إنهاء وجود التحالف الدولي، جاء بقرار من الحكومة العراقية مجددا لوجود “تطورات” لم تسمّها، وفيما وجد مراقبون أن العراق ما زال بحاجة إلى التحالف بسبب نشاطات “داعش” وحزب العمال الكردستاني التركي المعارض شمالي البلاد، حذروا من حدوث أي مواجهة مسلحة بين القوات الأمريكية، الفصائل المسلحة.
ويرى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، غازي فيصل، أن “قرار وزارة الخارجية والحكومة العراقية بتأجيل النقاش حول إنهاء وجود التحالف الدولي طبيعي وواقعي، فهناك اليوم عودة خطيرة محتملة لتنظيم داعش في العراق والشام، في ظل تواجد حزب العمال الكردستاني، شمالي البلاد، وهو حزب مسلح ينخرط في موجهات دامية مع الجيش التركي قد لا تنتهي بسرعة، بل قد تستمر طويلا، إضافة إلى حرب غزة واحتمال توسيع رقعتها إلى أن تكون شاملة في الشرق الأوسط”.
ولهذه الأسباب، يجد فيصل، أن “العراق لا يمكن أن يترك اليوم من دون دعم دولي لوجستي عملياتي وتدريب وتسليح، لاسيما وأن الغطاء الجوي للعراق ما زال محدودا بسبب قلة الطائرات وعدم وجود منظومات ورادارات ومنظومات رقابة وسيطرة، لكن هذا يمكن أن يتوفر عبر التعاون مع التحالف الدولي”.
وأعلنت وزارة الخارجية في بيان، يوم الخميس الماضي، عن تأجيل موعد إعلان انتهاء مهمة التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة بسبب “التطورات الأخيرة”، لكن الوزارة لم تحدد تلك التطورات.
لكن فيصل، يفسرها (التطورات)، بالقول إنها “تطورات أمنية تستدعي إبقاء التحالف الدولي”، وعن امكانية مواجهة الفصائل العراقية المسلحة قوات التحالف الدولي بعد بيان تأجيل خروجه، يشير إلى أن “هذه المواجهة إذا حضرت، فمن المؤكد أن البنتاغون سترد بقوة على مصادر النار، سواء داخل الأراضي العراقية أو السورية في إطار حق الدفاع عن النفس”.
وجاء في بيان الوزارة أن أعمال اللجنة العسكرية العليا ركزت خلال الأشهر الماضية على “تقييم خطر تنظيم داعش بهدف الوصول إلى موعد نهائي لإنهاء المهمة العسكرية لعملية العزم الصلب، وعلى هذا الأساس سيتم إنهاء وجود مستشاري التحالف الدولي بكل جنسياتهم على أرض العراق وشملت هذه النقاشات تفاصيل تراتبية انسحاب المستشارين من المواقع”.
وأضاف البيان، أنه “لم يبق سوى الاتفاق على تفاصيل وموعد الإعلان وبعض الجوانب اللوجستية الأخرى، كنا قريبين جدا من الإعلان عن هذا الاتفاق، ولكن بسبب التطورات الأخيرة تم تأجيل الإعلان عن إنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في العراق”.
ما هي التطورات الأخيرة؟
في 18 تموز الماضي، حذرت القيادة المركزية للجيش الأمريكي من أن تنظيم داعش يحاول “إعادة تشكيل نفسه” في حين باتت هجماته بالعراق وسوريا تتضاعف مقارنة بالعام الماضي، مبينة أن داعش تبنى 153 هجوما في كلا البلدين خلال الأشهر الستة الأولى من العام الحالي، وهو ما يفسره مراقبون، بأن الولايات المتحدة تتخذ من داعش ذريعة للبقاء أطول.
ويستضيف العراق، 2500 جندي أمريكي، إضافة إلى مدربين عسكريين من جنسيات مختلفة، كما شهدت البلاد تصاعدا في الهجمات المتبادلة -بين الفصائل المسلحة والقوات الامريكية- منذ اندلاع حرب غزة في تشرين الأول العام الماضي.
لكن، ومنذ شباط الماضي، توقفت عمليات الفصائل المسلحة ضد القوات الأمريكية، ضمن هدنة أعلنتها بعض الفصائل، ثم كسرت هذه الهدنة مع تصاعد احتدام الصراع اللبناني الإسرائيلي، إذ تعرضت مواقع عدة للحشد الشعبي في جرف النصر بمحافظة بابل، إلى قصف أمريكي، نهاية الشهر الماضي، وهو هجوم قابله استهداف لقاعدة عين الأسد التي تضم مدربين أجانب أسفر عن مقتل عدد من الجنود الأمريكيين.
من جهته، يعتقد المحلل السياسي غالب الدعمي، أن “الحكومة العراقية ومعظم السياسيين، ومنهم رئيس الحكومة الأسبق نوري المالكي، ضد هذه الضربات والاستهدافات المتقطعة للقواعد الأمريكية، لأنها تدعم بقاء هذه القوات”.
وكان زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، أكد يوم الأربعاء الماضي، أن الولايات المتحدة كانت “ستنسحب الأسبوع (الماضي) من العراق لولا قصف عين الأسد”، لافتا إلى أن “الانسحاب تأخر بسبب قصف قاعدة عين الأسد والذي أجل الموضوع”.
ويرى الدعمي، أن “هذه الضربات لا تضر الأمريكان ولا تنفع من يقوم بها، لذا من الأفضل تجنبها لحين فسح المجال أمام الحكومة العراقية للحوار بهدوء من أجل إخراج القوات الأمريكية، وهذا الحوار يحتاج إلى وقت طويل”.
ومع وجود الهدنة، تراجعت الضربات ضد القوات الأمريكية مؤخرا، لكنها لم تنعدم، غير أن القصف ضد المصالح الأمريكية لم تعد أغلب الفصائل تتبناه، يقول الدعمي: “في الفترة الأخيرة عندما نفذت الولايات المتحدة مجموعة من الاغتيالات ضد قادة للفصائل، جعل الأخيرة تتردد كثيرا قبل توجيه أي ضربة للقوات الأمريكية”.
وبدأت الجولة الأولى من المحادثات بين بغداد وواشنطن في كانون الثاني الماضي، فيما أفضت الجولة الأولى للحوار الثنائي الذي عُقد في بغداد إلى اتفاق على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة لمراجعة مهمة التحالف الدولي وإنهائها والانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية، من دون الإعلان حتى الآن عن أي نتائج رسمية لعمل اللجنة.
واستؤنفت مفاوضات بغداد وواشنطن في شباط الماضي، مع اعتماد خفض مدروس وتدريجي، وصولا إلى إنهاء مهمة قوات التحالف الدولي لمكافحة داعش، وفق البيانات الرسمية العراقية، لتتبعها جولتان أخريان في آذار ونيسان الماضيين.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- صراع دولي وشبهات فساد.. هل تفشل الاتفاقية العراقية الصينية؟
- المالكي يدفع باتجاه انتخابات مبكرة في العراق
- 400 مليون دولار خسائر الثروة السمكية في العراق