- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
نائب رابع للرئيس يدخل العراق موسوعة غينس ثانية
لا اعرف لماذا ذكرني عنوان المقال بالمسلسل المصري \" زهرة وازواجها الخمسة \" الذي عرض على شاشات الفضائيات في شهر رمضان الفائت ؟
ربما موسيقى ايقاع العنوان هي من كانت وراء هذه التذكرة ، او ربما شيء اعمق منه يتعلق بخرق المألوف ، والاتيان بما لم ينزل الله به من سلطان ، وارى الاخير انضج واقرب بكثير من الاحتمال الاول . بالامس طلب رئيس الجمهورية جلال الطالباني من مجلس النواب الموافقة على تعين نائب رابع له من المكون التركماني بدعوى انصاف القومية التركمانية من الظلم والحيف الذي لحق بها ايام الحكم الدكتاتوري . للوهلة الاولى يبدو ان هذا الطلب غريب جدا ، وبعيد تماما عن الاعراف والقوانين السياسية المتبعة في العالم . لكن المتتبع لبناء العملية السياسية في العراق بعد 2003 لا يبدو له الامر غريبا ومستهجنا . سأل احدهم رجل دين مسلم عن حلية وحرمة الزواج بالخالة – اخت الام – فأجابه رجل الدين : \" ميصير حرام \" فقال له السائل \" شيخنا صارت وسويناها \" !! الامر في العراق – وهذا قاتل بالطبع – هكذا ، كل شيء جائز فيه ، فلا تحده حدود ، ولا يكبحه دستور ولا قانون ، اننا من يلزم القانون ، وليس العكس ، لاننا نحن الذين كتبنا الدستور ، وبالتالي متى ما اردنا ان نغير قانونا لا يتماشى مع اهوائنا ، ابدلنا ذلك القانون باخر وكان الله يحب المحسنين ان حكومتنا الموقرة . لم تتشكل الا بعد مضي تسعة اشهر على الانتخابات ، وهذا ما لم يحدث في اي بلد من بلدان العالم المتقدم والمتأخر . الامر الذي أهلنا ان نحجز مكانا في موسوعة غينس للارقام القياسية في اننا الوحيدون الذين شكلنا حكومة بعد مضي تسعة اشهر من الحوارات والصراعات بين القوى السياسية . بينما كان الوقت المحدد دستوريا هو شهر واحد ، ولكن كالمعتاد وجد السياسيون حيلة سياسية وابتدعوا للعالم الجلسة المفتوحة التي لم تكن موجودة من قبل في المعجم الدستوري . ولما اشتد فيما بعد وطيس توزيع المناصب بين الكتل السياسية خرجوا علينا بعد مارثونات حوارية بنائب ثالث استثنوه – وكالمعتاد – من قانون اجتثاث البعث الذي شمل به قبيل الانتخابات ، وصار رئيس الوزراء يجلس والى جنبه يجلس نوابه الثلاثة . ثم مشينا خطوة في رسم خارطة المناصب السيادية ، واشتد الصراع السياسي حولها ، اقترح السياسيون نائبا ثانيا لرئيس الجمهورية ، وكان المفروض دستوريا ان يكون له نائب واحد ، ورضينا بذلك وفوضنا امرنا وامر العراقيين لخالقهم . وبعد ذلك كله صار للرئيس نائب ثالث ترضية للاستاذ خضير الخزاعي ومكافأة له على ما بذله من جهد عظيم في النهوض بوزارة التربية !! واليوم يريد سيادة الرئيس نائبا رابعا لان مسؤولياته جسيمة ولايستطع نوابه الثلاثة تحمل اعبائها لوحدهم . ولاندري اذا كان بنية الرئيس نائب خامس حتى يحتكر الى الابد لقب \" الرئيس ذو النواب الخمسة \" !! ما يحصل في وظائف الدولة السياسية عندنا اشبه بالفوضى اللاخلاقة ، والعشوائية الغير مجدية . بالله عليكم هل توجد حكومة في العالم كله اكثر ترهلا وظيفيا من الحكومة العراقية ؟ بالتاكيد الجواب كلا . اننا دائما المتصدرون لكن للاسف دائما نتصدر بالسلب عرفنا باننا متصدرون في معدلات الفساد ، والبطالة ، والاوساخ ، والترهل الوظيفي ، والتخلف الصناعي ،.... نتمنى على مجلس النواب ان لا يوافق على طلب رئيس الجمهورية ، ويسد الطريق على اي شخص يحاول هدر ميزانية الدولة في مناصب شكلية وغير مجدية للشعب العراقي . اما اذا كان الرئيس يريد انصاف مظلومية التركمان فلينصفهم بطرق شتى ونحن معه لكن ليس على حساب الاطر الدستورية .
أقرأ ايضاً
- أهمية التعداد العام لمن هم داخل وخارج العراق
- ضرائب مقترحة تقلق العراقيين والتخوف من سرقة قرن أخرى
- الأطر القانونية لعمل الأجنبي في القانون العراقي