رغم تجاوز عمرها العقد السبعيني وتحملها لتعب السنين العجاف وما مر به العراق من مآسي وحرمان، الا انها تحمل في طيات وجهها المتعب طيبة الام العراقية، ولدت ونشأت وترعرعت في مدينة كربلاء المقدسة وتعلق قلبها بحب النبي والوصي وابنائه وعترته من تلك المدينة التي ما زال جرح الحسين (عليه السلام) يأن من هول جريمتها، وشاركت في جميع الفعاليات التي تؤدى، ثم انتقلت الى ميدنة الحرية في بغداد، وتزوجت وانجنبت وبقيت على عهدها مع محمد وآل محمد، حتى دأبت منذ سنوات على نصب موكبا لخدمة زائري الامام موسى بن جعفر (عيله السلام)، لتقدم لهم ثماني انواع من الشاي والقهوة على مدى ثلاثة اسابيع تقريبا.
عشق منذ الطفولة
تقول الحاجة صبيحة عيدان فريح (ام حيدر) البالغة من العمر (72) عاما لوكالة نون الخبرية ان" ولادتي كانت في المدينة القديمة بمحافظة كربلاء المقدسة، وتعلمنا عشق الحسين (عليه السلام)، وخدمته منذ نعومة اظفارنا، حيث دأبنا على تهيئة الاباريق و"حب الماء" المصنوعة من الفخار، للزائرين لشرب الماء والوضوء، وتعودنا منذ صغرنا عندما تلبسنا امنا الدشاديش السوداء ان موسم عاشوراء قد حل علينا، وحضرت منذ طفولتي مجالس العزاء النسائية حيث كانت والدتي تصطحبنا معها، ونوزع طعام الثواب الذي تطبخه امي على الجيران ونشارك في اللطم والتعزيات، وكبرت وتزوجت من رجل دين من اهالي النجف، وكرسنا حياتنا لخدمة آل البيت، وفي العام (1974) اي قبل خمسون عاما جئنا لنسكن في العاصمة بغداد، بمنطقة الحرية ولم تتوقف خدمتنا لمحمد وآل محمد، واصبحت ادعو (الملايات) والجيران والمعارف لاقامة العزاء الحسيني في بيتي بالخفية ودون رفع الصوت، كما تكفلت بطبخ الطعام وتوزيعه على الجيران عن طريق الاطفال سرا، رغم ضروف المنع الذي مارسته السلطة الغاشمة حينها على اقامة جميع الشعائر الحسينية".
الخدمة والموكب
وتكمل "ام حيدر" حديثها بالقول ان" السنين التي تلت سقوط النظام المباد وانطلاق مسيرات الزائرين في الاربعينية وبعدها في زيارة ذكرى استشهاد الامام موسى الكاظم (عليه السلام)، لم نكن نتوقع سير مثل تلك الحشود فيها، ولا توجد مواكب تكفي لخدمتهم، فقمت مع عدد من نساء المنطقة بطبخ مختلف انواع الطعام وحسب الامكانية المالية ووزعت على "المشاية"، وهكذا درجنا على هذه الخدمة كل عام، حتى قررت ان انصب موكب حسيني على الطريق الرابط بين الكاظمية وحي العدل، واستحصلت الموافقات من هيئة المواكب وتمكنت من الحصول على مكان مناسب على الطريق، واستعنت باحد الحدادين الذي ساعدني كثيرا في بناء خيمة الموكب وركائزها الحديدية بمبلغ (300) الف دينار، وعندما وجدت ان كل المواكب المجاورة لي تقدم مختلف انواع الطعام، ولكوني اعمل بمفردي في الموكب، قررت ان اقدم الشاي باربع انواع (السيلاني والكجرات الاحمر والخضر والحامض) كما اقدم معها اربع انواع من القهوة هي ( المرة والحلوة والجكليتية والفستقية)، واعمل من الصباح الباكر الى بعد منتصف الليل، وابيت ايام عدة في الموكب، واصبح لي زبائن كثيرين من بغداد والمحافظات ومنهم من يقوم بدعم الموكب بالشاي والسكر والقهوة، واستمر بالعمل لمدة (18) يوما اقدم مشروباتي للمارين واصحاب السيارات، واجمع مبالغ من راتبي التقاعدي طوال العام لانفقها على الموكب في الزيارة الرجبية ذكرى استشهاد الامام الكاظم (عليه السلام)، مع بعض المساهمات التي تصلني واقوم بنقل مواد الموكب بتأجير سيارات خاصة، واشعر بالسعادة وانا اسقي زوار "ابي الرضا" الذين يسيرون متعبين منهكين على اقدامهم من محافظات عدة".
قاسم الحلفي ــ الكاظمية المقدسة
أقرأ ايضاً
- في محافظة اللاذقية السورية :العتبة الحسينية توزع المساعدات على اللبنانين حتى ساعات متأخرة(فيديو)
- فزعة "حسينية كربلائية" :العتبة الحسينية تأوي النازحين اللبنانيين واهالي كربلاء يساندون جهودها
- تقصدها عوائلهم:مقبرة تجمع زوار الامام الحسين "الغرباء" ومن جنسيات غير عراقية في مكان واحد (فيديو)