بقلم: القاضي عامر حسن شنته
يكتسب الحديث عن الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات،أهمية مضاعفة في الوقت الراهن. بوصفه الوجه الأبرز والأحدث للتطور التكنولوجي في القرن الواحد والعشرين لغاية الآن.
والذكاء الاصطناعي، كما يعرفه البعض، بأنه التكنلوجيا التي تقوم على التطبيقات البرمجية، القادرة على محاكاة وظائف معينة للذكاء البشري، وقدرته على التحليل، واتخاذ القرار.
ولا يتوقف اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي على خيار القطاعات المختلفة، بعد أن تحول إلى مسار، سوف يسلكه الجميع عاجلاً ام آجلاً.
وأصبح كل ما يدور من حديث حوله، هو حديث يتعلق بالاطار القانوني والتنظيمي والأخلاقي، الذي يجب أن يحكم استخدامات الذكاء الاصطناعي.
والقضاء ليس ببعيد عن أمكانية الدخول في مسار الذكاء الاصطناعي، وقد بدأت العديد من الدول، في العمل فعلياً باستخدامات محدودة، تتعلق بتطبيق الذكاء الاصطناعي، على بعض القضايا البسيطة، مثل مخالفات السير، وقرارات إطلاق سراح المتهمين بكفالة، بناءً على تحليل الأنماط الإجرامية، ونوع الجرائم المرتكبة، وتحديد درجة الخشية من هروب المتهم.
ويحقق استخدام الذكاء الاصطناعي، ميزات متعددة، منها أتمتة القوانين والقضايا والقرارات، التي تعين القاضي على سرعة الوصول، إلى القوانين الواجبة التطبيق، والقرارات التي يجب ان تتخذ، من خلال تحليل أنظمة الذكاء الاصطناعي للدعاوى المشابهة، والتي تؤدي في النهاية، إلى سرعة حسم القضايا، والتقليل من نسبة الخطأ والتناقض في الأحكام.
ولكن اللجوء إلى الذكاء الاصطناعي تعتريه عدة مخاطر، إذ قد ينتج عنه الوصول إلى نتائج متحيزة، بناءً على البيانات المتحيزة، التي تتم تغذية أنظمة الذكاء الاصطناعي بها لأول مرة.
وغياب دور القاضي، في إصدار القرارات، وتحديد العقوبة المناسبة لكل متهم في ضوء ظروف كل دعوى، ومنها مبدأ تفريد العقاب.
كما ينتج عن استخدام الذكاء الاصطناعي في مجالات الحياة كافة، جرائم مستحدثة تحتاج الى معالجات تشريعية وقضائية مختلفة عن المعالجات السائدة، لتحديد الشخص المسؤول عن تلك الجرائم، إذ يتسائل البعض في حال وقوع حادث للسيارات ذاتية القيادة، عن المسؤول عن ذلك الحادث، مالك السيارة أم المصنع، أم مصمم البرمجيات؟ وكذلك الحال في حال حصول خطأ طبي في عملية جراحية أُجريت من قبل أنظمة الذكاء الاصطناعي، وغيرها من المخاوف التي لا مجال لذكرها في هذا المقال المختصر.
كما ينتج عن استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي، جملة من التحديات، لعل أهمها تلك المتعلقة، بوجود تشريع يبيح استخدامه، وينص على الجهة الناظمة له، ويضع الضوابط الكفيلة بتحقيق المساءلة والشفافية للمسؤولين عنه، ففي انكلترا أدى خطأ حسابي بسيط أدرج في الشكل الرسمي المستخدم في قضايا الطلاق، إلى حساب خاطئ لنفقة الأطفال في (3600) حالة على مدى (19) شهراً.
تلك المخاوف والتحديات،باتت تؤرق الدول، وتدفعها إلى سباق مع الزمن، لإيجاد الحلول القانونية والتنظيمية والأخلاقية، التي يجب أن تحكم استخدام الذكاء الاصطناعي في القطاعات كافة، ومنها قطاع العدالة. والتي يسميها البعض (العدالة التنبؤية)، القائمة على استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي، والدخول في حوارات تشاركية مع المختصين تقنياً بذلك.
وقد بدأ مجلس القضاء الأعلى في العراق، بالدخول فعلياً في هذه الجهود، من خلال التعاون مع منظمة اليونسكو في العراق، لتدريب أكثر من مائة قاض، كمرحلة أولى، وذلك بإدخالهم في دورات تدريبية في معهد التطوير القضائي، بهدف تحقيق الدراية المعلوماتية، ومحو الأمية التقنية. وصولاً إلى إعداد قضاة قادرون على التعامل مع القضايا الناشئة عن استخدامات الذكاء الاصطناعي، الذي بات مساراً حتمياً لابد منه،كما يرى المختصون.
أقرأ ايضاً
- دور الذكاء الاصطناعي في إجراءات التحقيق الجزائي
- الذكاء الاصطناعي الثورة القادمة في مكافحة الفساد
- المسؤولية المدنية المترتبة عن استخدام الذكاء الاصطناعي