- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
أزمة شعور بالمسؤولية لا أزمة مياه فقط
الانقطاع المتكرر للمياه في معظم مناطق العراق ليست مشكلة سهلة يتحمل مسؤوليتها العاملون بالدوائر والمؤسسات المعنية لأن الطلب في فصل الصيف يرتفع بشكل يفوق كل ما لدينا من مصادر مائية متوفرة في بلد يعاني منذ سنوات من ازمة في تساقط الامطار وانحسار كميات المياه في انهاره الرئيسية ، وبالتالي إذا لم يتغير السلوك عند كافة شرائح المواطنين بالترشيد وحسن التعامل مع المياه، فلا يمكن توفير المياه لغالبية السكان، والمسؤولية هنا مشتركة، لا يعفى منها المواطن البسيط ولا الفنادق أو الأندية الرياضية أو الشركات والأسواق والعمارات . فلو أقتصد كل واحد منا في استخداماته
اليومية للمياه، وخفف من الهدر الزائد، وقامت البلديات ودوائر المياه بمتابعة وإيقاف نزف المياه المتكرر من الخطوط المكسورة، وأجبرنا الفنادق والاستراحات والاسواق الكبيرة على ترشيد الاستهلاك ، وحوّلنا أشجار الزينة المنتشرة على أطراف الشوارع إلى الأنواع التي تحتاج إلى كميات قليلة من الماء، فإننا قد نوفر كميات كبيرة من المياه ونجعلها تتجه للحاجات الضرورية. اما المسابح والأندية الرياضية العامة أو الخاصة التي تستنزف كميات كبيرة من المياه لغايات الاستحمام قبل وبعد السباحة أو ممارسة النشاطات الرياضية، فلا بد من التأكيد على ضرورة وضع نظام متكامل لإعادة تدوير او ترشيد استخدامات المياه قبل إعطائها التراخيص اللازمة للعمل . في أمريكا وأوروبا إذا انقطع هطول المطر لمدة عشرة أيام متواصلة تعلن حالة الجفاف ويبدأ الجميع بمراقبة الصرف الزائد عن اللزوم للمياه وحتى أن العديد من المؤسسات في تلك الدول التي تتوفر فيها المياه بكثرة تصر على إعادة استخدام وتدوير المياه للاستفادة منها بوسائل مختلفة، فكيف ببلد لا يتجاوز فيه موسم سقوط الإمطار الشهرين او الثلاثة وعلى مدار العام؟ ان موضوع الترف الزائد في الاستهلاك غير المنضبط للمياه سواء للاستخدامات المنزلية أو المسطحات الخضراء أو برك السباحة عند بعض المواطنين
الذين لا يهمهم أرقام فواتير الاستهلاك من أصحاب القصور والفلل والحدائق، هم عبء على الاقتصاد الوطني، وغير مؤتمنين على حقوق من يعيشون الانقطاع الطويل للمياه، وحالات المعاناة مع بداية موسم الصيف. فالمواطنة الحقة تعنى أن يشعر آل فرد فينا بمشاكل وهموم بقية المواطنين وهى أيضا التزام بالمصلحة العامة، وقيمة ينبغي أن تكون فوق الإهمال واللامبالاة واللذين يصلان إلى حد الأنانية المفرطة واللامسؤولة الذي عبر عنه الشاعر ''ونشرب إذا وردنا الماء صفوا ويشرب غيرنا كدرا وطينا . أن انشاء مشاريع كبرى جديدة للمياه وما تحتاجه من تمديدات وتشغيل يحتاج إلى سنوات طويلة حتى يتم تركيبها وعملها، والموضوع لا يتصل فقط بتوفير الدعم المالي اللازم لمثل هذه المشاريع الإستراتيجية فحسب، وإنما بعامل الوقت الذي يحتاجه إنشاء مثل هذه المشاريع. ولعل زيادة عدد السكان، والتوسع العمراني الكبير، وارتفاع معدل الاستهلاك في السنوات الأخيرة، وغياب العدالة في حصص توزيع المياه بين المحافظات والقرى هي أسباب جوهرية وراء زيادة حدة هذه المشكلة، ومع ذلك فلا نعتقد أن تخفيف الاستهلاك ومراقبته من قبل المواطن البسيط وحده سوف يؤدي إلى حل مشكلة المياه في العراق بل لا بد من مساهمة الجميع في حسن تدبير استهلاك المياه، لأن توفير المياه
بكميات كافية هو حق وواجب وطني للجميع وعلى الجميع.