حجم النص
بقلم:د كاظم المقدادي
ذهب بشار الاسد إلى غير رجعة ،، وجاء محمد البشير ممثلا للسلطة بلهفة ..!!
كنت اظن ان لعبة استبدال القوميين بالأسلامويين قد انتهت .. لكن صعود جماعة الجولاني ( احمد الشرع ) الذي عمل مع داعش في موصل البغدادي بالحب والوئام ، وقاد جبهة النصرة بأنتظام .. ثم ترأس "هيئة تحرير الشام " برعاية الرئيس التركي اردوغان .
الثابت .. ان سقوط الانظمة العلمانية في مهرجان "الربيع العربي" الذي لم تتفتح أزهار ثوراته الاسلاموية كاملة .. فأنحسرت في مصر القاهرة مندحرة ، وتراجعت في تونس مترنحة .. وفي ليبيا مازال الصراع بين سلطتين وجيشين ،، كما هو حال دولة السودان الذي اصابها التمزق المريع ، وهي التي لم يمر عليها لا خريف ولا ربيع ..!!
الغريب .. ان الجولاني الشاب الأربعيني ، الذي رصدت له الادارة الامريكية جائزة بعشرة مليون دولار للإمساك به وتقديمه للمحاكمة .. سرعان ما راجع البيت الأبيض موقفه السابق ، وأعترف بوجود تواصل معه كأجراء لا حق .. وهكذا تحول الجولاني ..من ارهابي إلى قائد سوري ميداني .
يبدو ان الفوضى الأمريكية الخلاقة ، ما زالت تبحث عن عملاء وطلاب سلطة ، وليس شرفاء ورجال دولة أعراق .. كما فعل بريمر في العراق .
رجال المخابرات الأمريكية في سفارات العالم الثالث ، وضمن نظرية( لعبة الامم ) يتبصرون بعمق الخارطة السياسية ورجالاتها ، ويؤشرون طلاب السلطة وزعماؤها ، فهم بارعون ، في فهم ساكيولوجيا السلطة واهوالها . والدولة ودهاليزها ، والحكومة ومن يقودها .
تتذكرون .. كيف ان قطار التطبيع سار ، ثم توقف عند السعودية ، وكيف تركت الجامعة العربية ، غزة وهي تتلوى بجروحها وجوعها . ثم ما جرى في لبنان من دمار عم جنوبها .
اخطر ما يدور اليوم .. وجود ضوء اخضر أمريكي أوربي عربي .. لأعطاء دور اكبر وخطير لإسرائيل ، الرئيس الأمريكي ترامب قالها صراحة وهو يقول ان اسرائيل لاتمتلك أراض شاسعة ، ومن حقها ضم أراض جديدة .. وهي اليوم تسعى علنا لضم قطاع غزة والضفة الغربية.
وبعد سقوط نظام بشار الاسد بسرعة مريبة ومدهشة ، ظهر نتنياهو على قمة جبل الشيخ ، معلنا ضم الجولان إلى ارض اسرائيل وإلى الأبد
كل هذا يحدث ، لان سوريا الان بلا سلطة وبلا ارادة، جيشها منهار ، وشعبها فرح، لكنه قلق ومحتار .. اماسلطة الجولاني لا نقيق ولا حتى تعليق .. !!
وكما يقول غوستاف لوبون في ( سيكلوجية الجماهير) …
" لاشيء مدروس لدى الجماهير ، فهي تستطيع ان تعيش كل انواع العواطف وتنتقل من النقيض إلى النقيض بسرعة البرق تحت تأثير المحرض السائد في اللحظة التي تعيشها" .
والا كيف قبل الشعب السوري بحكم حافظ الاسد وولده لمدة تجاوزت الخمسين عاماً .
لم ينتبه اسد سوريا وهو الوقع راضيا ، في فخ عنفوان السلطة التي تتجاهل الدولة ، وظل منتشياً بضجيج الهتافات الزائفة ، والفداء المجاني .. وها نحن نسمعها اليوم وقد انتقلت اليوم و بسرعة إلى الجولاني .
مشكلة الأنظمة الدكتاتورية الشمولية ، انها لا تعير أي اهمية في التمييز والفصل بين السلطة والدولة ومؤسساتها ، فالتداخل بينهما يدفع بالسلطة ان تكون سلطة طاغية تفتك بالشعب وكل من يقف امام جموحها ،، ومثل هذه السلطةً لا يمكن إلا وان تكون سلطة غاشمة يقودها طغاة .. والطغاة يجلبون الغزاة .
ختم الكلام ..
اقول إلى الذين راهنوا من العراقيين ، على بقاء بشار الأسد ، و قبل يوم من هروبه ، ان لا يراهنوا على بقائهم ، واعتقد جازما ان اللعبة قد انتهت قبل وبعد مجيء ترامب .
وهنا اتذكر جملة بليغة قالها د محمد الدوري ممثل العراق في الامم المتحدة يوم أيقن أن نظام صدام قد ولًى وانتهى ان ( اللعبة قد انتهت )