تشهد محافظة ذي قار صراعا سياسيا حادا بين السلطة التشريعية ممثلة بمجلس المحافظة، والسلطة التنفيذية التي تتولاها الحكومة المحلية بقيادة المحافظ، حول آلية إحالة المشاريع الخدمية، وبات هذا الصراع يهدد بتعطيل عجلة التنمية في المحافظة وتأخير تنفيذ المشاريع الحيوية التي طال انتظارها.
بدأت الأزمة عندما أعلن محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي، في السابع من آيار الماضي عن إطلاق حزمة مشاريع خدمية ضخمة تقدر بـ170 مشروعا، من بينها 40 بالمئة يتم تنفيذها بالطريقة المباشرة و60 بالمئة بطريقة الإعلان والإحالة والتحليل، وقد اعتبر المحافظ أن هذه الطريقة هي الأنسب لسرعة تنفيذ المشاريع، مستندا إلى الصلاحيات التي يخولها له القانون، الأمر الذي رفضه مجلس المحافظة ورد بقرار يمنع الإحالة المباشرة ما يحد من صلاحيات المحافظ.
وبهذا الصدد، يقول عضو مجلس محافظة ذي قار، عمار ياسر، إن “قرار المجلس جاء بعد ملاحظة تأخر كبير في إطلاق المشاريع التي أعلن عنها المحافظ في السابع من آيار مايو الماضي”.
ويضيف ياسر، أن “هدف المجلس من هذا القرار هو ضمان عدم تفضيل أي شركة على أخرى، وأن يتم اختيار الشركات المنفذة للمشاريع من خلال المناقصات العلنية”.
يشار إلى أن مجلس المحافظة لم يوافق على هذه الآلية وأصدر قرارات تقوض من صلاحيات المحافظ وتحد من تحركاته، كما أصدر المجلس قرارا في جلسته الخامسة عشر بمنع استخدام الطريقة المباشرة في تنفيذ المشاريع من تاريخ 29 آيار الماضي.
من جانبه، يؤكد عضو مجلس المحافظة أحمد فرحان، أن “التأخير في إطلاق المشاريع يؤثر سلبا على الحركة الاقتصادية في المحافظة ويقلل من فرص العمل للشركات المحلية”.
ويلفت إلى أن “المحافظة بحاجة إلى حزمة من المشاريع في البنى التحتية والاستثمار والسكن والزراعة والصناعة وغيرها الكثير من القطاعات”.
وكان محافظ ذي قار مرتضى الإبراهيمي قد رد على قرار مجلس المحافظة بأنه يعمل وفق الصلاحيات المخولة له بحسب المادة الثانية/ أولا والتي تنص “تخويل المحافظين صلاحية التعاقد المباشر لغاية ستة مليارات دينار استثناء من تعليمات وتنفيذ العقود الحكومية”، وأن المحافظ ملتزم وفق هذا القانون.
إلى ذلك، يوضح معاون محافظ ذي قار، سلامة السرهيد، أن “المحافظ يعمل وفق ما سمح له القانون وخوله من فقرات تنفيذ عقود المشاريع إذ أن قيمة المشروع إذا بلغت ستة مليارات دينار فأقل فيسمح له بالتنفيذ المباشر والجدال الذي حصل بين ديوان المحافظة المجلس هو نتيجة تأخر في التنفيذ”.
ويبين “تأخر التفيذ جاء نتيجة الإجراءات المركزية من قبل وزارتي التخطيط والمالية لتوفير التخصيص المالي لكل مشروع ومن ثم إحالته للتنفيذ على أمل أن تكتمل جميع التخصيصات المالية للمشاريع من أجل الانطلاق بها والمباشرة بالعمل”.
تجدر الإشارة إلى أن هذا الصراع السياسي بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في محافظة ذي قار، له تداعيات سلبية على المحافظة والمواطنين إذ تسبب حتى الآن بتعطيل إحالة العديد من المشاريع الحيوية، مما يزيد من معاناة المواطنين ويعكس هذا الصراع صورة سلبية عن المحافظة، ويؤثر على جاذبيتها للاستثمار.
من جهته، يشرح الباحث السياسي صلاح الموسوي، أن “الصراع السياسي في العراق ليس مرحلة عابرة بل هو واقع مستمر طالما بقيت الوجوه نفسها في السلطة، حيث أن كل طرف سياسي يسعى جاهدا لتحقيق أكبر قدر من المكاسب قبل الانتخابات المقبلة، مستغلا بذلك منصبه لتحقيق أهدافه الشخصية والحزبية”.
ويتابع “الصراع السياسي ينعكس على الواقع المحلي في جميع المحافظات خصوصا وأن منصب المحافظ له أهمية كبيرة ويعد واحدا من المناصب التنفيذية التي تمنح صلاحيات واسعة لصاحبها وهذه الصلاحيات تتيح للمحافظين تنفيذ مشاريع خدمية واسعة النطاق، والتي غالبا ما يتم الترويج لها كإنجازات شخصية قبيل الانتخابات، لذا تجد أن المسؤولين في السلطة المحلية التشريعية يحاولون تقييد عمل المناصب التنفيذية خصوصا وأن المحافظة ما زالت تعيش حراكا سياسيا وتشكيلات جديدة فالوضع العام غير مستقر حتى الآن في ذي قار”.
ويمثل الصراع السياسي القائم في ذي قار تهديدا حقيقيا لمستقبل المحافظة، وكان عشرة أعضاء في مجلس المحافظة قد أعلنوا عن تشكيل كتلة جديدة باسم “أبناء ذي قار”.
وكشفت مصادر سياسية في حينها أنها تحاول منع المحافظ من الاستفراد برأيه والعمل بمعزل عن مجلس المحافظة، وهي خطوة مستقبلية من توظيف المشاريع لصالح المحافظ في المستقبل او خلال العملية الانتخابية المقبلة.
فيما أشارت مصادر سياسية أخرى إلى أن تحالفا جديدا سيتم تشكيله بعد انسحاب أعضاء من الكتلة السابقة يضم 15 عضوا، وفي أولى خطواته سيعمل على عزل رئيس المجلس وقد يغير محافظ ذي قار أيضا ولكن الأمر قد ينعكس على بقية المحافظات الأخرى، خصوصا وأن اختيار رئيس مجلس ذي قار والمحافظ لم يتم إلا بعد أن تم اختيار محافظ المثنى.
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- 1291 مشروعًا عالقًا في العراق.. إنجازات على الورق وأطلال على الأرض!
- بالتعاون مع برنامج الاغذية العالمي من كربلاء.. العراق يصدر اول بطاقة زراعية الكترونية للمزارعين والمستثمرين
- فيها تدريبات على جهازي "الروبوت" و"اريكو": العتبة الحسينية تقيم ورشة عمل للمعالجين الطبيعيين من عموم العراق