بقلم: القاضي إياد محسن ضمد
ينقل الكاتب المصري مدحت نافع عن باحثين في جامعة فرجينيا استخدام مصطلح اقتصاديات الزواج والطلاق في دراساتهم الأسرية، وهذا العنوان الصادم يؤشر إلى أن الزواج لم يعد مجرد وسيلة لإشباع الجانب العاطفي والغرائزي لدى الأفراد، لأنه سينتهي وتتفكك عرى الرابطة الزوجية بمجرد إشباع تلك الغرائز، بل الزواج مشروع اجتماعي متكامل يهدف إلى إنشاء منظومة أسرية توفر السكينة الاجتماعية والجسدية للأفراد وتساعد في الحصول على شريك يكمل معنا مسيرة الحياة، كذلك لإشباع غريزة الأبوة والامومة في حالة الإنجاب.
وانطلاقا من هذا الفهم المتكامل لمشروع الزواج فانه يحتاج إلى أن يكون الزوجان على وعي عالٍ ومتطور بمفهوم اقتصاديات الزواج من خلال تهيئة متطلبات المعيشة المناسبة كذلك توفير الأموال التي تؤمن مستوى تعليميا وصحيا مناسبا للعائلة وتضمن توزيع الموارد المالية بعدالة داخل الأسرة إضافة إلى ضرورة توفر وعي مناسب لكلا الزوجين يمكنهما من إدارة الخلافات والأزمات التي تعصف بالحياة الزوجية بنجاح وكيفية إدارة لحظة الانهيار النفسي بحكمة وتروٍّ ومنعها من أن تنهي الحياة الزوجية.
كذلك فإن الطلاق له اقتصاديات تمس في جانب منها الزوج من خلال ما يترتب بذمته من نفقات الأولاد والحضانة ومهر معجل ومؤجل وتمس في الجانب الآخر منها الزوجة من خلال تحملها أعباء الحياة منفردة بدون سند او معيل وباعتقادي فان اغلب أبنائنا من الشباب والفتيات ممن يلجؤون للطلاق كخيار لإنهاء الخلافات الزوجية فانهم ليسوا على دراية بمعادلة اقتصاديات الزواج والطلاق وهذا ما تفصح عنه الأرقام الصادمة والمخيفة التي تتضمنها إحصائيات مجلس القضاء الأعلى عن نسب الطلاق إذ أشارت هذه الإحصائيات إلى حصول أكثر من سبعين ألف حالة طلاق في العراق للعام ٢٠٢٢ وهذا الرقم يؤشر الى ظاهرة انحلال اسري وقيمي تضرب المجتمع العراقي في عمق تكوينه ووجوده مما يستلزم موقف تتبناه الدولة والمؤسسات المعنية بشؤون الأسرة للوقوف على أسباب تزايد هذه الظاهرة ووضع السبل الكفيلة للحد من حصولها حفاظا على بناء الاسر العراقية وديمومة وجودها وزيادة وعي الشباب والفتيات بالمتطلبات الاقتصادية للزواج والطلاق وما يترتب على كل منهما من آثار تلازم الفرد طيلة حياته.
أقرأ ايضاً
- سيناريو انتاج النفط الأمريكي: بداية امتصاص اقتصاديات الفائض
- مؤاخاة الصدر والعبادي كالزواج الكاثوليكي
- غلاء المهور إهانة لقدسية الزواج