حذّرت الحكومة المحلية في محافظة ذي قار جنوبي العراق، من خطورة شح المياه وتأثيراتها على الاستقرار السكاني والمعيشي في مناطقها، مبيّنة أنّ نحو 10 مناطق فيها صارت ضمن الدائرة الحمراء، وسط دعوات لإيجاد حلول عاجلة.
ويواجه العراق انخفاضاً كبيراً في مستوى مياه نهرَي دجلة والفرات، الأمر الذي تعزوه السلطات إلى سدود تشيّدها إيران وتركيا، إلى جانب شحّ الأمطار. يُضاف إلى ذلك ارتفاع درجات الحرارة الذي أدّى إلى نقص أكبر في المياه عاماً بعد آخر، علماً أنّ العراق من بين أكثر خمس دول في العالم عرضة لتأثيرات تغير المناخ الواضحة وفقاً للأمم المتحدة.
وسبق أن عبّر مسؤولون في الحكومة العراقية عن قلقهم بشأن تأثيرات شح المياه على مناطق عدّة في البلاد، شارحين أنّ الواقع المائي يهدّد بتزايد الهجرة بحثاً عن المياه. في هذا الإطار، أفاد المتحدث باسم مجلس محافظة ذي قار ياس الخفاجي بأنّ "ملف المياه في مناطق الجنوب في محافظة ذي قار مثير للقلق، خصوصاً مع الانحسار الكبير في إمدادات المياه، ولا سيّما في قضاء سيد دخيل وقراه وكذلك في أقضية الدواية والفهود والإصلاح والجبايش والمنار وسوق الشيوخ (شرقي الناصرية)".
وأوضح الخفاجي، في تصريح صحافي، أنّ "شح المياه تسبّب في نفوق الثروة الحيوانية والأسماك وتصاعد نسبة الهجرة من الأرياف بنسبة تصل إلى 25%".
وأضاف أنّ "ما بين ثماني مناطق وعشر دخلت فعلياً في الدائرة الحمراء، أي مرحلة الخطر الفعلي"، مشيراً إلى أنّ "الوضع صعب وأنّ أزمة المياه تتفاقم مع تبعاتها القاسية على المناطق الزراعية، في انتظار حلول وزارة الموارد المائية المعنيّة بملف المياه".
تجدر الإشارة إلى أنّ عشرات من أهالي قرية آل حسن في قضاء سيد دخيل خرجوا، يوم السبت الماضي، في تظاهرة غاضبة بسبب شح المياه الذي طال قريتهم في الفترة الأخيرة، مطالبين بحلول حكومية عاجلة.
في سياق متصل، حذّر المختصّ في الشأن البيئي عمار السلامي من "واقع بيئي خطر يهدد مناطق كثيرة في البلاد، من بينها ذي قار، بسبب شح المياه". وبيّن السلامي، أنّ "نسب المياه التي تراجعت بصورة كبيرة في عدد من الأنهر الرئيسة والفرعية، رفع نسب التلوّث فيها، إذ إنّ المياه المتبقية هي مياه راكدة تخرج من الأرض وهي مالحة غير صالحة للاستهلاك البشري ولا الحيواني".
وتابع السلامي أنّ "الأنهر في المناطق الزراعية والسكنية بمعظمها تحوّلت إلى مكبّات نفايات، وقد تسبّب ذلك في نفوق حيوانات كثيرة كانت توفّر لقمة عيش العائلات الريفية. وهذا ما دفع تلك العائلات تلقائياً إلى الهجرة من مناطقها، بعدما يئست من الحلول الحكومية". وشدّد على "ضرورة سعي الحكومة إلى وضع حلول للحفاظ على البيئة والثروة العراقية، من خلال حصول العراق على حصصه المائية من دول الجوار".
وتتفاقم أزمة هجرة المناطق الزراعية وحتى السكنية بسبب تراجع مياه الأنهر، الأمر الذي انعكس على مياه الشرب كذلك. وقد توقفت مشاريع كثيرة لتحلية المياه في عدد من المحافظات بسبب جفاف الأنهر التي تعتمد عليها، الأمر الذي زاد من حدّة الهجرة المناطقية.
يُذكر أنّ مصادر من جنوب العراق كانت قد أفادت بأنّ عدد النازحين إلى مراكز المدن بسبب شح المياه بلغ نحو نصف مليون شخص منذ مطلع عام 2020. كذلك حذّرت منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو) من أنّ الواقع الزراعي في العراق يدعو إلى قلق كبير، مشيرة إلى أنّ البلد أحد أكثر المناطق تضرّراً من تغير المناخ ونقص المياه، وأنّه يحتاج إلى مساعدات غذائية.
في وقت سابق، كشفت وزارة الموارد المائية العراقية عن "خطر كبير يطوّق رقاب العراقيين" بسبب النقص في المياه الواردة من دول المنبع شمالاً وشرقاً، الأمر الذي سبّب تراجعاً خطراً بمعدّل الخزين العام بسبب قطع المياه من تركيا وإيران بطريقة متعمّدة. ولفتت إلى أنّ إجراءاتها ركّزت على محورَين رئيسيَّين الأول تخفيف آثار الشح المائي على المواطنين، وضمان وصول الحصص المائية إلى كلّ المستفيدين.
أقرأ ايضاً
- تجاوزات المياه "ترهق" ذي قار.. ومناشدات محلية بتدخل "السوداني"
- بقعة زيت توقف مشاريع المياه في المثنى
- جنايات نينوى: السجن 7 سنوات لمدان عن جريمة التلاعب والتزوير في أضابير عقارات