بقلم:عباس الصباغ
شعار طالما قرأناه منذ أن وعينا وادركنا مقاصده وغاياته في الحفاظ على حياتنا وتحقيق الحد الادنى ـ في الاقل ـ من سلامة العيش بعيدا عن المخاطر المحدقة بنا كالحرائق التي صار يتعرض لها المشهد العراقي كل يوم وصارت وكالات الانباء تنقل اخبارها بالجملة كأنها شيء روتيني ويومي سواء في المنشآت والمنازل ويكون التماس الكهربائي هو السبب عادة او بسبب سوء التخطيط والغش المعماري والاهمال الاداري ، او في المزارع والبساتين ويكون الفاعل "مجهولا" او بسبب عبث الاطفال وغيرها من المسببات التي تؤدي الى الدمار الماحق . كنا نمر مرور الكرام حول شعار (السلامة اولا ) يومها لم تكن الحرائق متعددة الاسباب وبالجملة ظاهرة ملفتة للنظر بل كانت تمثل احداثا عرضية ضمن مبدأ القضاء والقدر المصحوب بأمنية (دفع الله ماكان اعظم ) ، ولكن هل يوجد اعظم من حادث يؤدي بكل بساطة الى استشهاد مئات الضحايا حرقا ودهسا واختناقا وتحوّل البعض الى اشلاء متفحمة والعرس الى مجزرة جماعية فما حدث في (بغديدي) الشهيدة هو الشروع في ابادة جماعية وبفعل "فاعل" لاتنفع في تفسيره كل نظريات القضاء والقدر والحظ والبخت والقسمة والنصيب ودفع الله ما كان اعظم ونحن نعيش العقد الثاني في الالفية الثالثة فلم يعد (السلامة اولا ) مجرد شعار او ترف فكري ومصفوفات لغوية جوفاء تجترها الالسن ، وليس من المقبول او المعقول ونحن نعيش في فورة التقدم العلمي و التكنلوجي والذكاء الاصطناعي ان يموت الناس ببساطة متناهية لمجرد خطأ معماري بسيط وتافه او لغش اداري سببه الفساد المتعمد او مشاعل اطفال ، بل يجب اعتماد اجراءات فعلية وطنية شاملة بعيدا عن المؤتمرات والورش التي لايستخلص منها سوى الكلام الفارغ والاماني النرجسية غير المتحققة ، وذلك بالتغيير الحتمي والالزامي وليس الشكلي الاجرائي ((وذلك بمراجعة جميع المواقع التي من المحتمل ان تكون مثل قاعة اعراس الحمدانية وهي تربو على (سبعة الاف موقع) كقاعات الاعراس والمدارس والمولات والكوفيات مع حظر جميع مواد البناء الممنوعة والتي قد تدخل خِلسة في البناء بسبب الجهل او الفساد او اللامبالاة او تقديم الرشى وغير ذلك)) ، و((يجب اجراء مسح موقعي شامل لجميع المواقع المشمولة بل جميع المواقع واجبار اصحابها على الرضوخ لشروط السلامة الوطنية التي تقررها الجهات المختصة كالدفاع المدني ووزارة الداخلية ومحاسبة المقصرين في غض النظر عن مواد البناء المحظورة او تسهيل التعامل بها )) ويستدعي ذلك التحرك العاجل لعدم تكرار ماحدث في قاعة اعراس الحمدانية وليس انتظار "المصائب " اللاحقة بدون التهيؤ لمواجهة الازمات لان استمرار الحرائق خاصة في الصيف اللاهب وهو مايجري حاليا هو بحد ذاته ازمة يجب التصدي لها ووضع الحلول الناجعة لها وليس التباكي عليها وتوقع حدوثها فالإجراء الصحيح هو منع تكرارها وليس ترقيعها لأي سبب كان سواء أ كان هندسيا ام فنيا ام غشا معماريا او لسبب الجهل والفساد وقلة الوعي او لفعل "فاعل" مجهول وقد اجتمعت كل تلك الاسباب في قاعة اعراس الحمدانية للأسف. ولن يتحقق شعار السلامة اولا دون تحقيق شروط السلامة الوطنية المتخذة في مديرية الدفاع المدني ووزارة الداخلية بحذافيرها.
أقرأ ايضاً
- القوامة الزوجية.. مراجعة في المفهوم والسياق ومحاولات الإسقاط
- اغتيال الامام علي بن ابي طالب (ع) اول محاولات القضاء على الدين والعدالة
- الحزام والطريق ..العراق اولا