تحدثت صحيفة "The National" الصادرة في الإمارات، عن خلل بصفقة الوقود العراقي مع لبنان، وقالت إن العراق لم يتسلم أي أموال أو خدمات مقابل ذلك كما ينص العقد الموقع عام 2021، والذي تعتزم لبنان تجديده ليبقى نافذاً حتى العام 2028، مبينة أن بيروت تدين للعراق بمبلغ 1.59 مليار دولار حالياً وهو مبلغ قد يرتفع إلى 5.45 مليار دولار خلال الأعوام الأربعة المقبلة.
وتقول الصحيفة في تقرير تابعته وكالة نون الخبرية، ان لبنان ستعتمد على إجراءات معقدة لاستيراد الوقود العراقي لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، رغم عدم وجود خطة سداد متفق عليها بين الحكومة اللبنانية ونظيرتها العراقية. وإن خطة استيراد الوقود العراقي المعقدة سيتم تمديدها حتى العام 2028.
يقول خبراء إن "الصفقة الحافلة بالمشاكل، يمكن أن تقيد لبنان وتؤخر انتقالها إلى مصادر الطاقة المتجددة".
وذكرت الصحيفة، إن "الوقود الثقيل الذي يقدمه العراق لا يلبي مواصفات الوقود المطلوبة في محطات الكهرباء اللبنانية، لذلك فإن الصفقة تتيح لبيروت مقايضته في السوق الدولية بأنواع أخرى من النفط مناسبة لمحطاتها، عبر تجار يحققون أرباحاً من خلال ذلك".
وبعد مرور ثلاث سنوات على توقيع الاتفاق، لم تدفع لبنان بعد للعراق ثمن النفط الذي حصلت عليه، وذلك لأسباب من بينها أن هناك بعض الشروط غير الواضحة في الاتفاقية، فالعقد المبرم بين الطرفين ينص على أن يودع لبنان أموالاً في حسابه بالدولار ويمكن للعراق سحبه بالليرة اللبنانية لإنفاقه (داخل السوق اللبنانية) على "السلع والخدمات"، مثل الخدمات الطبية.
وتضيف الصحيفة، ان "أسعار الصرف التي سيحصل بها العراق على الأموال بالليرة، وأيضاً طبيعة الخدمات التي سيحصل عليها، ليست واضحة".
ويؤكد التقرير، ان "العراق لم يتمكن حتى الآن من الحصول حتى على ما قيمته 550 مليون دولار من السلع أو الخدمات، وهي قيمة واردات العام الأول، المودعة في البنك المركزي اللبناني".
ويشير التقرير الى ان "الصفقة تجعل لبنان معتمداً على النفط الخام إذ يقوم باستبدال النفط العراقي الثقيل بزيت الغاز وزيت الوقود منخفض الكبريت، بدلاً من البدائل الأرخص مثل الغاز الطبيعي، أو مصادر الطاقة المتجددة النظيفة".
وتظهر الوثائق الجديدة أن لبنان تخطط للاعتماد على تجديد صفقة الوقود العراقية لإمداداته من الطاقة حتى العام 2028 على الأقل.
خطة الطوارئ الوطنية لقطاع الكهرباء في لبنان تعتزم زيادة حجم الصفقة مع العراق إلى 772 مليون دولار سنوياً، لتعزيز الطاقة الإنتاجية من 4 ساعات يومياً إلى 8 ساعات بحلول العام 2028.
هذه التقديرات تظهر أن الفاتورة المستحقة للعراق سترتفع إلى 5.45 مليارات دولار بحلول العام 2028، وهذا الوضع سيجعل لبنان معتمداً بشكل أساسي على الوقود الأحفوري، وسيبقى في الوقت نفسه عاجزاً عن توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة.
يقول خبير لبناني بمجال الطاقة إن "صفقة الوقود العراقية قنبلة موقوتة في ظل عدم وجود مصدر بديل للوقود، ومن المقرر أن ينتهي العقد في تشرين الأول المقبل، والعراقيون سيرغبون بمعرفة سبب عدم حصولهم على أي شيء في المقابل".
ويضيف "قبل صفقة العراق، هزت لبنان فضيحة الوقود الملوث ضمن اتفاقية مع الجزائر لاستيراد الوقود، نهاية عام 2020. إن ما صورته السلطات اللبنانية على أنه عقد لاستيراد الوقود من دولة إلى أخرى مع الجزائر، اتضح أنه يشمل شركات خارجية سرية تتقاضى أسعاراً باهظة مقابل الوقود منخفض الجودة".
ويؤكد ان "هذه الفضيحة أظهرت وجود شبكة من الفساد في لبنان تتضمن شحنات وقود ملوثة وفحوصاً مختبرية مزورة ورشوة منتشرة بين مسؤولي الدولة".
وبعد ظهور هذه الفضيحة لم يتم تجديد عقد توريد الوقود هذا، ما جعل لبنان بلا عقد توريد للوقود لأول مرة منذ العام 2005، ولهذا ومن أجل البحث عن مصدر بديل، وقع لبنان الاتفاق العراقي في تموز 2021 ثم جرى تمديده في العام 2023 لمدة عام إضافي لمليوني طن.
وبموجب شروط العقد، فإن أمام لبنان سنة واحدة لدفع ثمن كل شحنة وقود، إلا أنه بعد مرور 3 سنوات على توقيع الصفقة، لم يتلق العراق أي شيء.
إن لبنان يدين بالفعل للعراق بنحو 1.59 مليار دولار مقابل ملايين الأطنان من الوقود الذي استورده منذ العام 2021، وفقا لأرقام وزارة الطاقة والمياه، حيث يحتوي الحساب البنكي المخصص للعراقيين في مصرف لبنان على 550 مليون دولار، تمثل قيمة واردات السنة الأولى، لكن لم تتمكن الحكومة العراقية حتى الآن من الوصول إلى الأموال المقومة بالدولار.
وفيما يتعلق بـ"السلع والخدمات" التي من المفترض أن يحصل عليها العراقيون في لبنان بهذه الأموال، فإنه لم يتم تحديدها بعدُ، ولم يحصل العراق على أي منها إلى الآن، على الرغم من التقارير الإعلامية عن تقديم الخدمات الطبية.
ونقل التقرير عن مسؤول في وزارة الصحة العراقية قوله إن "الخدمات الطبية على الورق فقط ولم يحدث شيء في هذا المجال".
وخلص التقرير إلى أن الحكومة اللبنانية تراهن على ما يبدو على حسن علاقاتها الدبلوماسية مع العراق بما يمكنها من تخطي أي خلافات مالية محتملة، حيث تعتمد خطة الطوارئ المطروحة حالياً، على فرضية أن العقد العراقي سيتم تجديده.
أقرأ ايضاً
- الزراعة: الأسواق ستعود إلى وضعها الطبيعي غداً
- رغم المشاكل..العراق وتركيا يتفقان على زيادة التبادل التجاري
- النفط العراقي ينتعش ويتجاوز حاجز الـ70 دولارا