في ظل ضعف البنى التحتية وقلة تخطيط الشوارع والطرق الحيوية وعدم إكمال الحزمة الأولى من مشاريع فك الاختناقات المرورية، باشرت مديرية المرور العامة بتطبيق النظام المروري الذكي في تقاطعات وشوارع العاصمة بغداد، حيث دخل 140 تقاطعا في نظام الغرامات الإلكترونية عبر الكاميرات الذكية حيز التنفيذ، الأمر الذي أثار ردود أفعال غاضبة من قبل المواطنين، واصفين النظام بـ"المجحف" بحق السائقين في ظل شوارع تفتقر إلى أبسط الخدمات، إلا أن مديرية المرور أكدت أن هذه المنظومات وسيلة لضبط حركة السير والتقليل من الحوادث.
وكانت مديرية المرور العامة قد باشرت منتصف شهر تشرين الثاني 2023، بنصب منظومات كاميرات تسجيل المخالفات بشكل تجريبي، في أربعة تقاطعات داخل العاصمة بغداد، هي ملعب الشعب، شارع الربيعي، دار الأزياء، مول النخيل.
وبهذا الصدد، يقول سائق التكسي عمار كاظم (33 عاما)، إن "على الدولة إكمال تخطيط الشوارع وتأثيثها من ناحية الإنارة والتبليط قبل أن تقوم بتغريم المواطنين من خلال نظام الكاميرات الذكية".
ويضيف بغضب "هل من المعقول أن تكون شوارع غير مبلطة ولا تحتوي على أبسط الخدمات التي على الدولة توفيرها وتقوم بتغريم السائق عشرات الآلاف من الدنانير بسبب عدم ارتداء حزام الأمان؟".
ويتابع "البنى التحتية غائبة عن شوارع العاصمة وحتى المحافظات أيضا، ويبدو أن هذه الكاميرات وسيلة جديدة لنهب أموال المواطن الفقير بحجة المخالفات المرورية، على الحكومة أن تقوم بتوفير الخدمات ومن ثم محاسبة السائقين المخالفين ليكون هناك عدل في جباية الأموال".
وتشهد شوارع العاصمة بغداد آلاف المخلفات المرورية يومية وأبرزها عدم الالتزام بالإشارات الضوئية وتوجيهات رجال المرور والسير عكس الاتجاه، ما يتسبب بالعديد من الحوادث التي تفضي بعضها إلى الوفاة.
بدورها، تعبر المواطنة نور حسام (41 عاما)، عن فرحتها "فأنا أرى التزام المواطنين بالإشارات المرورية في أحد التقاطعات بجانب الرصافة من بغداد، كما أن جميع السائقين كانوا يرتدون حزام الأمان وليس هناك توقف من قبل السيارات على الأماكن المخصصة لعبور المواطنين في التقاطع".
وتكمل "غالبا ما أرى هذا الالتزام بالإشارات المرورية فقط عندما أسافر إلى خارج العراق وكنت كثيرا ما أتمنى أن يتم تطبيقها في العراق من أجل حفظ سلامة الجميع".
وتتابع حسام "في العراق غالبا ما يتم التجاوز والضغط على المرأة السائقة من قبل بعض المراهقين وعديمين الأخلاق، لكن الآن مع وجود هذه الكاميرات التي ترصد الكبيرة والصغيرة أصبحت النساء مطمئنات وبإمكانهن السير بحريتهن الآن".
وكانت مديرية المرور العامة قد أعلنت في وقت سابق، أنه تقرر المباشرة برصد المخالفات المرورية المنصوص عليها في قانون المرور رقم 8 لسنة 2019 وفرض الغرامات المرورية عليها اعتباراً من يوم الجمعة الموافق 2024/3/15 عبر كاميرات المراقبة الذكية ورادارات السرعة المثبتة على الطرق الدولية السريعة.
ودعت السائقين إلى الإسراع بالتسجيل في منصة أور الإلكترونية ليتسنى لها إرسال المخالفات المرورية عبر رسائل نصية إلى المخالفين لضمان عدم مضاعفة الغرامة.
من جانبه، يؤكد مدير العلاقات والإعلام في مديرية المرور العامة العميد زياد القيسي، أن "المديرية بدأت بفرض الغرامات على المخالفين من خلال الإشارات الضوئية الذكية وكذلك رادارات السرعة المثبتة في الخطوط السريعة".
ويبين أن "هنالك خمسة تقاطعات في جانب الرصافة وثلاثة طرق سريعة لهذه المنظمات، والمخلفات التي سيتم رصدها خمس، وهي عدم ارتداء حزام الأمان، خرق المسار الأيمن متعمدا أمام المركبات، القيادة بتهور ورعونة الانتقال من المسار الأيمن إلى الأيسر وعرقلة حركة السير والمرور، استخدام الهاتف النقال، عبور الخط الفاصل بين الإشارة الضوئية وخطوط العبور بالنسبة للتقاطعات، أما المخالفات التي ترصدها هذه الكاميرات في الخطوط السريعة فهي قيادة المركبة بتهور ورعونة، والسرعة الشديدة".
وبشأن ارتفاع مبالغ الغرامات، يوضح القيسي أن "المخالفات لها غرامات وفق القانون وهذه لا يمكن تغييرها إلا بالقانون أيضا، ومبالغ المخالفات من ثلاثة مستويات تبدأ بمبلغ 50 ألف دينار وتصل إلى 200 ألف دينار، وأي أحاديث عن أرقام تتجاوز هذه المبالغ غير صحيحة".
ويشدد أن "الغرض من تفعيل نظام الكاميرات الذكية ليس الحصول على الغرامات وإنما لكي يتم ضبط النظام في الشارع العراقي كما في دول العالم، حيث أن أي دولة عند زيارتك لها يلفت نظرك التزام المواطنين بالإشارات والتعليمات المرورية".
ويعد العراق من بين الدول الأكثر تسجيلا لحوادث السير لأسباب عدة أبرزها، عدم الالتزام بضوابط وتعليمات المرور، والسرعة المفرطة، والقيادة بتهور، إلى جانب تهالك معظم الشوارع والطرق الفرعية والرئيسية، وخصوصا السريعة والخارجية منها.
ودخلت العراق ملايين السيارات في العقدين الأخيرين، من دون أية توسعة في شبكة الطرق والجسور، ولا أي تحديث بوسائل النقل العام، في ظل قطع مستمر للعديد من الطرق الرئيسة والفرعية، لأسباب مختلفة بينها الأحداث الأمنية والتجاوزات عليها وتحويل بعضها لأماكن لوقوف السيارات.
بدوره، يلفت الخبير الاقتصادي مصطفى أكرم حنتوش، إلى أن "قانون المرور رقم 8 للعام 2000 نص على مضاعفة مبالغ الغرامات في حال عدم تسديدها، فإذا كانت الغرامة 20 ألف دينار ولم يتم تسديدها تصبح 40 ألف دينار، وبالتالي الغرامات الجديدة التي سيتم فرضها عبر منظومة الكاميرات الذكية قاسية نوعا ما".
ويكمل "المواطن مضطر لدفع غرامات كبيرة نتيجة تفعيل هذه الكاميرات الذكية، ويبدو أن الغرض من هذا النظام هو جمع الغرامات لإضافتها إلى ميزانية الدولة على حساب جيوب المواطنين ولا يوجد بديل غيرها حيث الدولة لم توفر بديلا عن السيارات كإنشاء محطات مترو أو توفير وسائل نقل نهرية أو باصات بديلة".
ويختم حنتوش أن "عملية جباية الإيرادات من المواطنين بشكل مباشر أو غير مباشر غير صحيحة وهذه العملية يطلق عليها في جميع دول العالم باقتصاديات تقليل النمو".
وحددت مديرية المرور التقاطعات والخطوط السريعة المشمولة برادارات السرعة والمخالفات المقرر رصدها، وهي تقاطعات، المثنى (ملعب الشعب)، حماة، شارع الربيعي، زيونة، شارع فلسطين (مول النخيل)، أما الخطوط السريعة المشمولة، فهي، طريق محمد القاسم، الدورة باتجاه اليوسفية (السريع الجديد)، من أعلى سيطرة 75 مدخل طريق اليوسفية باتجاه محافظة بابل.
وشددت على أن تكون السرعة المقررة حسب المسارات (المسار الأيمن 80 وبعده 100 وبعده 120 والأخير 120).
المصدر: صحيفة العالم الجديد
أقرأ ايضاً
- لا تقييم لعمل المحافظين.. والبرلمان "يتغاضى" عن سوء الخدمات
- تكاد تملك قوت يومها : امراة فقيرة تطعم الاف الزائرين امام دارها في "آل جويبر" بمحافظة ذي قار
- بعد 6 شهور على انعقادها.. هل فشلت مجالس المحافظات باختبار الخدمات؟