لا يخطر على بال احد ان تصبح مدينة سامراء المقدسة التي تضم اضرحة الامامين العسكريين علي الهادي والحسن العسكري (عليهما السلام) والتي شيدت في عهد الدولة العباسية عام (836)، وكانت عاصمة الخلافة العباسية، ومدينة ما زال التاريخ يتحدث عن عمرانها واثارها ومنشئاتها، وتتحول بين ليلة وضحاها الى مدينة بائسة متهالكة بعيدة كل البعد عن العمران الحضاري او تصلح ان تكون عاصمة للحضارة الاسلامية، هذه المدينة تفتقد للمستشفيات والمدارس والمستوصفات الصحية ومراكز الدفاع المدني والاسعاف الفوري والمتنزهات ومدن الالعاب، واصبحت مدينة شوارعها ترابية تتحول الى طينية شتاءً وترابية صيفا، ومعاناة اهلها لا تعد ولا تحصى.
معاناة مريرة
وانبرى المواطن ( ابو احمد السامرائي) من بين مجموعة من اهالي المدينة ليشرح حجم المعاناة الذي يعيشه سكانها لوكالة نون الخبرية بالقول ان" مدينة سامراء متهالكة وبائسة وتفتقر الى ابسط مقومات المدنية الحديثة ومعاناتها ونقص خدماتها في جميع الجوانب الخدمية والصحية والانسانية، رغم ان الوضع الامني مستقر وآمن جدا بفضل جهود جميع التشكيلات الامنية في المدينة وقياداتها العسكرية وقيادة سرايا السلام والشرطة الاتحادية والشرطة المحلية والنجدة، وهي اجواء تجعل المؤسسات الحكومية او المستثمرين او الشركات المنفذة للمشاريع يقبلون عليها بشكل كبير، وعندما سقطت بعض المدن بيد عصابات "داعش" الارهابية، ومنها المناطق المحيطة بمدينة سامراء مثل اقضية الدور والضلوعية والاسحاقي ويثرب، بقيت سامراء صامدة وانطلقت عمليات التحرير منها لحين تحقيق النصر النهائي، لكن الذي حصل ان كل المناطق التي وقعت بيد عصابات "داعش" اعيد اعمارها وبقيت سامراء على حالها، ومنذ اكثر من ثلاث سنوات نفذ مشروع مد شبكة مجاري جديدة للمدينة وقامت الجهة المنفذة بحفر جميع شوارع المدينة من اقصاها الى اقصاها واكملت الشبكة، وتركت جميع الشوارع منذ مدة طويلة دون تبليط او ارصفة، واصحبت حياة المواطنين جحيما ففي الشتاء تغرق الشوارع والاوحال والمياه والاطيان وصعوبة التنقل وفي الصيف التراب والغبار والامراض، فهل يعقل ان مدينة باكملها ترجع الى عصور التخلف الحضاري".
مستشفى قديم جدا
ويشير السامرائي الى معاناة في الجانب الصحي بقوله ان " في قضاء سامراء باكمله مستشفى واحد هو مستشفى سامراء العام الذي شيد قبل (54) عاما، وهي المستشفى الوحيدة التي تقدم الخدمات الطبية لاهالي المدينة التي يصل عدد نفوسهم حاليا الى حوالي (400) الف نسمة، بينما عندما شيدت كانت سامراء لا تشكل ربع هذه النسبة من السكان، فهل من المعقول هذا العدد من الناس تكفيهم مستشفى مضى على انشائنا اكثر من خمس عقود من الزمن؟".
وكان مدير مستشفى سامراء العام الدكتور محمد هاشم قد اكد في تصريحات صحفية لوكالة الانباء الرسمية ان " مستشفى سامراء الذي شيد عام 1970 يعاني الكثير من التخسفات تحت البنايات مما أدى إلى تشققات في جدران المستشفى"، مبينا، أن" الحكومة المحلية في المحافظة عالجت التشققات وأعادت تأهيل ردهة كاملة وجميع الخدمات فيه"، مبينا أن" المستشفى يعمل بكامل طاقته في الوقت الراهن وهو الأول في المحافظة بتقديم العلاجات للمرضى"، مبينا، أن" في الشهر الواحد تجرى أكثر من (700) عملية جراحية في المستشفى، كما يستقبل حوالي (12) الف مراجع".
ويعود "ابو احمد السامرائي ليبين هموم ابناء مدينته قائلا ان" جميع الخدمات في المدينة قليلة جدا، وان كانت هناك اعمال لكنها لا تسد حاجة اهالي المدينة، ولا تلبي طموحهم، وعلى سبيل المثال هناك مشروع يسمى المستشفى الالماني وهذا المشروع بوشر به قبل حوالي (10) سنوات، وكانت تجري فيه بعض الاعمال ثم يتوقف العمل، وهكذا الى الان لم يكتمل او يرى النور، وكان من المقرر له ان تكون سعته السريرية (400) سرير، لكنها تقلصت الى (100) سرير ورغم ذلك لم يكتمل بنائه، كما تفتقد مدينة سامراء الى بناء مستوصفات صحية جديدة لسد حاجة زيادة السكان، حيث وصلت احيائها الى اكثر من (20) حيا سكنيا بعد انشاء احياء جديدة في المدينة، وما موجود في سامراء مستوصفات صحية متهالكة شيدت قبل اكثر من (40) عاما، ولا تسد حاجة المواطنين، وعلى سبيل المثال حي الدوانم الذي انشأ حديثا فيه حوالي (5000) دار سكني ولا يوجد فيه مستوصف صحي".
شحة المدارس
واوضح ان" هناك شحة كبيرة في المدارس الابتدائية والمتوسطة والاعدادية للجنسين ، حيث يكون دوام اغلب المدارس ثلاثي وقليل منها ثنائي، وهناك احياء كاملة وكبيرة لا يوجد فيها الا مدرسة ابتدائية واحدة وصفوف كرفانية، بينما تركت المباني المدرسية التي كانت متهالكة وقررت الجهات المختصة اعادت تأهيلها على حالها دون اي تأهيل، وكذلك تركت مباني قسم التربية وغيرها دون بناء، ولا توجد مشاريع بناء مدارس جديدة لابنائنا وبناتنا الطلبة، باستثناء عدد قليل من المدارس ضمن مشروع العقد الصيني ولم يكتمل بناء اي مدرسة الى الان".
اسعاف واطفاء ومنتزهات
خدمات اخرى مفقودة يشير اليها بالقول " ان المدينة بسعتها واطرافها المترامية وكثافة سكانها لا يوجد فيها الا مركز اسعاف فوري واحد في منطقة حي المعلمين، اما مركز الاطفاء والدفاع المدني فيوجد مركز يتيم داخل المدينة وعلى ما اعتقد فيه (3) سيارات اطفاء فقط، ولا يوجد في المدينة او مرافق سياحية او ترفيهية بالرغم من انها مدينة دينية مقدسة فيها مرقدي الامامين العسكريين (عليهما السلام) واثار تاريخية من عهد الخلافة العباسية، فلا تتوفر مدن العاب للعائلات او الاطفال ولا متنزهات ولا وسائل يمكن للعائلات ان تقصدها خلال العطل او الاعياد او المناسبات، او حتى تكون محطات استراحة للعائلات العراقية او العربية او الاجنبية التي تزور المدينة وامكنتها المقدسة والأثرية، وما موجود في سامراء باكملها هو متنزه البلدية الواقع تحت اسلاك نقل الطاقة الكهربائية (الضغط العالي) ويعاني كثيرا من الاهمال، وهناك مجموعة العاب حديدية وبلاستيكية قرب ملوية سامراء متهالكة وتحيط بها النفايات من كل جانب ولا تصلح لتسميتها "العاب"، فضلا عن "مدينة العاب بالرغم من ان سامراء فيها وفرة للمياه لوجود سد سامراء وارضها زراعية، وهذا الحرمان يدفع الاهالي الى السفر من سامراء الى مدينة تكريت وقطع مسافة (100) كيلومتر ذهابا وايابا لاصطحاب الاطفال الى مدن الالعاب".
قاسم الحلفي ــ سامراء المقدسة
أقرأ ايضاً
- العتبة الحسينية اقامت له مجلس عزاء :ام لبنانية تلقت نبأ استشهاد ولدها بعد وصولها الى كربلاء المقدسة
- وسط دمار مدينة النبطية :مساعدات العتبة الحسينية الطبية والغذائية تصل مستشفى نبيه بري الحكومي(فيديو)
- موزعين على (350) موقعا سكنيا:العتبة الحسينية تقدم (22) الف وجبة طعام يوميا للوافدين اللبنانيين في كربلاء المقدسة