجع لدوائر المحاكم القضائية سيرى إنها غير مرتبطة بالنظام السياسي العراقي الجديد وإنما هي تحكم وفق آليات قديمة، دائرة التسجيل العقاري تعاني نفس المشكلة ودوائر الاتصالات والماء وسائر الدوائر الخدمية ، ليس عيبا في الشخوص الموجودة الآن - وأنا لا أتحدث عن أشخاص وإنما أتحدث عن حالة تشريع وحالة قوانين- في الوقت الذي يفترض من العراق أن يبنى بناء صحيحا لا بد من وجود حالة يتحد فيها الأسلوب النظري مع العملي وبهذا نستطيع أن نصحح القوانين التي نمر بها.
وتناول سماحته قضية الاستثمار وقال إن القاصي والداني يحاول أن يطرق هذا الباب من اجل أن ينهض العراق بحالة قوية سواء كان في البنية التحتية أو مرافقه السياحية أو مرافقه الخدمية بشكل أفضل من الموجود، بالنتيجة نظام الدولة لا يجعل الدولة تتدخل في كل مفصل فلابد أن تحرك القطاع الخاص سواء كان عن طريق شركات أهلية أو الاستعانة بالخبرات الأجنبية، وعندما نقرأ الدستور فإن بعض الفقرات منه تكفل بها ولكن عندما نأتي إلى بعض القوانين المتعلقة بالأراضي نجد أن الدولة تتعامل مع قوانين سنة 1986 المتعلقة بإيجار وبيع الأرض،أين المشكلة ؟.
فأجاب قائلا: الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذه النقطة هي مجلس النواب الموقر وأنا اعتقد إن مجلس النواب يتحمل مسؤولية تغيير الأنظمة لتسيير الدولة بشكل مباشر، أما أن تصدر لجان البرلمان القانون مباشرة أو يأتيه القانون من جهات أخرى من مجلس الوزراء مثلا أو غيرها من الجهات، فللأسف فإن هذه الأمور تفرغه من محتواه الأساسي، فالوظيفة التنفيذية تفرغ من محتواها القانوني بسبب أزمة حقيقية وهي أزمة القوانين، داعيا مجلس النواب إلى أن يتحمل المسؤولية بتصدير قانون يتلاءم مع حاجة المواطن ورقابة تطبيق القانون في نفس الوقت، وتساءل قائلا: لماذا لا يمارس المجلس صلاحياته؟! وبرر سماحته ذلك بانشغال المجلس بأمور شكلية لا تؤثر على طبيعة القوانين، هذه المشاكل بين النظام السياسي الجديد وما بين الأنظمة القديمة تجعل الأمور بلا حركة وهذا غير صحيح، إذ لابد أن تحصل حالة من التوافقية للخروج من هذا المأزق والفراغ القانوني.
ومن جانب آخر تناول سماحته جانب من المشكلة الثقافية: نحن عندنا مشكلة ثقافية والجهات السياسية قديما تتحمل وزرها لكن هذه المشكلة المعني بها أبناء الشعب وسأذكر ثلاث أمثلة :
المثال الأول : لو فرضنا إن هناك مجرم خطر وعليه أمر إلقاء القبض وستقوم القوات الأمنية بالملاحقة والمداهمة وأنا أتحدث عن ثقافة المداهِم أنت الآن تعرف كيفية وطريقة المداهمة بأي صيغة تتم؛ فالبيت له حرمة والساكنين في الدار لهم حرمة إن طريقة المداهمة تدل على ثقافة المداهم وان طريقة دخول الأسرة أو الحي تجعله بحالة من الهلع وحالة من خوف النساء والأطفال ما هو المبرر من ذلك ؟ فلا هناك ثقافة معاصرة تبيح هذه الطريقة ولا الدين يبيح هذه الطريقة .
وأنا أتحدث عن ثقافة جهاز يفترض أن تكون ثقافته أعلى من ثقافة البقية لماذا ؟ لأنه يمثل قانون والذي يتلبس بالقانون عليه أن يحترم القانون، وأنا أنبه لقضية أنت الذي تبيح لنفسك تصرفات غير مسموحة أنت تحتاج إلى براءة ذمة في الدنيا مع الذي ظلمته أو روعته أو أخفته وفي الآخرة كذلك، فبأي حق اوجد الرعب والخوف عند الآخرين.
المثال الثاني : وكلامي مع جهاز شرطة المرور وهي تبذل جهدا كبيرا في الشارع وهذا الجهاز يحتاج إلى دعم تعال أنت الآن وانظر إلى كيفية تعامل بعض السائقين والمارة مع شرطي المرور فلا تجد إلا الانتقاص وهذا يكشف عن ثقافة هذا السائق وطريقة تعامله ويسمع هذا الشرطي الكلام العجيب من البعض ولا تدري لماذا؟ وكذلك ترى الاستهزاء أو تجاوز الإشارة الحمراء من البعض وهذا دليل الانحطاط وقلة المعرفة. إخواني هذه ثقافة شعوب والناس عندما ترى مثل هذه التصرفات تقول انتم همج وغير متحضرين من غير المعقول أن نتصرف تصرفات صغيرة توحي إلى ثقافة بلد فهذه المسالة غير سياسية وغير مرتبطة بالدولة هذا كلام اجتماعي في ثقافتنا وطريقتنا.
المثال الثالث : لاحظوا ثقافتنا في الشارع مثلا إنسان يريد أن يزوج ولده أو صاحب معرض يريد أن يعرض بضاعته لاحظوا الأساليب والطريقة عند البعض التي تخلوا من الآداب العامة ؛ فالشارع له حرمة والمواطن له حرمة فلماذا نرى بعض تصرفات الفوضى وغير المقبولة لاحظوا إخواني هناك أنظار موجهة على إسقاط ثقافتنا وتجعلنا ناس لا نعي ولا نفهم. إخواني نحن نريد أن نبني بلد وبناؤه لا يكون في الجانب السياسي فقط بل هناك حضارة وثقافة وعلينا تنظيم الأمور ونظهر بالمظهر اللائق المتحضر وان شاء الله هذه الأمور مقدور عليها. والحمد لله رب العالمين..
أقرأ ايضاً
- ممثل السيد السسيتاني خلال استقباله ممثل الامم المتحدة يدعو للاسراع بوقف اطلاق النار في غزة
- ممثل عنها التقى الشيخ عبد المهدي الكربلائي.. الأمم المتحدة تثمن جهود العتبات المقدسة بدعم الشعب اللبناني
- ممثل عن الأمم المتحدة يزور كربلاء ويلتقي بمحافظها (فيديو)