بعد زوال الديكتاتورية من العراق في عام 2003 والانفتاح الكبير في جميع المجالات بدأنا نشاهد مالم نشاهده من قبل، ونسمع بما لم نسمع به، حتى وصلت الامور لمرحلة اختفى معها الفضول الذي يرافق كل إنسان يتعجب من الغريب والجديد، ولعل الأمر لا يتعلق فقط بنوعية الهواتف المحمولة أو الأطباق الفضائية (الدش) التي غزت حتى سطوح البيوت الطينية في القرى النائية... لم يقف الأمر هنا بل تجاوز حتى بضائع السوق والموز الذي يباع في كل تقاطع مروري ووصل إلى مفردات اللغة والمصطلحات العلمية والسياسية وبدأنا نسمع بمصطلحات الإرهاب والتكنوقراط والعولمة والخصخصة والقائمة طويلة جدا، ما ذكرني بهذه المصطلحات قطعا الانتخابات القادمة وكثرة (التكنوقراطيين) حتى بات كل واحد منا يتمنى أن يصل إلى مرحلة (التكنوقراط) في وقت مبكر حتى توضع له صورة كبيرة تعِبَ كثيراً المصممُ من أجل أن يجعل صاحبها وسيما رغم كل التحديات والصعوبات (وهذا أول تحدي في طريق الأخوة المرشحين) أنا هنا لست اعترض على المصطلح بل أضع علامة استفهام كبيرة بحجم ذلك البوستر الملصق مقابل بيتنا لأحد السادة المرشحين، الاستفهام مفاده لماذا اقتنع بعض الأخوة من المرشحين أنهم تكنوقراط فعلا ويجب أن يتم ترشيحهم لهذه المرحلة من اجل خدمة ابناء الشعب المحرومين والفقراء وأنهم خدمة مدينة الحسين عليه السلام، بالطبع لم تشترط المفوضية العليا للانتخابات أن يكون المرشح من التكنوقراط ولعل أصعب الشروط هو الحصول على شهادة الإعدادية ولله الحمد قد ذللت ذلك الهمة العالية لبعض مدراء المدارس حتى استغنى بعض السادة من المرشحين عن (سوق مريدي) فحصولهم على الشهادة أصبح بطريقة أخرى مشروطة بشرط التصديق إذا خاطبت المفوضية الجهة التي أصدرت الشهادة، وعليه (فالتكنوقراطية) ليست شرطا في المرشح ولكنها مطلوبة ولكن الأمنية أن يخجل من يجد في نفسه عدم الكفاءة وينسحب ليفسح المجال أمام الآخرين من أصحاب الكفاءات وهذا الموقف يكفيه أمام الشعب والتاريخ، من أجل أن لا تبقى دوائرنا سواء مؤسسات الدولة منها او منظمات المجتمع المدني أو حتى مؤسساتنا الإعلامية ، لا نريدها ان تبقى على الحال التي هي عليها أو قد تتراجع أكثر وبات من الضروري جداً أن يدير الأمور أناس أكفاء لما في ذلك من خدمة للصالح العام (الذي يتحدث الجميع عن ضرورة مراعاته) ومن أجل أن تعود الأمور إلى نصابها.
نظرة بسيطة للمؤسسات الإعلامية أو دوائر الدولة أو منظمات المجتمع المدني لنرى من يدير الأمور فيها : فدوائر الدولة معظمها نخرها الفساد الاداري والمالي والتعيينات فيها قائمة على المحسوبية والمحاصصة الحزبية أمور يعرفها حتى من يعيش في غابات الأمازون (حتى أضحى من العيب الحديث عن الأمر).
أما في المؤسسات الإعلامية، فالعمل فيها لا علاقة له في أغلب الأحيان بالمهنية (وهذا ما يحدث في أغلب مؤسساتنا الاعلامية ) وطريقة التعيين تتم من خلال صديق أو قريب له علاقة طيبة ب(كبيرهم) فيستقدمه براتب 150000 او ربما 200000 إذا كان (من المقربين جداً) .
وفي منظمات المجتمع المدني والتي عملت فيها كثيرا شاهدت الكثير من (التكنوقراط) حتى أني لازلت أتذكر موظفة من (التكنوگالات) خلقت مشاكل كثيرة ولم يتم التضحية بها رغم أنها لا تمتلك أي مؤهلات تذكر!!! لان طريقة التعيين لا تختلف عما سلف بل قد يكون الأمر أنكى في أغلب الأحيان لاسيما قلة تجربتنا في هذا المجال ، هكذا تدار الأمور في مختلف دوائرنا بل في كل مفاصل حياتنا فلماذا نعيد نفس الأخطاء ولماذا لا نفكر بإصلاح مؤسساتنا حتى تصبح قادرة على خلق مجتمع صالح يتمكن فيه المسكين القابع في نهاية حي الغدير أو أيتام منطقة الشريعة أن ينعم بحياة هانئة قد يكون هو أحق بها من غيره ولعل الله يمن على بعضهم ويصبحوا تكنوقراطاً.
ثائر الاسدي
أقرأ ايضاً
- عندما تكون المنتجات التكنولوجية طارئة في حياة بعض الشعوب
- التكنولوجيا تخلصنا من العناء اليومي
- التكنوقراط تحدي المرحلة القادمة