- مقالات
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الوكالة، وإنما تعبر عن رأي صاحبها
قوائم كربلاء الانتخابية .. برامج صاخبة وشعارات صارخة
لم يكن في نيتي تناول مسألة السباق الانتخابي الى مجلس المحافظة في كربلاء المقدسة لاسباب شخصية ولكن ما ان حل شهر محرم الحرام وجاءت عاشوراء باجوائها المأساوية حتي تولدت عندي \"الرغبة\" الجامحة للكتابة حول هذا الموضوع بعد ان لفت نظري وجود بعض الدعايات الانتخابية لبعض المرشحين على واجهات التكايا الحسينية وفي اماكن العزاء واللطم وهذا لعمري اول الخرق وبداية الافلاس باستغلال اسم الحسين (عليه السلام) الشريف لاغراض انتخابية وشخصية ومصالح سياسية واغراض دنيوية بحتة ولاشخاص معروفين على الساحة الكربلائية في العهد الصدامي الغابر وفي العهد الحالي وبعد ان نفضت المرجعية العليا يدها عن مسألة الانتخابات من ناحية التاييد لقائمة معينة وبعد ان سحبت البساط من تحت كل الطروحات التي كانت تنادي بأنها \"تحظى \" بقبول واعتماد المرجعية والمرجعية بريئة من هكذا طروحات بعيدة عن التوجه الحوزوي الشريف وبعد ان افلس البعض من هذه \"الحظوة\" و\"غسل ايده\" راح يقرن دعايته الانتخابية مع قدور التمن والقيمة والهريسه و\"جاي ابو علي\" وتصدر جوقات العزاء الحسيني تعويضا عن الفراغ الهائل الذي تركه موقف المرجعية المسؤول والتاريخي والايجابي من الذين يريدون ان يصلوا على اكتافها مستمدين نجاحهم من شعبيتها الجماهيرية وثقلها الستراتيجي وتواجدها الحيوي في الساحة العراقية .. ولكن ليس في كل مرة تسلم الجرة اذ بعد ان اعطى الكثيرون من اصواتهم للقوائم التي ادعت انها مدعومة من قبل المرجعية الرشيدة والتي اقحمتها قسرا في برامجها ودعاياتها وشعاراتها واضفت على نفسها بذلك هالة من الشرعية الوطنية وقسطا وافرا من المقبولية ..وبعد ان تأكد للجميع ومما لالبس فيه ان الغطاء المرجعي لم يعد ممكنا وهو غير ممكن في الاساس راح البعض يستميل الناس باساليب وقوالب وممارسات شتى محاولة منهم لدغدغة افكار ومشاعر وهواجس واحلام الناس سيما البسطاء والمساكين والفقراء والمحرومين الذين يكونون جسرا للارتقاء نحو المناصب دون ان يحصلوا على شيء سوى استمرار محروميتهم وشظف عيشهم وتهميشهم الابدي ..
من يتجول في شوارع كربلاء وضواحيها هذه الايام تتراءى امام ناظريه دعايات ذات اشكال والوان واحجام واهداف متعددة ...المحظوظ من المرشحين من اتخذ واجهات المباني والاماكن العالية منصة آمنة لطرح الدعاية وتسويقها والترويج لها والبعض كانت حظوظه في ذلك اقل حيث كانت دعاياتهم في متناول ايدي العابثين عن قصد او بدونه ...اغلب هذه الدعايات تعرض الى التمزيق والتلف وحتى الى التشويه ولم تكن براءة الاطفال وعبثهم وقلة ادراكهم للامور هي المسؤولة عن هذا المشهد المخجل وغير الحضاري وانما كان نتيجة لعبث \"الكبار\" ..الكثير من هذه القوائم او معظمها حملت برامج صاروخية يستوحى منها انها ستحول مدينة كربلاء الى جنة الله في الارض من ولم نستشف من خلالها كيف ستتحقق الاحلام والامنيات والرغبات او ضمن اية آلية او ميكانيكية تكون اذا كانت الاهداف المعلنة لهذه القوائم (وبعضها للمستقلين) تحمل دلالات ومضامين عجزت عن تحقيق بعضها مجمل العملية السياسية وضمن ثلاث حكومات تعاقبت ولاسباب معروفة اهمها الواقع الامني وملفات الفساد وتردي الخدمات والمحاصصة والتخندق الحزبي وغيرها فلم توضح مثلا لنا اية قائمة الكيفية التي بموجبها ستتصدى لملف الامن او الخدمات او الرعاية الاجتماعية او حقوق الانسان والشهداء والارامل او البناء او التعمير او \"التغيير \" وبعض هذه الاهداف تم الاعلان عنها في الانتخابات السابقة دون ان يتحقق منها سوى القليل...ومن يتصفح الدعايات الانتخابية يجد ان اكثرها محملة باكثر مما تطيق وباكثر مما هو مطلوب اساسا للطرح كون اغلبها تصدرت بالقاب اجتماعية وعشائرية وقبائلية ومناطقية فيها من المبالغة الشيء الكثير وغير المعقول فضلا عن اسباغ الالقاب التي فيها ترميز متعمد الى التقوى والفضيلة والديكور الديني والاكسسوار العقائدي مثل القاب الشيخ / الحاج / السيد وبعضها القاب مزدوجة \"الحاج السيد\" او \"الشيخ العلامة\" وينطبق الحال نفسه على الالقاب الاكاديمية وبعضها مزدوج كذلك / المهندس / الدكتور / المحامي/ وبكالوريوس زائدا دبلوم عالي ...الخ ..كما حملت اشارات تهويمية مثل انتخبوا \"الاكفأ\" والاجدر والاحرص والغيور والامين والقوي والنزيه ومن قلبه على مدينته والبعض لمح الى انه الوحيد الذي يمثل كربلاء والكثير منهم من صرح انه جاء ليخدم مدينته التي تعيش في بؤس مقيم ...ومن دون تقديم اية ضمانة اخلاقية او قانونية على صحة هذه الاشارات وهي كثيرة جدا .. ومن حقي كمواطن عراقي وكربلائي قح اصيل ان اتساءل : ماهي العلاقة الجدلية ما بين الكفاءة والنزاهة والاخلاص و\"الغيرة\" والحرص وبين الالقاب العشائرية الرنانة والصفات الاكاديمية التي يتبجح بها البعض والتوصيفات الدينية \"الايمانية\" ؟ ماعلاقة التسويق الحالي للبرامج والشعارات والشخصيات وبين الاداء المفترض لهؤلاء بعد فوزهم في عضوية مجلس المحافظة سواء كانوا قوائم او منفردين؟ وهل تحتاج كربلاء الى هذا الاستعراض الفضفاض وبهذا الكم الهائل من البرامج الصاروخية والطروحات الرومانسية والشعارات التي ستحول هذه المدينة التي عانت الامرين ( في كل العهود) الى فردوس ارضي بحيث لن يكون هنالك في المستقبل اي نقص او تعثر او تلكؤ او (.....) او (....) على مستوى الخدمات او البنى التحتية ..
ام تحتاج مدينة الحسين الى من يخدمها باخلاص وصمت ونزاهة وكفاءة ؟؟
عباس عبد الرزاق الصباغ
أقرأ ايضاً
- الرزق الحلال... آثاره بركاته خيراته
- نتائج التسريبات.. في الفضائيات قبل التحقيقات!
- القرآن وأوعية القلوب.. الشباب أنموذجاً